لم تعد كثير من الجهات في المغرب تخفي رغبتها في تعديل دستوري، يزيل الفصل 47 من دستور المغرب، الذي يلزم الملك بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الأول في الانتخابات التشريعية، في مؤشر جديد على مسعى قديم بعزل حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة لولايتين متتاليتين (2011ـ2016).
ويقضي الفصل 47 من الدستور المغربي لسنة 2011، بـ "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها".
التعديل بين السياسي والدستوري
وقال القيادي في حزب الاستقلال (معارض)، والناطق الرسمي السابق باسمه، عادل بنحمزة، "أعتقد أن التعاطي مع هذا الموضوع تحكمه خلفيتان، الأولى سياسية تجد مرجعها في حالة البلوكاج الشهير الذي عرفه المغرب بعد الانتخابات التشريعية لأكتوبر 2016، حيث يبحث البعض عن قطع الطريق عن العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، خاصة أن كثيرين مقتنعين أن المشهد الانتخابي سيحافظ على نفس النتائج بالنظر لضعف الأحزاب السياسية وعملية التدجين التي خضعت لها، لذلك نجد من يتحدث عن إمكانية تعيين رئيس التحالف الذي يحقق المرتبة الأولى في الانتخابات".
واستدرك عادل بنحمزة في تصريح لـ"عربي21"، "لكن هناك أيضا، وهي فئة قليلة على كل حال، من ينطلق من خلفية دستورية ومن هذه الزاوية أعتقد أن اللجنة الاستشارية التي صاغت الدستور المغربي أخطأت سنة 2011 عندما أسقطت مقترحا كان حزب الاستقلال قد قدمه في مذكرته، هذا الاقتراح ينطلق من كون تقييد سلطة الملك في تعيين رئيس الحكومة، كان يفترض الانتباه لاحتمال عجز الحزب الأول عن تشكيل الحكومة وهذا الأمر وارد جدا وعاشته الكثير من التجارب الديمقراطية في العالم".
وزاد "على خلفية هذا الاحتمال كان يجب فتح إمكانية تعيين شخص من الحزب الثاني، أولا لأنه لا يمكن أن ترتهن البلاد لحزب معين، وثانيا لأن فتح الإمكانية للحزب الثاني من شأنه عقلنة المفاوضات لتشكيل الحكومة، بالطبع السياق المغربي من خلال تجربة البلوكاج يفرض هواجس معينة يغلب عليها اليقين بأن التعديل اليوم خارج سياق مراجعة دستورية شاملة سوف لن يخرج عن الرغبة في لجم العدالة والتنمية وهذا أمر لن يساهم في تطور التجربة الديمقراطية المعطوبة أصلا في بلادنا".
نسف تلاقي إرادة الملك بإرادة الشعب
وقال عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، حسن حمورو: "أعتقد أن هذه الدعوات تستهدف أيضا منع الالتقاء بين إرادة الملك وإرادة الشعب المعبر عنها في نتائج الانتخابات، وإرادته ثابتة في تعزيز المسار الديمقراطي وإشراك المواطنين في المسار والذي تتجسد واحدة من صوره في تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي حاز على أغلبية أصوات الناخبين".
وتابع حمورو في تصريح لـ"عربي21": "أعتبر أن المطالبة بتعديل الفصل 47 من الدستور يستهدف شرعنة رفض نتائج الانتخابات، وإلقائها في سلة المهملات بحجج واهية وبخطاب تدليسي يستدعي الصعوبات المفترضة في تشكيل الحكومة بعد التعيين الملكي وفق ما ينص عليه الفصل 47".
وزاد: "كما أن مطالبة بعض الأحزاب بجعل تعيين رئيس الحكومة مرتبطا بمعيار آخر غير معيار الانتماء إلى الحزب الفائز في الانتخابات، فيه نوع من رفض سعي الملك المتواصل إلى بناء دولة الحق والمؤسسات الديمقراطية".
