نشرت مجلة "ذي أتلانتك" تقريرا للصحافية كاثي غيلسينان، تقول فيه إن دونالد ترامب قلب مرة أخرى عقودا من السياسة الأمريكية رأسا على عقب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب أعلن من خلال التغريد على "تويتر"، يوم الثلاثاء بأن على أمريكا الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهي منطقة متنازع عليها احتلتها اسرائيل عام 1967 في حربها مع سوريا، وقال إن المنطقة "ذات أهمية استراتيجية وأمنية حرجة لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي".
وتقول غيلسينان إن توقيت الإعلان قبل الانتخابات الإسرائيلية في 9 نيسان/ ابريل جلب العديد من الاتهامات، بأن الهدف منها هو دعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تحديا كبيرا، بالاضافة إلى احتمال توجيه تهم له بالفساد.
وتلفت المجلة إلى أنه بعد ان تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في أيار/ مايو الماضي، فإن هذه هي المرة الثانية التي يقوم فيها ترامب بتغيير موقف أمريكي تجاه إسرائيل استمر عقودا، فبدا أنه يعطي هدية كبيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي دون الحصول مقابل ذلك على أي تنازلات، مستدركة بأن الضغط على ترامب للقيام بذلك التحرك جرى على مدى أكثر من عام، من خلال جهود متوازية من المسؤولين الإسرائيليين وأعضاء الكونغرس.
ويفيد التقرير بأن السيناتور تيد كروز كان يرسم خطة الصيف الماضي لفرض سيطرة إسرائيل على المنطقة، التي ضمتها فعليا عام 1981، مشيرا إلى أن التبرير لذلك يتعلق بإيران أكثر من ارتباطه بإسرائيل، خاصة أن إيران تقوي من نفوذها في سوريا من خلال حزب الله اللبناني وتهديد الحدود الإسرائيلية مباشرة.
وتنوه الكاتبة إلى أنه تمت مناقشة القضية على أعلى المستويات في وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي، بحسب مارك دابوويتز، الذي كتب مقالا في شباط/ فبراير 2017، يدعو فيه للاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان، مشيرة إلى أن مجلس الأمن القومي يرفض التعليق على المجريات الداخلية، بالإضافة إلى أن وزارة الخارجية لم تستجب مباشرة للتعليق على الموضوع.
وتذكر المجلة أن كروز كان مستمرا في مشروعه، وتم طرحه على مجلس الشيوخ بصفته قرارا منه ومن السيناتور الجمهوري توم كوتن في كانون الأول/ ديسمبر، وكان ذلك قبل أيام من إعلان ترامب، من خلال تغريدة، نيته سحب القوات الأمريكية من سوريا، وتراجع ترامب منذ ذلك الحين جزئيا عن هذا، وتقول الإدارة الآن إن هناك نية لإبقاء 400 جندي في سوريا.
اقرأ أيضا: الغارديان: هذه الدلالات الخطيرة لموقف ترامب من الجولان
ويبين التقرير أنه مع أن مهمة الجيش الأمريكي المعلنة هناك هي هزيمة تنظيم الدولة، فإن وزير الخارجية مايك بومبيو قال بأن أمريكا ستبقى هناك حتى يخرج "أخر بسطار إيراني" من سوريا.
وتقول غيلسينان إنه مع خروج معظم الجنود الأمريكيين من سوريا، أصبحت مسألة من سيضمن هذا وكيف يمكن منع وكلاء إيران من البقاء بعيدة عن حدود إسرائيل أمرا أكثر إلحاح، مشيرة إلى أن كلا من كروز وكوتن والنائب مايك غالاغهر قدموا في شباط/ فبراير مشروع قانون يجعل أمريكا تعترف بهضبة الجولان جزءا من إسرائيل، مع أن ضم إسرائيل للجولان لم يعترف به دوليا والسياسة الأمريكية منذ إدارة ريغان التي امتنعت عن ذلك الاعتراف.
وتنوه المجلة إلى أن السيناتور لندسي غراهام، الذي أيد القانون، ذهب إلى المنطقة مع نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر، بالإضافة إلى أن نتنياهو سيزور ترامب الأسبوع القادم عندما ينعقد مؤتمر السياسة السنوي الذي تقيمه لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، لافتة إلى أن نتنياهو قام على "تويتر" بالإشادة بإعلان ترامب، "في وقت تسعى فيه إيران لاستخدام سوريا لتدمير إسرائيل".
