صحافة دولية

المونيتور: من الذي خذل أكراد سوريا؟

المونيتور: هناك أسباب أكثر من المكالمة بين ترامب وأردوغان للتدخل العسكري التركي- جيتي

نشر موقع "المونيتور" تقريرا لمراسلته في تركيا، أمبرين زمان، تقول فيه إنه في الوقت الذي قام فيه الأكراد بإلقاء البيض والبندورة على الجنود الأمريكيين المغادرين شمال شرق سوريا، ليعربوا عن غضبهم على تخلي دونالد ترامب عنهم، سارع زعماؤهم لمحاولة فهم رسائل الإدارة المختلفة حول ما إذا كان ستبقى في المنطقة أي قوات أمريكية.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني، حاول إقناع البيت الأبيض بنشر قوة رمزية، كما ذكر موقع المونيتور، بحجة أن ذلك يعطي الأكراد قوة ضغط على الأسد، ويسمح للتحالف الذي تقوده أمريكا بالاستمرار في مكافحة بقايا تنظيم الدولة، في الوقت الذي قام فيه ترامب بموازنة خياراته، بحسب ما قالت صحيفة "نيويورك تايمز".

 

وتنقل زمان عن وزير الدفاع، مارك إسبر، قوله إن أمريكا تفكر في إبقاء بعض القوات في شمال شرق سوريا لمنع وقوع النفط في أيدي تنظيم الدولة، لكن لم يتم اتخاذ قرار بعد.

 

ويجد الموقع أنه وسط التكهنات حول تحرك أمريكا القادم، فإنه كان من الواضح أن هناك أسبابا أكثر من مكالمة 6 تشرين الأول/ أكتوبر بين ترامب وأردوغان للتدخل العسكري التركي، الذي بدأ في 9 تشرين الأول/ أكتوبر، ودخل الآن أسبوعه الثالث.

 

ويلفت التقرير إلى أنه في سلسلة من المقابلات مع مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى معرفة جيدة بسياسة إدارة ترامب تجاه سوريا، تحدث جميعهم بشرط عدم ذكر أسمائهم، وصفوا نمطا من الأهداف المتضاربة وخداع النفس والكلام الغامض. 

 

وتورد الكاتبة عن أحد المصادر، قوله: "كان هناك فترة كاملة حددت تلك المرحلة (للتدخل التركي ومكالمة 6 تشرين الأول/ أكتوبر)، ولم يكن خطأ واحدا تم ارتكابه على أعلى مستوى، لكن كان هناك الكثير من الأمور"، ولام الكثيرون المسؤول عن قيادة فريق سوريا في إدارة ترامب السفير جيم جيفري.

 

ويذكر الموقع أن جيفري، المخضرم في العمل الدبلوماسي، والذي انضم لوزارة الخارجية بصفته ممثلا خاصا مسؤولا عن الملف السوري في أيلول/ سبتمبر 2018، يتهم بأنه سعى لتحقيق أهداف لا يمكن التوفيق بينها، مثل تقريب تركيا -الغاضبة بسبب التحالف الأمريكي مع الأكراد السوريين- بينما سعى لإبقاء وجود عسكري في شمال شرق سوريا بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية إلى أجل غير مسمى، وكانت الخطة هي التخفيف من النفوذ الإيراني وعزل نظام الأسد.

 

وينوه التقرير إلى أن جيفري لا يزال حتى اليوم من بين غالبية من المسؤولين في الإدارة الذين يدعون لبقاء قوة رمزية، مشيرا إلى أن مسؤولا أمريكيا قال: "لم يخف السفير جيفري أنه يعتقد أن وجودنا هناك يعطي الولايات المتحدة الكثير من التأثير". 

 

وتفيد زمان بأنه بحسب مصادر مطلعة على النقاشات الداخلية لوزارة الخارجية، فإنه تم الطلب من جيفري مبكرا بأن يقلل من توقعاته، وتم إخباره بأن ترامب لا يؤيد طموحاته لسوريا، وأن محاولة السعي لتحقيق تلك الأهداف "ستقود إلى فوضى".

 

وينقل الموقع عن مصدر، قوله بأن مستشار الأمن القومي السابق "جون بولتون كان مشكلة، وأضاف المصدر: "إن استمرار الوجود العسكري الأمريكي لا يفيد قوات سوريا الديمقراطية، لكنه فقط يخفف من الألم، أظن أن مغادرة أمريكا ستكون أمرا صعبا في البداية، لكنها ستسرع من اتخاذ بعض القرارات التي تتردد قوات سوريا الديمقراطية في اتخاذها، مثل التعامل مع نظام الأسد وروسيا، وإن بقي الأمريكيون في سوريا فإن هناك محفزا للروس بأن يضغطوا على قوات سوريا الديمقراطية".

 

ويشير التقرير إلى أن جيفري لم يستجب لطلب التعليق من "المونيتور"، لافتا إلى أن جيفري، الذي كان سفيرا سابقا لأنقرة وبغداد، يتوقع أن يشهد أمام لجان الكونغرس، بينها لجنة العلاقات الخارجية، في جلسة استماع بعنوان: "خذلان الشركاء الأكراد السوريين: كيف ستتعافى السياسة الأمريكية الخارجية".

