تتوالى ردود الأفعال والتحليلات بشأن ما تم إعلانه حول نية الإدارة الأمريكية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
والثلاثاء، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يدفع باتجاه تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، لافتة إلى أن رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بلقاء خاص بالبيت الأبيض في 9 نيسان/ أبريل الماضي، حث ترامب على القرار الذي سيتبعه فرض عقوبات اقتصادية وحظر سفر على شركات وأفراد يتعاملون مع الإخوان.
ولم يتضح ما إذا كانت إدارة ترامب تفكر بإدراج جميع الفروع الإقليمية للإخوان كمنظمة إرهابية أجنبية أو الفرع المصري فقط، والذي يعتبره النظام العسكري الحاكم في مصر عدوه الأول.
ويرى البعض أنه وفقا لاستراتيجيات الصراع، فإن التلويح بتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية؛ قد يكون أداة وخطوة نحو التفاوض، ومناورة من صناع صفقة القرن بأمريكا بالاتفاق مع السيسي.
وأشاروا إلى ما يتردد من أن وصم الإخوان كإرهابية بطلب من السيسي، يأتي قبل الإعلان عن صفقة القرن التي حدد موعدها صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنير، بعد انتهاء شهر رمضان، معتقدين أنهم يستبقون بالضغط على الإخوان.
مكاسب السيسي
وحول حجم المكاسب الذي يحققها النظام من هذه الخطوة، يرى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبدالله الأشعل، أنها "تحقيق هدفه الأساسي بمطاردة التيار الإسلامي في العالم متمثلا بداية في جماعة الإخوان المسلمين عدوه الأول"، مؤكدا أن "هذا الهدف استراتيجي بالنسبة له".
اقرأ أيضا: مخاوف دولية وانتقادات لتصنيف "الإخوان" تنظيما إرهابيا
السياسي المصري، أوضح لـ"عربي21"، أن "السيسي يسير بهذا الأمر على خطى كمال أتاتورك في تركيا، مع الفارق الشديد بينهما"، مؤكدا أن "الأمر ليس سرا وقناعته تامة أن التنظيمات السياسية الإسلامية تهز الدولة، بغض النظر إن كان اعتقاده هذا وظيفي يخدم مصالح أخرى أو نابع من مصلحته الشخصية".
وأكد الأشعل، أن "النظام مستفيد من أي قرار لترامب أو غيره يضر بالإخوان، ويعتبره انتصارا في الحرب بينه وبين الجماعة، بل إنه يريد أن يجعل كلمة إخواني مكروهة عالميا مثل النازي والفاشي".
وأشار إلى أن "السيسي، ينظر لمفهوم الإخوان بمعنى أشمل ولا يكتفي بمن حمل صفة التنظيم ولكن تعداه لكل من له موقف سياسي منه"، موضحا أن "كل من لا يرقص له فهو إخواني".
ويعتقد الأشعل أن ترامب لن ينجح بمسعاه مؤكدا أن "السياسة الأمريكية تخضع لأطر ثابتة ولا يمكن لأي رئيس أن يستحدث شيئا خارجها"، مضيفا: "ولا أتوقع تصنيف إدارة ترامب للإخوان كإرهابية لأن المخابرات الأمريكية من تحكم، وهناك 26 منظمة أمنية بأمريكا صاحبة رأي وقرار".
وقال إن "تلويح ترامب، بالون اختبار للإخوان، لا شك سيدفع لحوار معهم للكشف عن موقفهم من صفقة القرن"، مشيرا إلى أن "القضية ليست متعلقة بالإخوان فقط ولكن كل من سيرفض الصفقة ستفرض عليه عقوبات"، متوقعا "ألا يتم الإعلان عنها كما قال كوشنير بعد رمضان، وأن الأرجح أنها ستسير بصورة سرية".
خمسة دوافع
من جانبه يرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، مصطفى خضري، أنه "برغم إخفاقات قياداتها السياسية؛ تتمتع جماعة الإخوان بوزن نسبي بالصراع السياسي العالمي، فأفكار مؤسسها مترسخة بعقول ملايين البشر بالعالم، وآلاف الجمعيات والمؤسسات الإسلامية والكيانات الاقتصادية التي تتغلغل بالغرب قبل الشرق".
الباحث المصري، قال لـ"عربي21": "ولأن توجهات الإخوان الحالية تدعم التعايش مع المنظومة العالمية وعدم الخروج عليها؛ يتعامل معها الغرب عموما وأمريكا خصوصا بقدر من الحذر، ويحاولون تحجيمها وجعل قياداتها تحت ضغط محدود ومحسوب، وذلك خوفا من انفراط عقدها، وتحول المنتمين لفكرها إلى أفكار أكثر راديكالية، ما يهدد الدول القائدة للمنظومة العالمية".
وأضاف: "ويأتي التلويح بتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية بهذا السياق، فلم يكن الأول من نوعه، بل إنه وجبة سياسية دائمة بموائد الإعلام الأمريكي، ومع صعوبة تنفيذ الإدارة الأمريكية لهذا القرار؛ إلا أنه يبقى احتمالا قائما".
وأكد خضري، أنه يمكن استنتاج خمسة أسباب ربما دعت ترامب لإطلاق هذا التلويح، مبينا أن الأول: "كأحد أدوات الضغط على الرئيس التركي طيب أردوغان - الحليف الأقوى للجماعة- بظل محاولة إثنائه عن التعاون العسكري مع روسيا، الذي يهدد عرش الصناعات العسكرية الأمريكية".
ويرى أن السبب الثاني هو: "الضغط على الجماعة الأم لتمرير بعض تفاهمات صفقة القرن خاصة وأن جزء منها يتوقف على إخوان الأردن، والجزء الآخر على إخوان فلسطين".
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: ما هي فرص تصنيف الإخوان جماعة "إرهابية"؟
وأضاف رئيس "تكامل مصر"، أن "استباق أحداث ليبيا، حيث أن التدخل التركي ضد اللواء المنشق خليفة حفتر؛ سيدعم التصعيد السياسي لجماعة الإخوان بطرابلس"، يعد ثالث الأسباب.
ويعتقد أن السبب الرابع هو: "التلويح في إطار تهديد اللوبي الإسلامي بأمريكا، وذلك دعما للخطاب الشعبوي الذي يتبناه ترامب، خاصة مع تدني شعبيته داخل الجمهوريين أنفسهم".
وأكد خضري أن السبب الخامس حسب رؤيته هو: "محاولة لتحجيم القدرة التفاوضية للجماعة بالساحة المصرية، وذلك لصالح القوى العلمانية، خاصة مع بوادر انهيار نظام السيسي وعزلته الشعبية".
وختم الباحث المصري، بالقول: "ومع ذلك لا ينبغي إغفال الطبيعة النزقة للرئيس الأمريكي، الذي دائما ما يخرج بتصريحات غير مبررة وغير منطقية".
خبراء: هذه دوافع تسريب انسحاب مصر من "الناتو العربي"
صورة جديدة للسيسي مع ترامب تثير التندر والسخرية
أعضاء كونغرس يحثون بومبيو لطرح حقوق الإنسان مع السيسي