نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا، أعده كل من أندرو غيلغان وتيم شيبمان، يتحدثان فيه عن تداعيات الأزمة بين بريطانيا والولايات المتحدة، التي أجبر فيها السفير في واشنطن على الاستقالة، بسبب إغلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبل كلها أمامه لمواصلة عمله الدبلوماسي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن حزب البريكسيت، الذي يتزعمه اليميني نايجل فاراج، يقف الآن وسط فضيحة التسريب التي أطاحت بسير كيم داروك.
ويكشف الكاتبان عن أن تورط فاراج في ما يطلق عليها بـ"ملفات ترامب" جاء بسبب علاقته مع الصحافية التي أدى تقريرها إلى الإطاحة بداروك، مشيرين إلى أن العلاقة جاءت عن طريق النائب في البرلمان الأوروبي ريتشارد تايس، الذي يقيم علاقة مع إيزابيل أوكشوت، التي نشرت التسريبات الدبلوماسية في الأسبوع الماضي، ووصف فيها داروك الرئيس ترامب بالمعتوه وغير المرتب، فيما وصف إدارته بالعاجزة، ما أجبره على الاستقالة عندما قال ترامب إنه لن يعمل معه.
وتنقل الصحيفة عن مصادر أمنية، قولها إنه تم تحديد المشتبه به في تسريب البرقيات الدبلوماسية، وسط مخاوف داخل الحكومة البريطانية من أن شخصية "كيم فيليبي مؤيد للبريكسيت" (في إشارة للعميل كيم فيليبي الذي تجسس لصالح السوفييت) موجودة داخل الحكومة، وتحاول إضعاف المسؤولين الذين لا يدعمون الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويلفت التقرير إلى أن شرطة إسكتلند يارد والخدمات الأمنية تعتقد أن موظفا من داخل مؤسسة الخدمة المدنية يستطيع الوصول إلى الملفات التاريخية لوزارة الخارجية هو الذي قام بعملية المداهمة وسرقة الملفات.
ويفيد الكاتبان بأنه في الوقت الذي تقترب فيه الشرطة من تحديد الجاسوس، فإن أصدقاء تايس (54 عاما) وأشكوت (45 عاما) قالوا إنهما أقاما علاقة عاطفية منذ العام الماضي، مشيرين إلى أن تايس وأشكوت نفيا أن تكون لهما علاقة بتسريب الملفات أو التعامل معها، وكتب تايس تغريدة نفى فيها رغبته في تغيير السفير في واشنطن.
وتنوه الصحيفة إلى أن هناك تقارير عن دور عضو في حزب البريكسيت، الذي فاز بغالبية مقاعد بريطانيا في البرلمان الأوروبي، يعمل على تغيير السفير واستبداله بـ"رجل أعمال مؤيد للبريكسيت"، لافتة إلى أنه عندما تم الكشف عن الوثائق الأحد الماضي، فإن فاراج كتب مقالا دعا فيه إلى طرد داروك، وتعيين رجل أعمال مكانه، فيما كتب تايس تغريدة عبر فيها عن الرأي ذاته.
ويورد التقرير نقلا عن دبلوماسي بريطاني، قوله: "يبدو أن هناك بصمات لحزب البريكسيت ولمؤيده فاراج حول هذه القضية".
ويذكر الكاتبان أن صحيفة "ميل أون صندي"، التي أطاحت تسريباتها بداروك، نشرت مواد أخرى يوم الأحد، كشفت فيها عن أن ترامب قرر الخروج من الاتفاقية النووية التي وقعتها الولايات المتحدة ودول أخرى مع إيران "نكاية" في الرئيس باراك أوباما، وليس لأن الاتفاقية غير فعالة.
وتشير الصحيفة إلى أن تايس لم ينف مناقشة أوكشوت البرقيات الأولى معه قبل نشرها، وقال: "لا أريد الخوض في التفاصيل حول حوار شخصي وخاص، وعرفت بها في الوقت ذاته الذي كانت وزارة الخارجية تعرف بها".
وينقل التقرير عن صديق لهما، قوله: "لم تكن علاقة إيزابيل وريتشارد سرا في ويستمنستر، وسيؤدي هذا بلا شك إلى الاتجاه بالتفكير في نظريات مؤامرة، لكن لا علاقة بالمطلق له (تايس) في الحصول على الملفات والتعامل معها، ولم يرها".