وتابع: "إذن هؤلاء الذين يطالبون بتعديل الفصل 47 يعاكسون توجهات الملك ويرفضون أن تكون الحكومة منبثقة عن الاقتراع العام أي يرفضون أن تكون لأصوات المواطنين أية قيمة وهذا تبخيس للمواطنين وتبخيس للانتخابات أيضا".
وسجل: "ربما أن الداعين إلى تعديل الفصل 47 تم تمكينهم من معطيات تفيد بأن حزب العدالة والتنمية وعلى الرغم من الضربات التي تلقاها ما يزال بإمكانه احتلال الرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، ولذلك يحاولون الاستعداد من الآن لتصيفة الحساب معه دون اللجوء إلى ما سمي خلال سنة 2016 بالبلوكاج".
اقرأ أيضا: "أخنوش" يهدد "العدالة" المغربي ويرفض الهجوم على حزبه
20 حزبا لعزل العدالة والتنمية
في ذات الاتجاه، قالت يومية "الصباح" المغرب إن 20 حزبا سياسيا من المعارضة والأغلبية دخلوا في مساع لمطالبة الدولة بتعديل الفصل 47 من جهة، ومراجعة القوانين الانتخابية.
وأضافت اليومية المحسوبة على بعض مراكز النفوذ في الاقتصاد، نقلا عن مصادرها، أن المكاتب السياسية الكبرى الممثلة في البرلمان أغلبية ومعارضة وأحزاب صغرى (حوالي 20 حزبا) عقدت اجتماعات لمكاتبها السياسية وقررت خوض معركة تعديل الفصل 47 من الدستور.
وزادت أن الأحزاب اقترحت "زيادة فقرة ثانية يتم بموجبها حصر موعد تشكيل الحكومة في مدة لا تتجاوز شهرا واحدا من التشاور لإعلان تشكيلها، وفي حال فشل رئيس الحكومة المعين يقترح قيادي في الحزب المحتل للرتبة الثانية تشكيل الحكومة".
وأفادت: "اقترح قادة الأحزاب إضافة فقرة ثالثة إلى الفصل 47 من الدستور تنص على أنه يعين الملك رئيس الحكومة من تكتل الأحزاب التي حصلت على أكبر المقاعد البرلمانية، أو التي شكلت تحالفا انتخابيا قبل خوض الانتخابات وحذف الحالي بصفة نهائية".
اقرأ أيضا: انتخابات مبكرة في المغرب.. هل تعيش الحكومة أيامها الأخيرة؟
حزب حكومي يتزعم الحملة
وتزعم الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (حكومي)، الدعوة الجديدة لتعديل الفصل 47 من الدستور، معلنا أن حزبه مع فتح حوار شامل حول مجموعة من الاختلالات.
وقال لشكر في تصريح لموقع "العمق المغربي"، إن "الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي فاز بأغلبية المقاعد في الانتخابات، وفي حالة فشل هذا الحزب في تشكيل أغلبية يمكن اللجوء إلى تكتل الأحزاب التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية لتعيين رئيس الحكومة، وهذا هو التعديل الذي ندعو إليه".
ودعا بحسب "العمق" إلى "فتح حوار جدي، ليس في الفصل 47 فقط، ولكن في جوانب أخرى أيضا من بينها ما يتعلق بالسلطة القضائية، قائلا إن المحامين يجب أن يكونوا مكونا أساسيا من مكونات السلطة القضائية"، مشيرا إلى أن هذا ما دعا له المؤتمر الوطني للمحامين والمحاميات الاتحاديين.
وتلوح عدد من الأحزاب السياسية بالمغرب وكذلك بعض الجهات في السلطات، في كل مرة بمطلب تعديل الفصل 47 من الدستور، في مساع يعتبرها مراقبون خطوات في مشروع "عزل حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة لولايتين متتاليتين".
45 دولارا شهريا زيادة الحكومة لموظفي القطاع العام بالمغرب
بعد الجدل.. المغرب يطلق حملة لتسجيل الشباب بالخدمة العسكرية
بعد تعنيف الأساتذة.. 21 هيئة تدعو لإقالة وزير داخلية المغرب