تحتدم المنافسة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بين حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وبين "تحالف الجنرالات" الذي يقوده غادي أيزنكوت، وسط حالة استقطاب حادة بين الجانبين مدفوعة بنتائج استطلاعات تشير إلى تقارب كبير في النتائج المتوقعة للانتخابات، التي ستجرى يوم التاسع من نيسان/ أبريل القادم.
ورغم ملفات الفساد التي تلاحق نتنياهو، إلا أن الرأي العام لدى الناخبين في المجتمع الإسرائيلي يرجح كفة نتنياهو في الانتخابات، على حساب منافسيه، بحسب محللين. فما الذي يدفع الإسرائيليين لانتخاب نتنياهو؟
وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيخاي ماندلبليت، اتهم نتنياهو في الثامن والعشرين من شباط/ فبراير الماضي بـ"الفساد وتلقي الرشوة وخيانة الأمانة" في القضايا التي أجري التحقيق معه فيها.
وقرر ماندلبليت "تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في الملف المعروف إعلاميا بـ(ملف 4000)، ويتهم فيه بتلقي الرشوة، فيما اتهم بخيانة الأمانة العامة والاحتيال في الملف رقم 1000، والذي يتعلق بتلقي عائلة نتنياهو هدايا بشكل مخالف للقانون الإسرائيلي، واتهم أيضا بخيانة الأمانة العامة في الملف 2000،ويتعلق بصفقة بين نتنياهو وناشر صحيفة يديعوت أحرونوت تهدف للحد من توزيع صحيفة (إسرائيل اليوم) الموالية لنتنياهو".
ويواجه نتنياهو، في الانتخابات المقبلة منافسة شرسة من قبل تحالف "أزرق-أبيض" الذي يقوده جنرالات سابقون في الجيش.
ونشأ التحالف المذكور مؤخرا عن اتحاد حزب "حصانة إسرائيل" (وسط) بزعامة بيني غانتس، و"هناك مستقبل" (وسط ليبرالي) بزعامة مائير لبيد.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، قال إن نتنياهو ما زال يتمتع بقوة كبيرة رغم المنافسة الشديدة التي يواجهها من تحالف الجنرالات بقيادة بيني غانتس، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب في كثير من النتائج.
وحول أسباب رجاحة كفة نتنياهو في الانتخابات على حساب منافسيه قال مجلي لـ"عربي21"، إن المجتمع الإسرائيلي "تغيرت قناعاته، إذ أصبح أكبر تقبلا لفساد الساسة، ويرجع هذا إلى تراجع القيم والديمقراطية في إسرائيل، واقتراب المجتمع شيئا فشيئا نحو دول العالم الثالث في سلوكه وطريقة تفكيره".
اقرأ أيضا: بعد اتهامه بالفساد.. هذا هو التحدي الأكبر أمام نتنياهو
وفي سبب آخر قال مجلي، إن حالة عدم الثقة في المجتمع الإسرائيلي تجاه الشرطة الإسرائيلية التي تحقق في قضايا الفساد مع نتنياهو، جاءت لصالحه، فهي (الشرطة) من المؤسسات التي لا تحظى بثقة الجمهور الإسرائيلي، بل إنهم يعتبرونها فاسدة، الأمر الذي يستفيد منه نتنياهو بشكل كبير.
ورأى أيضا أن نتنياهو مطمئن للتأييد المعلن من الأحزاب الدينية التي لا ترى أحدا غيره، يمكن أن يتعاطى مع توجهاتها المتطرفة.
وأردف: "الأحزاب الدينية تعتبر نفسها من اليمن، وتعلن من الآن أنها ستدعم نتنياهو، وهو بذلك قد ضمن كتلة مؤيدة لا يستهان بها، فيما يحتاج معسكر غانتس إلى أصوات العرب الذين يرونه مجرما ولا يختلف عن نتنياهو في سياسته القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وهذا ما يعطي قوة إضافية لنتنياهو".
لكن مجلي أشار إلى أن المفاجآت ما زالت متوقعة، وربما تنقلب الأمور في اللحظات الأخيرة سواء لصالح نتنياهو أم لصالح خصومه.
