لا تزال رقعة المعارضة تتسع للاتفاق الذي جرى توقيعه بالأحرف الأولى الأربعاء الماضي بالعاصمة الخرطوم، ووصلت الخلافات إلى داخل قوى إعلان الحرية والتغيير، ورفضته كتل بارزة، هي تحالف قوى الإجماع الوطني والجبهة الثورية وتجمع منظمات المجتمع المدني، باعتبار أنه "لم يعالج مطالب الثورة"، و"يكرس السلطة بيد المجلس العسكري".
حزب الأمة القومي أحد مكونات تحالف "نداء
السودان" المنضم إلى قوى التغيير، دعا إلى الحفاظ على وحدة القوى، لاستكمال
إنجاز أهداف الثورة، معتبرا أن "الاتفاق الموقع بين قوى التغيير والمجلس
العسكري الأربعاء، يعد إنجازا مهما بالنظر إلى التعقيدات الهائلة التي تحيط
بالأوضاع في البلاد".
وفي تطور لافت يعكس حدة الخلافات في المفاوضات
الدائرة بالعاصمة أديس أبابا، بين قوى إعلان الحرية والتغيير والحركات المسلحة،
كادت إثيوبيا أن ترحل رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم المعارض للاتفاق،
قبل أن تتراجع عن ذلك، دون ذكر أسباب واضحة.
وتنضوي حركة العدل والمساواة تحت لواء الجبهة
الثورية، التي أبدت اعتراضات على الاتفاق السياسي الذي وقعه المجلس العسكري
الانتقالي مع قوى إعلان الحرية والتغيير.
اقرأ أيضا: حزب "المهدي" يعلق على رفض كتل من "التغيير" لاتفاق الخرطوم
وتسعى قوى إعلان الحرية والتغيير للاتفاق بين
مكوناتها باجتماعات مستمرة في أديس أبابا منذ أسبوع، وهو ما دفعها لطلب تأجيل جلسة
مفاوضاتها مع المجلس العسكري والتي كانت مقررة الجمعة الماضي، لمناقشة الإعلان
الدستوري.
وحول نتائج معارضة كتل من قوى "الحرية
والتغيير" على اتفاق الخرطوم، يقول المحلل السياسي السوداني ياسر محجوب
الحسين إنه "سيكون تأثيرا سلبيا جدا، لاسيما أن المجلس العسكري نفسه لا يبدو
متحمسا لهذا الاتفاق".
ويضيف الحسين في حديث لـ"عربي21" أن
"المجلس العسكري بدا مضطرا لهذا الاتفاق، وكأنه ينتظر أي فرصة للخروج منه،
ويبدو أن هذه الفرصة قد أوصلته للتخلص من الاتفاق"، معتقدا أن هناك معارضة
قوية جدا لما تم التوقيع عليه.
تحول الوساطة
ويشير الحسين إلى أن الوساطة الأفريقية تحولت جهودها
إلى الجمع ومحاولة وصول التوافق بين مختلف قوى الحرية والتغيير، بعدما كانت
الوساطة مركزة للاتفاق مع المجلس العسكري، مشددا على أن "الاتفاق يعتبر الآن
شبه منته، ويصعب الحديث عن نجاحه أو المضي من خلال خطوات للأمام".
يذكر أن الوسيط الأفريقي محمد ولد لبات وصل إلى العاصمة
أديس أبابا السبت، للمشاركة في اللقاءات التي تنظمها القوى المعارضة مع الحركات
المسلحة.
ويوضح الحسين أن "تكوين قوى الحرية والتغيير
معقد جدا، فهي مكونة من أحزاب مدنية لديها خلافات فكرية وعقدية، وأيضا المكون
الآخر الحركات المسلحة، التي لم توقع حتى الآن على شيء مع المجلس العسكري،
باعتبارها أنها في حالة حرب مع الجيش السوداني".
ويؤكد أن "الذي جمع قوى إعلان الحرية والتغيير
هو إسقاط النظام، ولكن لم يكن بينهما اتفاق على مرحلة ما بعد إسقاط النظام وشكل حكم
البلاد في هذه المرحلة، لأن لكل منهما رؤيته الخاصة، لذلك فإن من الطبيعي ظهور هذه
الخلافات عقب سقوط النظام".
اقرأ أيضا: الوسيط الأفريقي يشارك بمباحثات سودانية مع "الحركة المسلحة"
ويستبعد المحلل السوداني أن تنجح جهود توحيد رؤية
قوى إعلان الحرية والتغيير، لأن عمق هذه الخلافات أكبر بكثير من الوصول لاتفاق في
هذا الظرف وبسرعة، معتبرا أن "هذه الخلافات تصب في مصلحة المجلس العسكري،
ورؤيته التي طرحها في البداية".
وبحسب الحسين، فإن المجلس العسكري في موقف سياسي قوي
جدا، "وبدا كأنه وضع الكرة في ملعب القوى السياسية، التي هي الآن في حالة
اختلاف كبير جدا على الاتفاق الأخير"، محملا مسؤولية ما يدور للنخب السياسية
المدنية والعسكرية على حد سواء.
ويبين أن "الجميع لا يلتفت للمشكلة الاقتصادية
الأساسية التي دعت الجماهير لإسقاط النظام السابق، وكل الجدل الحالي حول الصلاحيات
والسلطات، فيما تمضي الأزمة الاقتصادية في طريق التدهور، وتزيد معاناة الشعب في
هذا الإطار".
"اتفاق كارثي"
في المقابل، يرى القيادي في قوى الحرية والتغيير نور
الدين صلاح الدين أن "القوة هي مساهمة في عملية تنظيم الحراك
الجماهيري"، مؤكدا أن "الصانع الأساسي للثورة هو الشارع السوداني، وهو
الضامن الأكبر لأي اتفاق".
ويضيف صلاح الدين في مقابلة تلفزيونية تابعتها
"عربي21" أن "الشعب السوداني قادر على الوصول بالثورة إلى نهايتها
المفترضة، بإقامة دولة القانون والمؤسسات وإحقاق العدالة".
ويتوقع صلاح الدين أن "يقود هذا الاتفاق إلى
مجموعة خطوات، نحو الوصول إلى المطالب التي قامت من أجلها الثورة"، مشددا على
أن القوى المعارضة تمضي بالطريق الصحيح "وبشكل جيد".
وجدد الحزب الشيوعي أحد مكونات "الحرية والتغيير"
الأحد، دعوته المواطنين إلى رفض الاتفاق، ووصفه بالكارثة وأنه يمهد للهبوط الناعم،
وتمسك بأهمية تمدد الحراك الجماهيري لتحقيق أهداف الثورة كاملة.
من جهتها، تمسكت الجبهة الثورية السودانية بضرورة
إدراج مقترحاتها ورؤيتها في الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري، وليس الإعلان
الدستوري، لافتة إلى أن "الأخير عبارة عن نصوص قانونية مستنبطة من الاتفاق
السياسي، الذي ينبغي أن يتضمن كافة القضايا موضوع الخلاف".
التأجيل المتكرر للتوقيع يهدد اتفاق الخرطوم.. هذه نقاط الخلاف
سودانيون يوثقون جرائم فض الاعتصام مع عودة الإنترنت (شاهد)
هل يُنهي تجمع المهنيين السوداني ارتباطه بـ"الحرية والتغيير"؟