قبل عامين ونيّف، قامت الرياض مع عدد من الدول الخليجية إلى جانب مصر بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وفرض حصار عليها. أدّت هذه الخطوة إلى أزمة غير مسبوقة على مستوى مجلس التعاون الخليجي اتّخذت طابعاً إقليمياً ودولياً، وشكّلت ما يمكن وصفه بالمغامرة الأكثر عبثية في تاريخ مجلس التعاون الخليجي. من بين الحجج التي تمّ استخدامها آنذاك كذريعة لتبرير مثل هذا التصرّف طبيعة العلاقة المزعومة بين الدوحة وطهران.
إيران والتناقض بين الإمارات والسعودية
لم تكن هذه الذريعة الوحيدة بطبيعة الحال، لكن نظراً لحساسية الملف الايراني إقليميا ودولياً، قامت دول الحصار بالتركيز عليه لخلط الأوراق مراهنةً في نفس الوقت على أنّ الوقت كفيل بإخضاع الدوحة حتى ولو أدى ذلك إلى انهيار مجلس التعان الخليجي. وإمعاناً في التأكيد على أنّ الرياض وأبو ظبي في خندق واحد، تمّ إنشاء مجلس مشترك سعودي-إماراتي لتنسيق السياسات وتحقيق المصالح المشتركة.
وللمفارقة، عكست التطورات الأخيرة المتعلقة بالتصعيد الأمريكي-الإيراني في الخليج تضارباً كبيراً في مصالح وأولويات الجانبين (الرياض وأبو ظبي) بشكل يضع علامات استفهام جديدة على التناقضات القائمة في سياسة البلدين مؤخراً بما في ذلك في الملفات المشتركة بينهما كاليمن وإيران على سبيل المثال لا الحصر. الإمارات كانت السبّاقة إلى الاستدارة في سياساتها مع إيران بـ 180 درجة، ففي الوقت الذي كانت تدعو فيه الرياض إلى التشدد ضد النظام الإيراني، سارعت أبو ظبي إلى فتح قنوات للتفاوض بشكل منفرد معه، وذلك تحت غطاء التنسيق العسكري والأمني في مياه الخليج.
عكست التطورات الأخيرة المتعلقة بالتصعيد الأمريكي ـ الإيراني في الخليج تضارباً كبيراً في مصالح وأولويات الجانبين (الرياض وأبو ظبي)
الموقف من حرب اليمن
التقارير تشير إلى أنّ الرياض تدرس جدّياً وقفاً لإطلاق النار، وبعض الأوروبيين فسّروا هذا الموقف على أنّه سعي للخروج من المأزق اليمني مشيرين إلى أنّه من المهم مساعدة السعودية على حفظ ماء الوجه لضمان الانسحاب. كل هذا يأتي بالتزامن مع الكشف عن إرسال الرياض وسطاء يحملون رسائل إلى طهران من أجل تسهيل عملية التفاوض غير المباشرة الحاصلة حالياً بين الطرفين. يأتي ذلك في وقت عقد فيه اجتماع استثنائي لرؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي بحضور قطر، فيما يبدو أنّه محاولة سعودية لتخفيف وطأة العبء الأمني والعسكري الواقعة فيه الآن من خلال الاستفادة من القدرات المجتمعة لدول مجلس التعاون الخليجي.
أمّا والحال هذه، فالوقائع تشير إلى أنه من العبث بمكان المكابرة والاستمرار في إطالة أمد الأزمة الخليجية. لقد آن الأوان لفك الحصار وإعادة العلاقات الدبلوماسية والمسارعة في إجراءات بناء الثقة وإعادة تفعيل مجلس التعاون الخليجي، وليس أفضل من أن يتم ذلك من خلال تجيير فضل تحقيق هذا الأمر إلى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح بعد الجهود المضنية التي قام بها. كل ما عدا ذلك هو مضيعة للوقت والجهد وسيؤدي إلى نتائج عكسية بالضرورة.
الدور الروسي في الأزمة الليبية وموقف حلفاء حفتر
جماعات ترمي داءها على القاعدة و"داعش"