نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لكاتب العمود تشارلز بلو، يقول فيه إن عمليات الشيطنة التي تتعرض لها النائبة الديمقراطية إلهان عمر هي الهدف الأخير في موجة هجوم للمحافظين على امرأة ملونة.
ويبدأ بلو مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "في الشهر الماضي عقد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية مناسبة تحدثت فيها النائبة الديمقراطية عن ولاية مينسوتا، إلهان عمر، وسخرت فيها من الكراهية للإسلام- إسلاموفوبيا، التي تعد مشكلة حقيقية ومستمرة في هذا البلد، وفي خطابها استحضرت النائبة عمر هجمات أيلول/ سبتمبر، قائلة إن المجلس أنشئ (لأنه اعترف بأن بعض الأشخاص فعلوا أمرا، وبدأنا جميعا نخسر حرياتنا المدنية)"، لافتا إلى أن "نيويورك تايمز" أشارت إلى أن المجلس أنشئ عام 1994 وليس بعد الهجمات.
ويعلق الكاتب قائلا إنه "كان يمكن للنائبة استخدام لغة أكثر شدة لوصف الهجمات، لكنها لم تفعل، وربما حكمنا على طريقة استخدامها للغة وأنها لم تكن موفقة، لكننا جميعا نقع أحيانا في هذا الخطأ".
ويقول بلو إن "الخطأ عادة ما يحصل للثرثار، إلا أن خطاب عمر كما هو لم يعطني أي فكرة أنه اعتذار عن الإرهاب، لكن الإعلام المحافظ قفز واستخدم أربع كلمات من خطابها (بعض الأشخاص عملوا أمرا ما)، وطرح بريان كيلميد من (فوكس نيوز) أسئلة حول وطنية عمر، قائلا: (عليك التساؤل إن كانت أمريكية أولا)، وزاد دونالد ترامب من العيار عندما كتب تغريدة ذكر فيها كلمات عمر، وأرفقها بأصوات مرعبة من 11/ 9".
ويعلق الكاتب قائلا إن "كلام النائبة يجب ألا يستخدم لتحقيق أغراض سياسية، لكن ترامب رجل غير أخلاقي، ولا شيء يمنعه".
ويجد بلو أن "الهجمات على عمر هي أخبار في حد ذاتها، وهي تخصص المحافظين، إلا أنني أعتقد أنه يجب النظر للهجمات عبر عدسات أوسع وأطول، فعمر هي آخر امرأة من الأقليات يمطر المحافظون عليها نيرانهم، ففي الوقت الذي حاول فيه اليمين الداعي للتفوق العرقي الأبيض تصوير رجال الأقليات بأنهم خطر، إلا أنهم قاموا وبشكل روتيني بتصوير نساء الأقليات، خاصة ذوات الصوت العالي منهن، بالنساء اللواتي يعانين من المرض ويستحققن التوبيخ الشديد".
ويرى الكاتب هنا "أشكالا لا يتم التعبير عنها في الهجمات على عمر، لكن على النائبة الديمقراطية عن نيويورك ألكسندريا أوكاسيو- كورتيز، وقبلهما قام ترامب وزمرته بشيطنة النائبة ماكسين ووترز التي وصفها ترامب بأن (مستوى ذكائها قليل)، وكذلك الهجوم على النائبة عن كاليفورنيا فردريكا ويلسون، وقبل أن يحاولوا جعل عمر وأوكاسيو – كورتيز وجه الحزب الديمقراطي فإنهم فعلوا الشيء ذاته مع ووترز وويلسون".
ويشير بلو إلى أن ترامب كتب في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عن ويلسون قائلا: "النائبة ويلسون الحمقاء هي الهدية التي لا تزال تعطى للحزب الجمهوري، وكارثة على الديمقراطيين، وعندما تراقبها وهي تتحدث تقرر التصويت للجمهوريين"، وفي حزيران/ يونيو كتب ترامب: "وجه الديمقراطيين هي ماكسين ووترز".
ويعلق الكاتب قائلا إن "الاستراتيجية بسيطة: ففي الوقت يعد فيه التمييز الجنسي والعنصري قويان بشكل منفرد، إلا أن الجمع بينهما مدمر، خاصة عندما يتم توجيههما إلى حزب يسيطر عليه الرجال البيض، ويمجد التفوق الأبيض والبطريركية، فالنساء اللاتي يكرمهن الرجال البيض هن المطيعات، أو من يشاركن بهمة في عملية الاضطهاد، فقد تم استخدام الأساليب اللاإنسانية والبربرية كلها ذريعة لحماية شرف وطهارة النساء البيض، وهناك سبب يدفع ترامب للهجوم من خلال وصف المكسيكيين بالقتلة والمغتصبين؛ لأن كلامه يتردد صداه بين الناس الذين يأتون للاستماع إليه".
ويذكر بلو بمشهد لا ينسى من فيلم "ميلاد أمة"، وهو ذلك الذي ترمي فيه امرأة بيضاء نفسها إلى الوادي السحيق حتى لا تتعرض للاغتصاب على يد رجل أسود.
ويلفت الكاتب إلى أن هناك سببا جعل الكثير من البيض يتعاملون مع العبودية على أنها حاجز يحمي عفة المرأة البيضاء، والحرية للسود بوابة للضرر بها، مشيرا إلى ما شرحته المؤرخة في جامعة بينغهامتون، ديان ميللر سومرفيل فيي كتابها "الاغتصاب والعرق في أمريكا القرن التاسع عشر"، قائلة إن "اغتصاب السود للبيض برز بشكل واضح في هذه المعاملات التاريخية، في محاولات المساواة التي تبعت الحرب الأهلية، وتم تصوير الحرية على أنها حالة من الثمالة والقوة السياسية الجديدة، وكشف المؤرخ كلود باورز كيف شعرت المرأة البيضاء بالرعب".
وينوه بلو إلى أن سومرفيل استشهدت بما قاله باورز، قائلة: "الاغتصاب هو الابنة الفاسدة لإعادة تشكيل العلاقات العرقية".
ويقول الكاتب إنه "من أجل تقوية اضطهادهن، فإن هؤلاء الرجال البيض عاملوا النساء البيض على أنهن ضحايا، وردت الكثيرات منهن بأداء دور الضحية، وفي هذا السياق تم تقديم البربرية على أنها فعل من أفعال الرجولة/ الفروسية، أما خارج هذا السياق، وبالنسبة للنساء اللاتي ينتمين للأقليات والمثليات والنساء الوقحات، فالتوبيخ الشرس هو الحل، فهن لسن بحاجة لحماية بقدر ما يحتجن إلى قمع".
ويختم بلو مقاله بالقول إن هؤلاء النساء يمثلن مصيبة للتفوق الأبيض وتدمير لتفوق الرجال، ويهاجم البيض هؤلاء النساء؛ لأنهن يمثلن خطرا وجوديا عليهم، ويمكننا إثارة الضجيج حول اللغة التي تستخدمها أي منهن، وإن كان كلامها قد تجاوز المسموح به، لكن استخدامهن في ساحة النقاش على أنهن رموز هو عمى مقصود من المحافظين، فهؤلاء يكرهون نساء مثل عمر، لأنهم يرون فيهن نذيرا لما سيأتي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: هكذا أصبحت إلهان عمر هدفا لحملة كراهية خطيرة
إنترسبت: هكذا اتهم ترامب يهود أمريكا بالولاء المزدوج
فورين أفيرز: هذه هي طرق التعامل الأمريكي الأنسب مع إيران