تحدثت صحيفة إسرائيلية عن الهجمات الإسرائيلية المتعددة ضد الأهداف
الإيرانية في سوريا والعراق ولبنان، مؤكدة أن ساحة الصدام بين "تل أبيب"
وطهران "آخذة في الاتساع".
وأكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، في تقرير نشرته للخبير الإسرائيلي
عاموس هرئيل، أن "سلسلة الأحداث خلال 24 ساعة الأخيرة تعكس تصعيدا كبيرا في
الصراع الإسرائيلي ضد إيران"، منوهة بأن "المواجهة بين الجانبين، التي
يجري معظمها بصورة سرية، تمتد الآن على مساحة ثلاث دول أخرى هي؛ سوريا ولبنان
والعراق".
وذكرت أن "3 هجمات نسبت لإسرائيل في يوم واحد، ضد أهداف متماهية
مع إيران"، مضيفة: "لأن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، هدد بشكل
صريح بالانتقام على قتل عناصر من حزبه في الهجوم على سوريا، فإن الاستعداد العالي
والاستثنائي في الجانب الإسرائيلي يتوقع أن يستمر فترة ما".
ورغم أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه عبر الهجوم الذي شنته طائرات
إسرائيلية مساء السبت في سوريا، على أهداف في ريف العاصمة السورية دمشق، "نجح
في إحباط خطة إيرانية تشمل إطلاق طائرات مسيرة هجومية على أهداف عسكرية ومواقع
بنى تحتية إسرائيلية، إلا أن طهران تواصل العمل والتخطيط".
ونوهت الصحيفة بأن "إسرائيل وبصورة استثنائية أعطت تفاصيل كثيرة
نسبيا عن الهجوم، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجيش قاموا بإصدار بيانات حول
ذلك"، معتبرا أن "إسرائيل انحرفت في بياناتها عن سياسة الغموض التي
اتبعتها بخصوص معظم الأحداث في سوريا في السنوات الأخيرة".
وأضافت: "ربما يكون تبرير ذلك أنه في هذه الحالة الحديث يدور
عن عملية إحباط استباقية، قبل لحظة من الهجوم الإيراني، وربما أيضا لاعتبارات
انتخابية"، منوهة بأنه "بعد أقل من ثلاث ساعات وقعت حادثة هامة أخرى في
بيروت؛ حيث حلقت كما ذكر نصر الله طائرات إسرائيلية مسيرة على ارتفاع منخفض فوق
الضاحية، وتم إسقاطها، واحدة من قبل شباب، وأصابت طائرة مسيرة أخرى كانت تحمل عبوة
ناسفة مكتبا لحزب الله".
وذكرت أنه "ليس من الواضح ما الذي أرادت أن تحققه إسرائيل من
وراء الهجوم، عدا عن إرسال رسالة تحذير لحزب الله، لأن الضرر الذي وقع لا يبرر
الهجوم الاستثنائي جدا، ربما هناك اعتبارات أخرى غير ظاهرة لنا في هذه المرحلة".
أما الحادثة الثالثة، فوقعت ظهر أمس قرب معبر الحدود في منطقة
"أبو كمال" بين العراق وسوريا، هاجمت فيها طائرة مسيرة قافلة تضم قادة
مليشيا شيعية في العراق، وأبلغ عن 9 قتلى، من بينهم قائد محلي رفيع المستوى".
اقرأ أيضا: الحشد الشعبي يهدد "بردّ قاس" على استهداف عناصره بالعراق
وسلطت "هآرتس" الضوء على التهديدات المتبادلة التي أطلقها
نتنياهو ونصرالله، وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "كل دولة تسمح باستخدام
أراضيها للهجوم على إسرائيل ستتحمل النتائج"، في حين رد نصر الله على هذه
التهديدات، ونفى المزاعم الإسرائيلية بقصف قوة من الحرس الثوري الإيراني، وهدد برد
"شديد وفوري"، معتبرا أن "إسرائيل خرقت قواعد اللعب".