ويشير التقرير إلى أنه على غرار تحرك السفارة، فإن الإعلان محرج لحلفاء واشنطن العرب والغربيين، الذين يحتاج البيت الأبيض إلى دعمهم عندما يكشف عن خطته للسلام التي طال انتظارها، ويتوقع أن يكشف عن الخطة بعد الانتخابات الإسرائيلية، لافتا إلى قول متحدث باسم الخارجية البريطانية في رسالة إلكترونية مثلا: "تنظر المملكة المتحدة إلى هضبة الجولان على أنها أراض محتلة من إسرائيل، وهذا لم يتغير".
وتقول الكاتبة إنه بالنسبة للسوريين الذين لا يزالون وسط حرب أهلية، فإن التحرك يشكل ضربة إضافية، فقالت عضوة الوفد المفاوض عن المعارضة السورية بسمة قضماني للمجلة: "إنها تضع المعتدلين في موقف مستحيل.. إن كان ترامب يظن أنه يحارب إيران والتطرف، ويعتقد أنه هزم تنظيم الدولة وأنه يحتوي ويخنق إيران.. اعتقد أنه عكس التوجه.. فسيقوم الأسد بالحشد بمساعد إيران ويبرر وجود إيران ووجود المليشيات والموقف الإيراني العدواني في المنطقة"، فيما لم تستجب البعثة الدبلوماسية السورية لدى الأمم المتحدة لطلب التعليق.
وتلفت المجلة إلى أن الزميلة في معهد الشرق الأوسط رندة سليم، أثارت مخاوف مشابهة، حيث قالت إن هذا التحرك سيلغي أي تحفظ كان يشعر به الأسد أو إيران حول السماح للحرس الثوري الإيراني بحرية الحركة بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
ويبين التقرير أنه بالنسبة لمؤيدي هذه السياسة، فإن إعلان السيادة الإسرائيلية على الجولان هو اعتراف بالحقيقة بالطريقة ذاتها التي كان فيها قرار ترامب السابق نقل السفارة الأمريكية إلى القدس اعترافا بأن المدينة عاصمة لإسرائيل، بالرغم من أنها مصنفة متنازع عليها.
وتستدرك غيلسينان بأن الأمر ليس هذا فقط، ففي ظهور مشترك مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في القدس هذا الأسبوع قال نتنياهو إن الإسرائيليين اكتشفوا جهودا لحزب الله "لبناء شبكة إرهابية" في تلك المناطق، "ويمكنني القول إن بإمكانكم جميعا تخيل ماذا كان سيحصل لو لم تكن إسرائيل موجودة في الجولان"، وعلق قائلا: "أظن أنه حان الوقت للمجتمع الدولي ليعترف ببقاء إسرائيل في الجولان، وحقيقة أن الجولان ستبقى دائما جزءا من دولة إسرائيل".
وتنوه المجلة إلى أنه في صباح اليوم فإن بومبيو تردد عندما سئل عما إذا كان مثل هذا التحول على وشك الوقوع، وكان تقرير حول حقوق الإنسان صادر عن وزارة الخارجية احتوى على تغير فاضح في اللغة، حيث أشار إلى الجولان على أنها "تحت السيطرة الإسرائيلية" بدلا من القول إنها "تحت الاحتلال الإسرائيلي"، كما كان في المسودات السابقة.
وتختم "ذي أتلانتك" تقريرها بالإشارة إلى أنه عندما سئل بومبيو عن ذلك، فإنه أجاب بأن تغير الإشارة للهضبة كان متعمدا، لكنه لم يكن مؤشرا على أي تغير في السياسة، و"بعد ساعات قليلة، وبعد أقل من 280 حرفا، يبدو أن ذلك التحول حدث".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: هذه الدلالات الخطيرة لموقف ترامب من الجولان
تلغراف: الكشف عن وحدة سرية لحزب الله بالجولان.. هذه مهمتها
NYT: هل تقترب شراكة نتنياهو وترامب القوية من نهايتها؟