صحافة دولية

لماذا يقلق السيسي من الاحتجاج الشعبي في السودان؟

الصحيفة قالت إن نظام السيسي يسوّق لثورات الربيع العربي على أنها محاولات لزعزعة الاستقرار- جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا بينت فيه أن النظام المصري، الذي نشأ بعد انقلاب عسكري سنة 2013، قلق جدا بشأن موجة الانتفاضات المفاجأة التي هزت بعض دول العالم العربي، وخاصة في السودان، الجار الجنوبي الذي يتقاسم مع مصر نحو 1300 كلم من الحدود.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في بداية شهر آذار/ مارس وخلال استعراض عسكري أعيد بثه على شاشات التلفاز، ظهر عبد الفتاح السيسي والقلق واضح على محياه. وقد لمّح السيسي في حديثه إلى المظاهرات التي تهز كلا من السودان والجزائر، قائلا إن "الأشخاص الذين يتحدثون عن الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية هم الذين يقودون بلدهم إلى الضياع".

ويوم الخميس الموافق لـ 11 نيسان/ أبريل، وتقريبا بعد الإعلان عن الانقلاب على عمر البشير، عبّرت القاهرة مباشرة عن "دعمها الكامل لخيار الشعب السوداني". ولكن لا ينفي هذا الموقف حقيقة تهجم النظام المصري عبر خطاباته على حراك الخرطوم والجزائر، باعتبار أن النظام المصري خبير في سياسة "الاستقرار الاستبدادي".

وأكدت الصحيفة أن نظام السيسي، الذي يقبع في سجونه نحو 60 ألف معارض سياسي، يسوّق لثورات الربيع العربي على أنها مجرد محاولات لزعزعة الاستقرار تحركها أيادي أجنبية، وتتكتم وسائل الإعلام المصرية عن الحراك ضد عمر البشير وعبد العزيز بوتفليقة، وتروج لهذه المظاهرات على أنها مؤامرة جديدة تهدف إلى تقسيم العالم العربي.

 

اقرأ أيضا: المعتصمون في الخرطوم: مطالبنا لم تتحقق حتى الآن

 

وأفادت الصحيفة بأن النظام المصري محرج تماما بسبب هذه الأحداث التي تهز الجزائر والسودان، نظرا لأنها تتزامن مع استعداد السيسي لتعديل الدستور الذي سيخول له البقاء في منصبه حتى سنة 2034. وفي هذا السياق، علق المعارض المصري خالد داود، الذي سبق له أن شغل منصب رئيس حزب "الدستور"، قائلا "إن الوضع المصري الحالي يتماشى مع الوضع السوداني، حيث يحكم البشير البلاد منذ سنة 1989، ومع الوضع الجزائري حيث يتطلع بوتفليقة إلى ولاية خامسة. ولا يخفى على أحد أن النظام المصري بدوره غير مرتاح".


وبالنسبة لمصر، لم يكن عمر البشير، رمز النظام الإسلامي العسكري، جارا سهلا، لأنه شكّل مع حسن الترابي، التابع لحركة الإخوان المسلمين، ثنائيا حتى نهاية التسعينات.

وذكرت الصحيفة أنه بعد محاولة الاغتيال التي طالت الرئيس المصري السابق حسني مبارك سنة 1995 في أديس أبابا، اتهمت مصر جارها السوداني بالتورط في هذه العملية قبل أن تسحب سفيرها من الخرطوم لسنوات طويلة. وقد خلق الخلاف على ترسيم الحدود من جهة حلايب، المطلة على البحر الأحمر، عدة توترات بين البلدين.

ونوهت الصحيفة إلى أن العلاقات بين النظامين تحسنت نوعا ما خلال السنوات الأخيرة، حيث أضحى السودان متقبلا شيئا فشيئا لمخاوف القاهرة المتعلقة بالسد الذي تعمل إثيوبيا على بنائه على نهر النيل.

وسيتسبب هذا المشروع في الحد من تدفق ماء نهر النيل إلى مصر، الذي يعتبره مسؤولوها بمثابة تهديد للأمن القومي، وهو ما أثار مخاوف عدة من نشوب حرب على الماء بين القاهرة وأديس أبابا.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن مصادرة الجيش السوداني للانتفاضة الحالية وتعليق أي عملية انتخابية لسنتين على الأقل، ساهم في طمأنة القاهرة. كما أن مدير جهاز المخابرات السودانية، صلاح قوش، الذي ينوي أن يقدم نفسه قائدا للنظام الجديد، التقى خلال شهر آذار/ مارس بالسيسي. ومن جانبه، أفاد خالد داود بأن "الوضع الحالي في السودان يشغل بال السيسي، ولكن حذاري فالقصة لم تنته بعد".

 

اقرأ أيضا: تشكيل جديد للمجلس العسكري بالسودان.. حميدتي نائبا للبرهان