وبينت أنه "في جهاز الأمن الإسرائيلي ينظرون بجدية لتهديد حزب
الله، وتم زيادة استعدادات بطاريات القبة الحديدية، ورفع مستوى التأهب بدرجة كبيرة
على الحدود مع لبنان وسوريا"، موضحة أن "إيران حاولت عدة مرات مؤخرا الرد على إسرائيل بإطلاق صواريخ من سوريا، لكن هذه المحاولات أحبطت عبر هجمات
وقائية لسلاح الجو".
وأشارت الصحيفة إلى أن "عملية إيران التي تم إحباطها، خطط لها
كانتقام على الهجوم الذي نسب لإسرائيل في العراق في 19 تموز/ يوليو الماضي ضد مخازن
سلاح لقوات شيعية مدعومة من إيران"، منوهة بأن "طهران اعتبرت الهجوم محاولة إسرائيلية لتوسيع ساحة الصراع".
وتابعت: "بصورة شاذة جدا عن سياسة أمن المعلومات، ألمحت طهران
بشأن الرد المتوقع من جانبها، وكتب محلل مقرب من حرس الثورة الإيراني، أن هجمات
إسرائيل في العراق وسوريا سيتم الرد عليها بشكل مفاجئ؛ من مثل إطلاق طائرات مسيرة
نحو أهداف إسرائيلية حساسة"، مضيفة: "الخطة التي أحبطها الجيش الإسرائيلي،
تشبه العملية التي هدد بها المحلل قبل حدوثها".
وأكدت أن "القصف المتكرر لأهداف إيرانية في سوريا، يبرهن على
الأفضلية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي عندما تجري المواجهة مع الحرس الثوري
قرب الحدود مع إسرائيل"، كاشفة أن "أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تغطي
تماما ما يحدث في سوريا، وسلاح الجو ينجح في ضرب الإيرانيين وإحباط خططهم، دون
صعوبات خاصة حتى الآن".
ورغم "الأفضلية" الإسرائيلية، إلا أن إيران -بحسب الصحيفة- "لم تتنازل عن طموحاتها في سوريا، فهي تجري تغييرات، ولم تتنازل عن عمليات
التمركز العسكري في سوريا، ولم توقف إرسال السلاح لحزب الله".
ونبهت إلى أن "الهجوم في سوريا ولبنان يظهر بصورة مختلفة الانتقاد
الذي وجه لحكومة نتنياهو بذريعة انعدام الروح الهجومية ضد حماس في قطاع غزة"،
مؤكدة أن "التوتر في الشمال يزداد كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية
بتاريخ 17 أيلول/ سبتمبر المقبل".
وزعمت أن "الوضع في الشمال يختلف عن القطاع، فنتنياهو يشعر في
هذه الأثناء بارتياح من الناحية السياسية؛ فهو يظهر كمن يسيطر على الوضع (في
الشمال) ويدير استخدام القوة بحذر نسبي"، معتبرة أنه "من المعقول أن
يستثمر نتنياهو النشاط العسكري في سوريا انتخابيا، في الوقت الذي يحاول فيه
أن يقلص بقدر الإمكان النقاش حول وضع الإسرائيليين في غلاف غزة".
وأما بشأن الشمال، "فلا يوجد لدى خصوم نتنياهو الكثير مما يمكن
قوله، باستثناء إظهار الدعم القسري بقدر ما لسياسة الحكومة وخطوات الجيش
الإسرائيلي"، بحسب الصحيفة التي تساءلت: "هل قرار توسيع الهجمات
الإسرائيلية على العراق لم يكن يكتنفه مخاطرة مبالغ فيها؟ وهل هو القشة التي قسمت
ظهر البعير الإيراني، وجرته لمحاولة الرد مساء السبت؟".
وفي نهاية المقال، قدرت "هآرتس" أن الهجمات الإسرائيلية
ضد الأهداف الإيرانية، "سيكون لها ثمنا معينا، حتى لو لم يصل لحرب شاملة بين
الطرفين".
على غير العادة.. ما دوافع إسرائيل لتبني "هجوم دمشق" الآن؟
ما حقيقة الصراع بين رئاسة "الحشد" وقيادات موالية لإيران؟
لماذا تصمت بغداد على الهجمات الأخيرة رغم دلائل ضلوع إسرائيل؟