يصنف ضمن معسكر "الصقور" و"المتشددين".
إعلاميون مطلعون لا يصبغون عليه صفة " الكاريزما" أو صفة القائد القوي الملهم بين باقي قادة
"الحرس الثوري" الإيراني.
هو رجل "عقائدي"، "محافظ"، معروف بتدينه، وحاصل
على لقب "حافظ"، الصفة التي يطلقها
الإيرانيون على من يحفظ القرآن الكريم.
عين قائدا لـ"الحرس الثوري" على وقع قرار الولايات المتحدة
تصنيف "الحرس الثوري" كـ"منظمة إرهابية"، والذي يعد سابقة في
تصنيف قوة حكومية أجنبية "إرهابية".
التصنيف الأمريكي الجديد لم يمر دون ضجيج من قبل طهران، فقد أدرج
"مجلس الأمن القومي" الإيراني بدوره القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية،
المسؤولة عن الأنشطة العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ضمن قائمة "المنظمات
الإرهابية".
اللواء حسين سلامي، المولود في كلبيكان في أصفهان وسط إيران في عام
1960، يحمل شهادة الهندسة الميكانيكية من جامعة "طهران للعلوم والتكنولوجيا"
في عام 1978.
التحق بعد انتهاء دراسته الجامعية في صفوف "الحرس الثوري"
كمقاتل في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت نحو ثماني سنوات (1980-1988)، وعمل
قائدا لفرقة "كربلاء"، وقائدا لفرقة "الإمام الحسين" خلال الحرب.
وقضى قسما من خدمته العسكرية في غرب البلاد في محافظة كردستان.
التحق سلامي على إثرها بدورات تدريبية في "کلية القيادة والأرکان"،
وتخرج بتخصص الإدارة الدفاعية من "الجامعة الإسلامية"، كما حصل على شهادة الماجستير في فرع الإدارة الدفاعية من جامعة
"آزاد الإسلامية".
شغل سلامي مناصب عدة كلها متعلقة بالعسكرية والدفاع، منها مساعد عملية
الأرکان العامة في "الحرس الثوري"، وقائد سلاح جو في "الحرس"،
وعضو هيئة التدريس في "الجامعة العليا للدفاع الوطني"، كما تولى رئاسة جامعة
"دافوس"، وهي جامعة عسكرية مقرها طهران، تعمل على تأهيل وإخضاع العسكريين
لدورات القيادة العسكرية للحصول على شهادات عليا.
وأخيرا تولى سلامي منصب نائب القائد العام لـ"الحرس الثوري"
منذ عام 2009.
وبما أن القانون ينص على أنه يجب
أن تكون رتبة القائد العام لـ"الحرس" لواء، فقد قام المرشد الإيراني الأعلى
علي خامنئي بترقيته من رتبة عميد إلى رتبة لواء.
يعد سلامي الوريث الطبيعي لنهج "الحرس الثوري" الذي يضم نحو
130 ألف مقاتل وناشط، ولديه أسلحة برية وجوية وبحرية واستخباراتية، كما أنه يشمل قوات
خاصة مثل "فيلق القدس"، الذي يعمل خارج إيران والمسؤول عن القتال في سوريا
واليمن والعراق تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني.
ويخضع "الحرس الثوري" لسلطة خامنئي مباشرة، ويمارس نفوذا
عميقا في السياسة والاقتصاد داخل إيران.
ومن مهامه أيضا "حماية الثورة الإسلامية وإنجازاتها"، إضافة
إلى "حماية الحكم الإسلامي، ونشر أهدافه في الخارج".
كما أن "الحرس الثوري" هو المسؤول عن برامج إيران النووية
والمتعلقة بالصواريخ البالستية. وسبق أن حذرت طهران من أن لديها صواريخ يصل مداها إلى
2000 كيلومتر، ما يضع "إسرائيل" والقواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة في
مرمى نيرانها.
وبدا وكأن خامنئي الذي ينظر للساحة الداخلية حاليا ولإطفاء الخلافات
مع الرئيس حسن روحاني، قد اضطر إلى إعفاء اللواء محمد علي جعفري من قيادة "الحرس
الثوري" وتعيين نائبه سلامي مكانه.
وسبقت إزاحة جعفري إقالة أكثر من 65 من قيادات "الحرس الثوري"
من الصفين الأول والثاني، واعتبر العديد من المحللين الإيرانيين هذه الإقالات بأنها
تمثل انتهاء سيطرة الجيل الأول لـ"الحرس" على المناصب القيادية.
