كشف وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، أن وزارته قررت التوجه إلى المحكمة العليا للتحكيم الدولي في لاهاي، لاسترداد الأموال التي تحتجزها إسرائيل منذ أشهر.
تأتي هذه الخطوة بعد سبعة أشهر على قرار إسرائيل اقتطاع ما قيمته 138 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية، المعروفة بـ(المقاصة)؛ بحجة قيام السلطة بدفع رواتب أسر الشهداء والأسرى.
كان للقرار الإسرائيلي تداعيات مالية على السلطة الفلسطينية، التي دخلت في أزمة مالية حادة جراء رفضها استلام أموال المقاصة منقوصة، وهو ما انعكس بشكل واضح على حجم النفقات التشغيلية للسلطة، خصوصا ما يتعلق برواتب الموظفين.
تضم أموال المقاصة العائدات الجمركية التي تقوم إسرائيل بجبايتها نيابة عن السلطة للبضائع الواردة للسوق الفلسطيني، وتتراوح قيمتها ما بين 180_200 مليون دولار شهريا.
ملفات القضية
وكشف بشارة أن الملفات التي ستكون على طاولة التحكيم الدولي تشمل الاقتطاع الإسرائيلي المستمر لأموال المقاصة، ورسوم بدل الجباية، المقدرة بـ3 بالمئة لقيام إسرائيل بتحصيل الإيرادات الجمركية نيابة عن السلطة، والضرائب الإسرائيلية على المنشآت التجارية في المناطق (ج)، والضرائب غير المستردة لعمل شركات الاتصالات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وخلال هذه الأزمة القائمة منذ سبعة أشهر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لم تشهد هذه القضية أي تحركات لإنهاء هذا الخلاف؛ وبذلك يعد توجه السلطة لمحكمة التحكيم الدولي أول تحرك عملي لإدانة إسرائيل في هذه القضية.
شكوك ومخاوف
وشكك أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، نائل موسى، بنجاح السلطة في التوجه القضائي لإدانة إسرائيل؛ وذلك لأن "اتفاقيتي أوسلو وباريس لم تتضمنا أي بند للتحكيم القضائي في حال لم يلتزم أحد الأطراف بالنصوص الواردة في كل من الاتفاقيتين. ومن جانب آخر، فإن الخروقات الإسرائيلية في اتفاق باريس الاقتصادي الناظم للعلاقة بين الطرفين معززة بأحكام صادرة من محاكم إسرائيلية وقرارات أخرى صادرة عن الكنيست (السلطة التشريعية)، وهذا يعني أن ما تمارسه إسرائيل على الأرض ما هو إلا تنفيذ لقرارات قضائية وتشريعية".
وتساءل الخبير الاقتصادي في حديثه لـ"عربي21" عن "أسباب تأخر السلطة في التوجه للمحاكم الدولية لإدانة إسرائيل بعد 25 عاما على اتفاقية لم يلتزم ببنودها سوى طرف واحد، في حين كان بالإمكان أمام السلطة أن توقف العمل بهذه الاتفاقية عند أول خرق إسرائيلي لها، وهذا كان من شأنه أن يوقف مسلسل الابتزاز والمقايضة الذي مارسته إسرائيل على مدار السنوات الماضية".
وفقا لتصريحات بشارة، فقد اقتطعت إسرائيل من طرف واحد ما يزيد على 3.5 مليار دولار من أموال المقاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما كان سببا في اعتماد السلطة على القروض المحلية والخارجية لتمويل نفقاتها التشغيلية، التي تقدر سنويا بـ4 مليارات دولار.
ومن أشكال القرصنة الإسرائيلية: خصم فواتير خدمة علاج المرضى الفلسطينيين في المشافي الإسرائيلية، وخصم مستحقات شركات الكهرباء والمياه الإسرائيلية التي يستفيد منها الفلسطينيون، إضافة إلى تعويضات مالية لمن تتهم السلطة بالعمالة لصالح المخابرات الإسرائيلية اعتقلتهم السلطة في السنوات الأولى من اندلاع انتفاضة الأقصى.
قرارات غير ملزمة
ويشير وزير التخطيط والعمل السابق، سمير عبد الله، إلى أن "لجوء السلطة للتحكيم الدولي بشأن الخروقات الإسرائيلية في اتفاق باريس يهدف إلى استرداد أو الحصول على تعويضات لما جنته إسرائيل بطريقة تعسفية لأموال الأجيال القادمة، ولكن على السلطة أن تدرك أن قرار المحكمة لن يكون ملزما للطرف الآخر، وهي لا تعدو كونها رسالة احتجاج بأن إسرائيل لا تحترم النصوص والاتفاقيات مع الأطراف الأخرى".
وأكد عبد الله لـ"عربي21" أن "على السلطة أن تحدد موقفها بشأن العلاقة الاقتصادية مع الجانب الإسرائيلي، فإذا كانت في طور الانحلال والتفكك التدريجي من هذه العلاقة فعليها وقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي، والبحث عن صيغة لاتفاق جديد ينظم العلاقة الاقتصادية يراعي فيه التغيرات البنيوية التي شهدها الاقتصاد الفلسطيني على مدار السنوات الماضية".
في حين يرى الخبير الاقتصادي، معين رجب، في حديثه لـ"عربي21"، أن "لجوء السلطة للمحاكم الدولية يعني أن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة ستمتد لسنوات قادمة؛ نظرا لأن متوسط الفترة التي تبدأ بها المحكمة استقبال الطلبات ودراستها وإصدار الحكم النهائي في المسألة يحتاج من عامين إلى ثلاثة أعوام، وفي هذه الحالة سيكون العبء المالي للسلطة قد وصل لمراحل خطيرة؛ نظرا لاعتمادها على القروض المحلية والخارجية لتغطية نفقاتها التشغيلية".
نشطاء يشيدون برد حزب الله وآخرون يصفونه "باهتا" (شاهد)
مقتل الشابة "إسراء غريب" يثير جدلا وغضبا واسعين في فلسطين
إبعاد عن المنازل.. هكذا يعاقب الاحتلال المقدسيين (شاهد)