نشرت صحيفة
"
بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن العاصمة الجديدة التي يعمل
السيسي على إنشائها في
مصر، والتي وعد بأن تكون أول مدينة ذكية في البلاد، حيث
يسعى إلى نقل النخب فقط إليها.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن العاصمة الجديدة تعد من أكثر المشاريع
جشعا لنظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حيث تبلغ مساحتها حوالي 714
كيلومترا مربعا وانطلق بناؤها من الصفر في الصحراء. وتقع هذه العاصمة على بعد
حوالي 35 كيلومترا شرق القاهرة ونحو 60 كيلومترا من مدينة السويس.
وبينت الصحيفة أن خبر
بناء هذه المدينة كان قد انتشر خلال مؤتمر اقتصادي عقد في مصر في منتصف شهر
آذار/مارس 2015. ودون أي تشاور مسبق، أعلن وزير الإسكان آنذاك ورئيس الوزراء
الحالي، مصطفى مدبولي، عن قرار الحكومة ببناء مدينة جديدة تحل محل القاهرة كعاصمة
للبلاد.
في الحقيقة، تتوقع
السلطات المصرية أن تكون العاصمة الجديدة أول مدينة ذكية للبلاد، حيث يعد التحكم
الذكي في حركة المرور، والمنازل الذكية والإدارة الذكية للموارد، من بين وعود
المسؤولين، الذين تحدثوا أيضا عن وجود كاميرات مراقبة في جميع أنحاء المدينة.
ونظرا للمساحة الكبيرة المخصصة للمشروع، تتركز كل الجهود حاليا في المرحلة الأولى،
علما وأن المشروع يضم ثلاث مراحل، كما سيضم المراكز الكبرى للقوة السياسية
والاقتصادية، وستبلغ تكلفته 20 مليارا إلى 25 مليار دولار.
وأضافت الصحيفة أنه
خلال المرحلة الأولى، عمل النظام على تحقيق أكثر أحلامه جنونا، من خلال بناء مسجد
تعتبر طاقة استيعابه الأكبر في مصر، إلى جانب أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ذلك، ستضم هذه العاصمة المستقبلية أكبر دار أوبرا في الشرق الأوسط،
وأطول برج في أفريقيا، فضلا عن منطقة خضراء تبلغ مساحتها حوالي ضعف مساحة حديقة
سنترال بارك في نيويورك، والتي ستعبر وسط المدينة تماما مثلما يمر نهر النيل من
القاهرة.
وأفادت الصحيفة أن هذا المشروع الضخم تموله الأموال التي تم الحصول عليها
من خلال البيع المسبق للأرض. ويصر المسؤولون على أنهم لا يتلقون أموالا من خزائن
الدولة، كما ستقتصر مهمة الجيش على الإشراف على تنفيذها. على صعيد آخر، تملك وزارة
الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية حوالي 49 بالمئة من أسهم الشركة المسؤولة
عن تطوير المدينة، في حين تمتلك المؤسسة العسكرية 51 بالمئة من الأسهم.
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: كيف أصبحت سجون مصر مراكز تجنيد لتنظيم الدولة؟
وفي هذه المرحلة، يلف
الغموض الجدول الزمني للمشروع، نظرا لأنه خلال الأشهر الأخيرة، أكد المسؤولون عن
أعمال البناء أن تاريخ الانتهاء من المرحلة الأولى سيكون بحلول سنة 2024 بدلا من
سنة 2021. ويعتبر الضغط المسلط على العاملين في المشروع، البالغ عددهم حوالي 200
ألف شخص يتنقّلون يوميا إلى الموقع، أمرا في غاية الأهمية، حيث ترغب السلطات في
نقل مقر البرلمان والوزارات والرئاسة في أقرب وقت ممكن.
وأضافت الصحيفة أن
السبب الرئيسي الذي بررت به السلطات بناء هذه المدينة الجديدة يتمثل في أن العاصمة
الجديدة ستخلو من المشاكل التي تشهدها القاهرة، كما من شأنها أن تساعد على تخفيف
حركة المرور الخانقة في العاصمة الحالية. وفي هذا الصدد، يقول المتحدث باسم
العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية العمرانية والمسؤول عن المشروع، العميد خالد
الحسيني: "نحن في حاجة ماسة إلى العاصمة الجديدة. إن القاهرة مكتظة بالسكان،
وحركة المرور فيها مزدحمة جدا، كما أن البنية التحتية لم تعد مفيدة
لمواطنيها". في سبيل تحقيق ذلك، تهدف خطط المدينة الجديدة إلى استيعاب ما
مجموعه ستة ملايين ونصف ساكن وتوفير حوالي مليون و750 ألف وظيفة. مع ذلك، تظل هذه
الأرقام مشكوكا فيها للغاية، كما أنها غير كافية.
في السياق ذاته، يبدو
أن العاصمة الجديدة لن تكون مشروعا استثنائيا، لأنه من غير المعلوم في الوقت
الراهن متى سيبدأ تنفيذ المرحلتين المتبقيتين اللتين من المتوقع أن تتركز معظم
الأحياء السكنية فيها، كما أن هناك مخاوف من أن هذه الأعمال لن ترى النور.
وباعتبار أن المرحلة الأولى من المشروع لا تضم سكنا اجتماعيا، فسيجعل ذلك السكان
المحتملين فيها من النخبة فقط.
وأكدت الصحيفة أنه لن
يكون بمقدور المشروع تخفيف الضغط على القاهرة، حتى وإن تحقق السيناريو الذي وُضع
منذ البداية. وخلال السنوات العشر القادمة، من المتوقع أن ترتفع الكثافة السكانية
في القاهرة الكبرى بنحو خمسة ملايين نسمة، من بينهم مليون و680 ألف من الشباب في
سن العمل. وستكون المدينة الجديدة بالكاد قادرة على استيعاب هذه الزيادة إذ أن
الانتهاء من الأعمال تماما سيحتاج إلى سنوات عديدة.
وفي الختام، أشارت
الصحيفة إلى أنه لهذه الأسباب، يعتبر الكثير من المصريين أن الهدف الرئيسي للنظام
من العاصمة الجديدة هو الابتعاد عن القاهرة الكبرى التي يقطنها حوالي 24 مليون
شخص، وعزلهم في مدينة مصممة وفقا لمنطق أمني يحول دون تكرار سيناريو ثورة سنة
2011. من جانبه، يتوقع المخطط العمراني، ديفيد سيمز، أن "العاصمة الجديدة
ستكون مدينة عسكرية سيحشد فيها النظام أتباعه ويكون من الصعب الوصول إليها. إنها
عبارة عن حلم حكومة استبدادية".