تسود الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة
حالة استنفار واسعة، من قبل قوات الاحتلال بعد التهديد الذي أطلقه الأمين العام
لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، بـ"حتمية الرد" على هجومي الضاحية
الجنوبية بطائرتين مسيرتين، وقصف مقر لحزب الله في العاصمة السورية دمشق.
التهديد الذي ترك نصر الله أبوابه مفتوحة،
خلال حديثه للاحتلال في كلمة قبل أيام، يطرح تساؤلات حول شكل الرد خاصة أنه أفصح
فيه عن أمر واحد، وهو المكان انطلاقا من الحدود اللبنانية، أي أنه لن يلجأ للهجوم
عبر مزارع شبعا المتداخلة مع الحدود السورية، كما درجت العادة خلال السنوات
الماضية.
وتتعدد أشكال الرد انطلاقا من الحدود
اللبنانية، فربما يلجأ الحزب لقصف صاروخي موجه "الكورنيت" كما حصل قبل
أعوام باستهداف آليتين للاحتلال على الحدود، في حين تطرح أحاديث عن ضربة بواسطة
طائرة مسيرة أو عمليات قنص، لكن فكرة الاشتباك الواسع استبعدت من قبل محللين
إسرائيليين تجنبا لتدحرج الأمور نحو حرب مفتوحة لا يرغبها الطرفان.
إقرأ أيضا: حزب الله يسلم حطام "الدرونز" الإسرائيلية للجيش اللبناني
الخبير العسكري الإسرائيلي عاموس يدلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية
الإسرائيلية (أمان)، رأى أن حزب الله "يخطط لرد لا يصل إلى مرحلة الحرب".
وأشار يدلين
في قراءة للمشهد بصحيفة "هآرتس" إلى أن الحزب، "أمام وضع محرج
يلزمه بالرد بعد كسر إسرائيل الخطوط الحمر، ومحاولة تغيير قواعد اللعبة بقتل
عناصره في دمشق، وقصف الضاحية وربما يلجأ لضربة في مرتفعات الجولان عبر طائرات
مسيرة".
وأضاف: "الرد ربما يكون موضعيا ومحدودا
من قبل الحزب، لينتهي كحدث محوري" لكنه رأى أن الحدث في حال أسفر عن
"ضرر كبير، فقد يتسبب برد فعل إسرائيلي قاس، وهناك قد يتدهور الوضع نحو حرب
شاملة، بعدة مواقع شمالا سواء في لبنان أو سوريا".
من جانبه قال المحلل السياسي اللبناني عبد
اللقيس إن ما حصل في الضاحية، يعد من جانب الحزب "عدوانا وإعلان حرب،
وبالتالي فإن شكل الرد سيكون مرتبطا بشكل الهجوم الذي حصل".
وأوضح اللقيس لـ"عربي21" أن الردود
السابقة من طرف الحزب على "اعتداءات الاحتلال تختلف كليا عن هذه المرحلة، لأن
الاعتداءات كانت تتم خارج لبنان وبعضها في مناطق حدودية متداخلة مثل مزارع شبعا،
وهناك العديد من الاعتبارات لكن هذه المرة الهجوم تم داخل لبنان".
وبشأن تصريح أمين عام حزب الله بأن الرد هذه
المرة سيكون من لبنان، قال المحلل السياسي: إن "الإشارة واضحة إلى نقطة الانطلاق،
والحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة مسافة شاسعة، والاحتمالات عديدة في هذا المجال".
وأضاف: "هناك تحركات حثيثة خلال الأيام
الماضية من قبل العديد من السفارات الغربية، لممارسة ضغوط من قبل الدولة اللبنانية
على الحزب، للامتناع عن الرد على هجوم الضاحية، لكن تصريحات الحزب تؤكد أن تغيير
قواعد اللعبة مرفوض، وبالتالي الضربة المتناسبة مع الهجوم حتمية".
إقرأ أيضا: لماذا كشف جيش الاحتلال هيكلية صواريخ حزب الله الدقيقة؟
بدوره قال الخبير العسكري العميد المتقاعد
أمين حطيط: إن "اختيار شكل الرد من ناحية المبدأ محكوم بتحقيق عنصر المفاجأة،
لذلك امتنع الحزب عن تقديم أي معلومة تساعد الاحتلال، في اتخاذ تدابير تفشل الرد".
وأوضح حطيط لـ"عربي21" أن الرد "المطلوب
من طرف الحزب ليكافئ حجم الاعتداء مفتوح/ ويعتمد حتى الآن على الإرباك النفسي، ومن
مصلحة المقاومة إنتاج حالة من الحيرة والإرباك وفقدان الاستقرار الذهني، لمنعه من
التركيز على نقطة معينة لاتقاء الخطر".
وأضاف: "الاحتلال رسم عدة سيناريوهات
لطبيعة الرد حتى الآن، وقام باتخاذ تدابير الدفاع السلبي عبر الامتناع عن تسيير
دوريات على الحدود، وتجهيز دفاعات جوية لطائرات مسيرة، ورفع مستوى الاستنفار
العسكري لخطر التسلل، فضلا عن تحذير المستوطنين، للبقاء في الملاجئ خوفا من قصف
صاروخي".
وتابع حطيط: "لكن الواضح أن الاحتلال
حصر جهده في الاستنفار عند نقطة واحدة، وهي الحدود ولذلك قام بسحب الجنود مسافة 5
كيلومترات منها، خوفا من عمليات قنص، كما أخلى دورياته من الأحياء واستبدلهم بجنود
من الدمى البلاستيكية، وهو ما يظهر حجم التخوف من رد لا يمكن ابتلاعه بسهولة، خاصة
إذا سقط فيه خسائر بشرية كبيرة في صفوفه".
وشدد حطيط على أن "الرد ربما يكون
متناسبا مع حجم الاعتداء الذي نفذه الاحتلال، من أجل إبقاء قواعد الاشتباك على
حالها وردع إسرائيل من تكرار ما قامت به".
إسرائيل تعكّر أجواء الشمال.. وتقترب من المواجهة مع حزب الله
على غير العادة.. ما دوافع إسرائيل لتبني "هجوم دمشق" الآن؟
كيف تواجه تركيا تقدم النظام بإدلب وهل يعرقل المنطقة الآمنة؟