وتابع: "المعركة قاسية جدا، وفيها أساليب لا ترحم، وكلا الطرفين يستعد لاستخراج أسلحة جديدة من كمه خلال فترة الدعاية الانتخابية التي تبقى منها حوالي الشهر، وهذا قد يجعل المعركة تحسم لصالح أحد الأطراف، في الوقت الأخير قبيل الانتخابات".
من جهته قال المحلل السياسي هاني حبيب، إن مجريات الحملة الانتخابية في إسرائيل تنصب حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مقللا من تداعيات توجيه لائحة اتهام بالفساد ضد نتنياهو.
وقال، إن قضايا الصراع "ستستمر بشكل أكثر قوة وتأثيرا على المستويات السياسية في الدولة العبرية إلى ما بعد الانتخابات، وستكون محورا أساسيا في تشكيل الحكومة المقبلة، وفي الغالب برئاسة نتنياهو مجددا".
ولفت الخبير في مقال له، نشرته صحيفة الأيام الفلسطينية، واطلعت عليه "عربي21"، إلى أن نتنياهو يستفيد من علاقته المميزة مع الإدارة الأمريكية لتطبيق سياساته، حيث وضع لمساته على الخطة الأمريكية المنوي طرحها (صفقة القرن).
وأضاف: "ما تم نشره وتسريبه من الخطة الأمريكية، يلتقي في معظم زواياه وتفاصيله مع السياسة التي اعتمدها نتنياهو خلال رئاساته المتكررة للحكومة الإسرائيلية، فهناك نهاية لما يسمى "حل الدولتين"، ولن يندفع نتنياهو لضم الضفة الغربية رسميا إلى الدولة العبرية، وفي الوقت نفسه، تم اعتماد الحلول الاقتصادية كبديل عن الحل السياسي، فضلا عن تركيزه على الخطر الإيراني، والمضي قدما في عملية التطبيع مع بعض الدول العربية، مع التمسك المطلق بيهودية الدولة العبرية".
وشدد على أن السيناريوهات التي خلصت إلى أن هناك تغيرات في توجهات الرأي العام الإسرائيلي في سياق الانتخابات ستتغير ضد نتنياهو، لم تكن أكثر من ترجيحات وتوقعات أثبتت نتائج عدة استطلاعات للرأي قبل وبعد توجيه لائحة اتهام ضده، عدم صحتها، وأنها قراءة خاطئة للتوجهات الانتخابية لدى الرأي العام الإسرائيلي، بل إن بعض استطلاعات الرأي منحت "الليكود" برئاسة نتنياهو مقاعد إضافية، بعد توجيه لائحة الاتهام ضده.
اقرأ أيضا: تفوق تحالف غانتس ولبيد على نتنياهو في ثالث استطلاع
ولفت حبيب إلى استطلاع "مثير جدا"، أجراه الباحث السياسي في جامعة حيفا، دورون نيفوت، ونشرته صحيفة "هآرتس" قبل أيام، يبين أن الجمهور يعتبر نتنياهو فاسدا، لكنه لا يثق بالمستشار القضائي مندلبليت، حيث رأى 75 بالمئة من المستطلعين أن أجهزة تطبيق القانون مشاركة في محاولة الإطاحة بنتنياهو، فيما قال 80 بالمئة إنهم لا يثقون بالشرطة، و90 بالمئة لا يثقون بوسائل الإعلام.
"والنتيجة المستخلصة من هذا الاستطلاع تقول: نعم، نتنياهو فاسد، لكن هناك عدم ثقة بالقضاء والشرطة، والإعلام، لذلك، فإن هذا الجمهور متمسك بنتنياهو"، بحسب المحلل السياسي.
نظرة فاحصة.. ماذا بعد قضايا الفساد ضد نتنياهو؟
التطبيع.. ورقة نتنياهو الرابحة للفوز في انتخابات "الكنيست"
تحالف نتنياهو مع أحفاد كاهانا يثير خلافا مع يهود العالم