صاحب نفوذ محلي ودولي، يسعى إلى رئاسة بلاده، أو الوصول إلى أي منصب سياسي متاح ومدعوم خارجيا.
تخصص في العقائد ومقارنة الأديان، ويقدم نفسه كرجل صوفي.
طموحه السياسي لم يكن مفاجئا، بحسب مراقبين ليبيين، فتوجهاته المتعددة وتحالفاته المتناقضة تجعل منه رجلا غامضا.
أحيانا يجري تصنيفه مع الإسلاميين، لأنه رجل دين، نسبة إلى دراسته وفكره، بينما يوصف حاليا بأنه من كبار الليبراليين في البلاد.
كما أنه من "أقرب المقربين، والذراع اليمنى"، لزعيم تحالف القوى الوطنية (تكتل أحزاب لبيرالية) محمود جبريل، وأحد الداعمين السياسيين لمعسكر خليفة حفتر، المعادي للإسلاميين.
عارف النايض، المولود في بنغازي عام 1962، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الصناعية ثم البيولوجية، من جامعة "جويلف" في كندا، ودرجة الماجستير في فلسفة العلوم الطبيعية من الجامعة ذاتها.
كما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة أيضا، متخصص في علم التأويل (الهرمنيوطيقا)، وأنهى الدراسات العليا الموازية في الفلسفة الإسلامية وعلم التوحيد، بجامعة "تورونتو" في كندا.
ودرس أيضا فلسفة الأديان وعلم اللاهوت المسيحي، في جامعة "جريجوريان"، في روما.
عمل النايض في عدة وظائف بمجال الإدارة والتدريس والعمل الأكاديمي من بينها أستاذ بكلية الدعوة الإسلامية التابعة لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية بالعاصمة طرابلس، وتنقل خلالها بين عدة دول منها: ماليزيا، إيطاليا، الأردن، تركيا، وغيرها.
وفي مجال التجارة والاقتصاد، عمل مهندسا في شركات البناء المملوكة لوالده الثري، قبل أن يؤسس شركة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وافتتح فروعا لها في الإمارات والهند.
معرفته بالسياسة جاءت متأخرة جدا. فبعد ثورة شباط/ فبراير عام 2011، ترأس مجموعة "استقرار ليبيا"، التي شكلها ليبيون لدعم الثورة آنذاك، قبل أن يعين سفيرا في الإمارات.
لا يترك مجالا إلا وطرقه لتعزيز مكانته لدى الشعب الليبي، فولج عالم الرياضة بعد أن ترأس مجلس إدارة نادي الأهلي في بنغازي. ومن عمان أطلق عام 2014 قناة "ليبيا روحها الوطن"، التي تعد من أهم القنوات على الساحة الليبية حاليا.
وواصل مسيرته خلال الفترة الماضية للحصول على مكاسب جديدة، فأسس مطلع 2016 صحيفة "المرصد الليبية" الإلكترونية، التي تعد من أهم المواقع الإخبارية في البلاد، ولها قدرة على التأثير في الرأي العام، بحسب مراقبين.
تربطه علاقة وطيدة قديمة بأبو ظبي، حيث تتلمذ على يد الشيخ عز الدين إبراهيم، أحد مستشاري الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات.
وعمل مديرا عاما لمؤسسة "كلام" للبحوث والإعلام في دبي عام 2009، إضافة إلى عضويته باللجنة الأكاديمية الاستشارية في مؤسسة "طابة" بأبوظبي.
وأعلن العام الماضي عن "رؤية إحياء ليبيا 2023" في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة التونسية، ويعد هذا المشروع كبرنامج انتخابي رئاسي للنايض الذي فضل القطع مع فكرة الأحزاب التقليدية.
ويذهب البعض إلى اعتبار أن النايض حاكى ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي باتت حركة "إلى الأمام" التي أطلقها قبل سنة من وصوله إلى الرئاسة مهيمنة على المشهد السياسي في ظل تراجع الأحزاب التقليدية سواء المحسوبة على اليمين أو اليسار.
حذر في تعامله مع التيار السلفي، ولا يخفي قلقه من الوزن الكبير الذي يشكله التيار في ليبيا، ومدى تأثيره على الرأي العام الداخلي، لذلك اختار عدم التصعيد ضدهم.
يقول النايض: "كل المذاهب مرحب بها ما دامت لم ترفع السلاح ولم تلجأ للعنف". ولفت إلى أن "الإشكال ليس في الاختلاف وإنما في السعي إلى الغلبة والاحتكار".
اقرأ أيضا: هكذا تحول حلم حفتر بطرابلس إلى كابوس.. 6 هزائم قاسية
تناقضه في هذا الجانب دفع المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي السني في ليبيا إلى إصدار بيان رفض فيه زج التصوف في الانتخابات وصراعه السياسي. وأكد المجلس أن النايض لا يمثل التصوف في ليبيا، وأن الصوفية "لن تصوت لشخص ساهم في تدمير ليبيا وارتهانها للإمارات أو أي دولة أخرى".