وفي أول رد فعل على تعيين سلامي، قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو: "لا تعليق لدي على تعيين قائد جديد للحرس الثوري الإيراني باستثناء التالي:
وصفتم سلامي بأنه من أنصار النهج المشدد، لكن الوضع يكمن في أن كل زعيم إيراني، بما
في ذلك الرئيس روحاني أو وزير الخارجية ظريف، قبل بالمفهوم الجوهري لهذا النظام وطبيعته،
واعترفوا بأن نظام الجمهورية الإسلامي هو السبيل المناسب لتحقيق ما تريده إيران".
معتبرا أن هذه التغييرات "دائما غير مهمة".
ومثل كثير من المسؤولين الإيرانيين يخضع سلامي للعقوبات الأمريكية، بعد
أن أعلنت الخزانة الأمريكية في عام 2017 تجميد أصوله بالولايات المتحدة، وحظر المعاملات
مع الأطراف الأمريكية.
كما أدرجه الاتحاد الأوروبي في العام ذاته باعتباره شخصا يجب تجميد أمواله
وموارده الاقتصادية، وتلك التي يملكها أو يحتفظ بها أو يسيطر عليها.
وأيضا أدرج في ملحق لقرار مجلس الأمن الدولي في عام 2006، كشخص متورط في برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية؛ وهو ما
يتطلب من الولايات تجميد الأصول المالية على أراضيها التي يملكها أو يسيطر عليها الشخص
أو وكلاؤه أو الكيانات التي يمتلكها أو يسيطر عليها.
وفي أول تصريح رسمي له منذ تسلمه منصبه، قال الجنرال سلامي إن على طهران "توسيع نطاق قوتها في المنطقة لتشمل العالم".
وأضاف: "لن نبقي نقطة آمنة للعدو في العالم"، مشيدا بسليماني،
وقال: "فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني أنهى سيطرة الأمريكيين في شرق المتوسط،
فيلق القدس وصل إلى البحر الأحمر وحول الدول الإسلامية في المنطقة إلى أراض للجهاد"
وفق وصفه.
وعرف عن سلامي إطلاقه التهديدات للولايات المتحدة ولدولة الاحتلال،
إذ قال قبل عدة أشهر إنه ينصح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ"التدرب
على السباحة في المتوسط؛ لأنه قريبا لن يكون أمامك خيار سوى الهرب بحرا".
وقبل نحو ثلاثة أشهر، هدد بمحو دولة الاحتلال، وقال في تصريحات للتلفزيون
الإيراني عقب هجوم إسرائيلي على سوريا: "إذا قامت إسرائيل باتخاذ أي عملية لشن
حرب ضدنا، فذلك من دون شك سيؤدي إلى تدميرها".
وتحت قيادة سلامي المباشرة، سيكون "الحرس الثوري" أمام مرحلة
صعبة في عهد العقوبات الأمريكية، فهو يعاني، بحسب وسائل إعلام غربية من أزمة اقتصادية
في السنوات الأخيرة، حيث يجد صعوبة في أن يبقي تحت سيطرته القوات التي كان يديرها في
أرجاء الشرق الأوسط بعد فرض عقوبات على إيران.
وبحسب تحليلات صحفية، فإن عدم انخراط سلامي في الصراعات الداخلية بين
أجنحة الحكم في إيران لقي ترحيبا وارتياحا من قبل الرئيس روحاني، الذي ربما يكون الأكثر سعادة بهذا التغيير.
ويتكهن كثيرون بأن يشهد "الحرس الثوري" تطورا ملحوظا في الجانب
العسكري، خاصة فيما يتعلق ببرنامج إيران الصاروخي والاستخبارات الخارجية، وسيزيد تعيين
سلامي المعارك الدائرة في سوريا والعراق تعقيدا، ويظهر ذلك مرة أخرى بأن إيران لا تزال
تعتمد استراتيجية "إبعاد النيران عن حدودها" ومن خلال نقل المعارك إلى مناطق
أخرى.
ويتوقع مراقبون بأن سلامي سيكون متحدثا عسكريا بشكل مثير باسم إيران،
وأنه سيطلق دعاية إعلامية أكبر ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقرأ صحفيون إيرانيون خطوة تعيين سلامي بأنها لن تكون سوى قنبلة
"صوتية " موجهة للخارج لا أكثر، وتحديدا بعد التصعيد الأخير في مضيق هرمز،
وتهديد إيران للولايات المتحدة في حال منعتها من تصدير إنتاجها من النفط عبر
"هرمز"، وأن على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة "للعواقب" بحسب
الخارجية الإيرانية.