ويورد الكاتبان نقلا عن إسكتلند يارد، قولها يوم الجمعة إنها فتحت تحقيقات جنائية في التسريب، فيما قال نواب إن مسؤولين من وحدة الأمن الإلكتروني في مركز التنصت المعروف باسم "جي سي أتش كيو"، يحاولون تحديد الجاسوس الذي يقف وراء التسريبات، لافتين إلى أن المركز عمل مع وكالة الاستخبارات الخارجية (أم آي 6)، وتم استبعاد نظرية أن تكون عملية التسريب هي نتيجة قرصنة أجنبية على أجهزة الحاسوب.
وتنقل الصحيفة عن مصدر في الحكومة، قوله: "إنها المصادر المتوفرة لديهم كلها، ويعتقدون أنهم توصلوا للشخص الذي سرب المواد، والأمر يتعلق بتشكيل قضية يمكن أن تقبلها المحكمة، وهي ترتبط بشخص توصل إلى الملفات التاريخية وذهب وأخذ المواد".
ويورد التقرير نقلا عن مصدر سياسي، قوله: "هناك خوف من وجود شخص مثل كيم فيليبي قام ولأسباب سياسية وأيديولوجية بنشر التسريب لإنهاء عمل المسؤولين الذين لا يدعمون البريكسيت".
ويلفت الكاتبان إلى أن مدير طاقم البيت الأبيض مايك مولفاني قد أخبر داروك بأن التسريبات لن تؤدي إلى قطع العلاقة معه، إلا أن ترامب قام بعد يوم بحملة تغريدات أجبرته على الاستقالة، مشيرين إلى أن فاراج نفى أن يكون الشخص الذي حرض ترامب على هذه الحملة، وقال: "لم أتكلم مع البيت الأبيض منذ اندلاع الأزمة، أتحدث لترامب ولكن في هذا الموضوع ابتعدت عنه مليون ميل".
وتنوه الصحيفة إلى أن فاراج وتايس هما من مجموعة يطلق عليها "أشرار البريكسيت"، حيث عملا مع الثري أرون بانكس على حملة الخروج أثناء الاستفتاء، وكانا مع رحيم قاسم وأندي ويغمور أول بريطانيين قابلوا ترامب بعد انتخابه، مشيرة إلى أن أوكشوت شاركت بكتاب عنهم تحت عنوان "أشرار البريكسيت"، وعملت محررة سياسية في "صندي تايمز" حتى عام 2014، وهي الآن تجمع بين الصحافة والنشاط السياسي، واتهمت في العام الماضي بإخفاء رسائل إلكترونية تكشف عن لقاءات لبانكس مع الدبلوماسيين الروس في لندن.
وبحسب التقرير، فإن شرطة إسكتلند يارد أثارت جدلا عندما هددت بمحاكمة المسؤولين عن التسريب، ما دفع الوزراء الحاليين والسابقين لشجبها والدفاع عن حرية التعبير، وقال مساعد مفوض شرطة لندن نيل باسو: "أعتقد أن هناك ضررا لحق بعلاقات بريطانيا الدولية، وسيكون هناك اهتمام عام بجلب الشخص المسؤول للعدالة".
وينقل الكاتبان عن مسؤولين، قولهم إن بيان باسو كان محاولة لدفع المسرب ليدين نفسه، لكنه أثار جدلا عندما طلب من المؤسسات الإعلامية عدم نشر المواد وتسليمها للحكومة، مشيرين إلى أن المرشحين لرئاسة الحكومة بوريس جونسون وجيرمي هانت، شجبا تصريحات باسو؛ باعتبارها هجوما على حرية التعبير.
وتختم "صندي تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول أوكشوت: "لا علاقة لريتشارد بالبرقيات، ولم يرها أبدا، ولم يتعامل معها، ولم يكن له دور بالحصول عليها"، وأشارت إلى أن من واجبها حماية مصادرها.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويوركر: بوريس جونسون جرو في حضن ترامب
فيسك: أزمة داروك ترسل هذه الرسالة لسفرائنا بالشرق الأوسط
واشنطن بوست: ما قاله سفير بريطانيا صحيح وترامب أثبت ذلك