وأكد المجلس الأعلى للتصوف أن النايض "طرد من المجلس ومن رابطة علماء ليبيا في 2014، وأحد أسباب طرده هو استغلاله للمجلس والرابطة ومحاولة شراء ذمم بأموال إماراتية".
وأشار المجلس إلى أن النايض "تتلمذ في مدارس الفاتيكان، وأعلن ولاءه لهم، وأنه مجهز من المخابرات الأجنبية لبيع البلاد"، بحسب تعبير البيان.
ركوبه موجة الصوفية لم يمنعه من استثمار ملف آخر وهو تركيبة المجتمع الليبي القبلي والجهوي للحصول على دعم كبرى القبائل والمدن. وينتمي الرجل إلى قبيلة ورفلة إحدى أكبر قبائل ليبيا، وتتوزع القبيلة على مختلف أقاليم ليبيا الثلاثة برقة، وفزان، وطرابلس، وتعد مدينة بني وليد غرب البلاد أكبر تجمع للقبيلة.
وورفلة هي إحدى أبرز القبائل التي رفضت إسقاط نظام القذافي، وتعيش خلافا مع مدينة مصراتة التي قادت الانتفاضة التي أطاحت بالنظام.
ويقول مراقبون إن النايض يحتاج لإنهاء هذا الخصام الذي سيساهم بشكل أو بآخر في خسارته للانتخابات الرئاسية في حال إجرائها وفي حال ترشحه، إذ أن المدن الداعمة للثورة قد تصطف خلف مصراتة التي يتوزع سكانها أيضا في مختلف مناطق ليبيا لاسيما شرقا وغربا.
من نقاط ضعف النايض أنه محسوب بشكل مكشوف على دولة الإمارات، وهجومه بشكل فج ومتواصل على قطر، وتركيا، وإيران، يثير قلق كثير من الليبيين حول استقلالية قراره، فهو يعتبر هذه الدول بأنها "تهديد للأمن الوطني الليبي"، موضحا بأنها "تشكل خطرا على المنطقة بأسرها".
كما أنه يضع نفسه كرأس حربة في مواجهة الإسلاميين. فقد أشار النايض في مقابلة مع صحيفة "لوموند أفريك" الفرنسية إلى أنه "في صراع مع تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا والتنظيمات الأخرى المسلحة". بحسب قوله.
والواقع الليبي يقول إنه لا سيطرة لجماعة الإخوان المسلمين على الحكومة أو مؤسسات الدولة، وإنما مشاركة من قبل حزب "العدالة والبناء" في المشهد السياسي عبر رئاسة مجلس الدولة، وعبر أطراف الحوار السياسي التي صاغت الاتفاق السياسي الليبي. كما أن "العدالة والبناء" نفى تبعيته للجماعة التي يوجد خلافات بينهما. ولا يوجد "إخواني" واحد في المجلس الرئاسي، وتواجدهم محدود في بقية المؤسسات.
على وقع هذا الهجوم، جاءت تسريبات وكالات الأنباء التي تؤكد أن النايض أصبح المرشح الإماراتي الأقوى والمفضل في ليبيا وليس الجنرال المنشق خليفة حفتر، رغم أن مصر تفضل "حفتر" لأنه عسكري، لكن ذلك لن يمنع من تقارب مصري إماراتي لدعم النايض، وخصوصا مع صعوبة إيصال حفتر لرئاسة البلاد.
الإمارات بدأت ترتيبات جديدة تستثني فيها حفتر من المشهد السياسي، وفقا لدبلوماسيين أجانب بعد فشله المتكرر في السيطرة على طرابلس، ووجدت ضالتها في حليفها التقليدي عارف النايض الذي يحضر حاليا للعودة إلى بنغازي للبدء في تشكيل حكومة جديدة يتم تقديمها على أنها بديل محتمل في الفترة المقبلة.
وتؤكد المعلومات أن حفتر لم يكن راضيا عن هذه الخطوة التي اعتبرها تمهيدا لإزاحته من المشهد في حال فشله في الحملة على طرابلس، لكنه وافق عليها تحت ضغط الإمارات.
النايض يرى أن هناك دعوات كيدية تحاول إقصاءه عن المشاركة في الانتخابات الليبية، وعن المشهد الليبي بحجة أنه يحمل جنسية كندية، مشيرا إلى أنه تنازل عنها منذ 2015.
في جميع الأحوال، يعتبر الشعب الليبي شعبا قبليا معتزا بنفسه، ويتعامل بحساسية مع أي أجندة مرهونة للخارج، وهو لن يقبل بأن يقوده شخص يراهن على دعم عربي أو أوروبي.