تسبب الضغط الشعبي والحراك الذي انطلق في الجزائر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، بإعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تراجعه عن الترشح للانتخابات المقبلة ومن ثم تأجيلها، واتخذ قرارات عدة في محاولة لتهدئة الشارع الجزائري.
وقال بوتفليقة في رسالته التي بثتها وكالة الأنباء
الجزائرية مساء الاثنين إنه "لا محل لعهدة خامسة، بل إنني لم أنو قط الإقدام
على طلبها حيث أن حالتي الصحية وسني لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه
الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسس جمهورية جديدة".
وجاءت رسالة بوتفليقة رغم أنه تقدم بأوراق ترشحه
للجنة الانتخابية، ما دفع الشعب الجزائري للخروج بمظاهرات سلمية تطالب برحيل
بوتفليقة وتغيير النظام، إلى جانب إجراء إصلاحات سياسية لإنقاذ البلاد من المشاكل
التي تعاني منها على مدار سنوات.
ورغم قرارات بوتفليقة، خرجت احتجاجات طلابية
الثلاثاء، مشددة على رفضها لتمديد العهدة الرابعة، وتدعو إلى تغيير النظام واحترام
الدستور.
اقرأ أيضا: بوتفليقة يتراجع عن الترشح ويؤجل الانتخابات.. والحكومة تستقيل
وعرفت العديد من الولايات الجزائرية الثلاثاء، وقفات
ومسيرات شارك فيها أساتذة وطلبة وتلاميذ، رفعوا خلالها شعارات تؤكد على مواصلة
النضال من أجل جزائر حرة ديمقراطية، وأخرى تطالب باحترام المؤسسات ودستور وقوانين
الجمهورية.
ونزل الآلاف إلى شوارع عدة مدن مطالبين بتغيير سياسي
فوري، بعد أن قرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لعهدة خامسة.
ودشن نشطاء شبكات التواصل اجتماعي حملة بشعار
"لا لتمديد العهدة الرابعة"، داعين الجميع إلى المشاركة في المسيرات
الاحتجاجية الجمعة المقبل.
وفي هذا السياق، أكدت الصحفية الجزائرية ليلى حداد
أن "الحراك الشعبي سيتواصل، ولن يتوقف عند قرارات بوتفليقة"، مضيفة أن
"مطالب الشعب هي رحيل النظام بشكل كامل وليس بوتفليقة فقط".
ورأت حداد في حديث لـ"عربي21" أن قرارات
الرئيس الجزائري بوتفليقة أمس الاثنين، كانت "خادعة" وتتناقض مع خطواته
السابقة، وتهدف بشكل أساسي لامتصاص الغضب الشعبي، مشيرة إلى أن "شباب الجزائر
اعتقد فور سماعه رسالة بوتفليقة أنه استجاب لكافة المطالب".
اقرأ أيضا: هكذا ينظر الجزائريون لتحول الحراك الشعبي إلى عصيان مدني
واستدركت بقولها: "لكن ما حدث شكل أكبر خدعة
للشعب الجزائري"، مشددة في الوقت ذاته على أن الشعب والشباب مدركون لهذه
الخدعة، ويمتلكون وعيا لمواصلة حراكهم السلمي حتى تغيير النظام بشكل كامل، دون
الالتفاف عليهم.
وتابعت حداد: "أعتقد أننا سنواصل هذه
الاحتجاجات على شكل مظاهرات سلمية وربما تتطور إلى إضراب عام أو عصيان مدني"،
منوهة إلى أن "هناك دعوات لمسيرات ضخمة الجمعة المقبلة، للرد على قرارات
بوتفليقة".
وذكرت أن الشعب الجزائري يطالب بحقوقه ولا يريد سوى
"انتخابات شفافة"، معتقدة أنه "لو جرت هذه الانتخابات بنزاهة وكان
أحد المرشحين ذا توجه إسلامي فسيفوز بنسبة لا تقل عن 70 بالمئة"، بحسب تقدير
الصحفية الجزائرية.
وتوقعت حداد أن "تنتهي هذه الاحتجاجات
والمسيرات السلمية بإسقاط بوتفليقة ونظامه، في ظل وعي الشارع وفهمه لما يدور على
الأرض".
وكان الصحفي الجزائري حسام تكالي قال في حديث
لـ"عربي21" إنه "في حال استمرت المظاهرات بهذا الزخم، فسيتم تأجيل
الانتخابات"، مشيرا إلى أن "زخم الاحتجاجات في حد ذاته أداة فعالة،
وهناك فعاليات مدنية عدة انضمت للحراك من طلاب ومحامين وصحفيين ونقابات
عمال".
وأكد تكالي أن أغلبية الشارع الجزائري يرى أن
"المضي في السلمية أسلم وأكثر نضجا"، وذلك بعد دعوات انطلقت بداية هذا
الأسبوع تطالب بتوسيع الحراك بالعصيان المدني.
وفي الموضوع ذاته، ذكر السياسي الجزائري مصطفى
بوشاشي أن "مطلب الجزائريات والجزائريين لا يتمثل فقط في تأجيل الانتخابات
وعدم تشرح الرئيس، بل يطالب أيضا بمرحلة انتقالية بحكومة توافق وطني"، معتبرا
أن قرارات بوتفليقة تمثل "انتصارا جزئيا".
وطالب بوشاشي خلال تسجيل مصور، بضرورة عدم الالتفاف
حول "رغبة الشعب الجزائري في الذهاب إلى انتخابات حقيقية وإلى ديمقراطية
حقيقة"، مضيفا أنه "في اعتقادي فإن الحكومة يجب أن تكون نتيجة مشاورات
واسعة".
هذا هو رئيس وزراء الجزائر الجديد
هكذا ينظر الجزائريون لتحول الحراك الشعبي إلى عصيان مدني
مراقبون يقرأون لـ"عربي21" خطاب قائد الجيش الجزائري