 

وتلفت الكاتبة إلى أن جيفري تعايش مع المبعوث الخاص السابق للتحالف ضد تنظيم الدولة بريت ماكغيرك، الذي أدى دورا فعالا في صناعة التحالف مع قوات سوريا الديمقراطية عام 2014، مشيرة إلى أنه خلافا لجيفري، فإن ماكغيرك كان واضحا مع كوباني من البداية، كما أقر كوباني في مقابلة مع "المونيتور"، بأنه بعد هزيمة تنظيم الدولة على الأكراد السوريين التوصل إلى صفقة مع نظام الأسد، وأن أمريكا ستساعدهم في الحصول على أفضل ترتيب سياسي، لكن لم يكن واضحا كيف يمكن أن يتم هذا، خاصة أذا ما تم الأخذ في عين الاعتبار بأن أمريكا ليست لديها علاقات رسمية مع نظام الأسد.

 

وينوه الموقع إلى أن ماكغيرك استقال بعد أول أمر لترامب بسحب القوات الأمريكية في كانون الأول/ ديسمبر 2018، وأعطي جيفري وظيفة ماكغيرك بالإضافة إلى عمله، مشيرا إلى أن المسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية يؤكدون بأن ماكغيرك كان يطمئنهم دائما بأن القوات الأمريكية ستبقى حتى إشعار آخر.

 

ويورد التقرير نقلا عن مسؤول الحكومة الأمريكية، قوله بأنه نظر إلى مغادرة ماكغيرك ووصول جيفري على أنهما "فرصة لإعادة تقويم الوضع ولإعادة الربط مع تركيا؛ وذلك لشعور البعض، مثل جيفري وغيره، بأننا ابتعدنا كثيرا عن أنقرة، لكن أيضا لأن ذلك تزامن مع انتهاء العمليات ضد تنظيم الدولة".

 

وتقول زمان إنه نتيجة لهذا اعتبر التفاعل مع تركيا، الحليف العضو في الناتو، له أولوية أكبر، ورأى جيفري أن وظيفته هي إصلاح علاقة واشنطن مع تركيا؛ لأنه يعتقد بأن ذلك هو لمصلحة أمريكا، مستدركة بأنه قد تم تحذير جيفري من أن إرضاء أردوغان "يجعل الأمور أسوأ"، ولم يكن صدفة بأن الأتراك بدأوا في دق طبول الحرب عندما دخل جيفري على الخط.

 

وينقل الموقع عن المصدر، قوله: "إن الناجع مع أردوغان هو الدبلوماسية مدعومة بالحديد من الرئيس"، مشيرا إلى أنه في 2017 وخلال حديث (بين ترامب وأردوغان)، أثار أردوغان احتمال اجتياح، فحذره ترامب "على طريقة كلينت إيستوود" بألا يفكر في الأمر "فتوقف أردوغان".

 

ويشير التقرير إلى أن أردوغان بقي يهدد بغزو سوريا بسبب قلقه من العلاقة القريبة بين قوات سوريا الديمقراطية مع حزب العمال الكردستاني، الذي قاتل الجيش التركي منذ عام 1984.

 

وتفيد الكاتبة بأنه من وجهة نظر جيفري فإن أفضل طريقة لمنع التدخل التركي هي من خلال استخدام القنوات الدبلوماسية والبدء بعملية مثل خارطة طريق منبج، بحيث يتم التعامل مع مخاوف تركيا الأمنية، وللإثبات لهم بأنه لا حاجة للتدخل، وأن منع التدخل سيسمح لأمريكا بالبقاء في سوريا لتحقيق الاستقرار على الحدود، والإبقاء على شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية؛ لأنه لو قامت تركيا بالتدخل فإن من الصعب على القوات الأمريكية البقاء.

 

وبحسب الموقع، فإن عناصر الآلية الأمنية التي أعلن عنها تضمنت سحب الأسلحة الثقيلة بعيدا عن الحدود التركية، وسحب مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية من بعض المناطق، وهدم تحصينات قوات سوريا الديمقراطية، وسمح للأتراك برؤية ذلك من خلال الدوريات المشتركة، والقيام بالمراقبة من خلال طائرات الهيلوكوبتر في منبج.

 

ويورد التقرير نقلا عن المصدر، قوله إن "ما فشل الأمريكيون في الاعتراف به هو أنه كان لدى تركيا تفسير مختلف تماما لما ستؤدي إليه هذه الإجراءات.. وساعد على هذا أن خارطة طريق منبج، أشارت بغباء إلى أن نموذجا مشابها يمكن أن يطبق في مناطق أخرى تم تحريرها من تنظيم الدولة، وهذه المناطق بالطبع تشمل شمال شرق سوريا كله.. فأنت تتنازل حتى قبل أن تتحدث مع الأتراك، وستتنازل أكثر بالطبع".

 

وتقول زمان إنه لذلك فكرت تركيا بأنها ستشمل منبج في منطقة درع الفرات، وهو السبب الذي جعل أردوغان يستمر في القول بأن أمريكا فشلت في الوفاء بتعهداتها كلها في خارطة طريق منبج.

 

ويلفت الموقع إلى أن تركيا قدمت في الوقت ذاته خطة تدخلها العسكري لأمريكا في أوائل عام 2019، وأجملت ما ستفعله القوات التركية في المرحلة الابتدائية، وهو ما قامت به منذ 9 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو الاستيلاء على مساحة من الأرض بين تل أبيض ورأس العين، ثم الاختراق حتى الطريق السريع M4K والمرحلة الثانية هي الاستيلاء على بقية الحدود التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، بعد أن دقت إسفينا بين المناطق المتصلة للأكراد، أو ما يسمى بالكانتونات، كوباني والجزيرة أولا.

 

وتبين الكاتبة أنه خلال المفاوضات حول الآلية الأمنية ألمح الأمريكيون لتركيا بأنه بعد أن يتم إنشاء الآلية الأمنية والتوصل إلى اتفاق مؤقت مع قوات سوريا الديمقراطية سيتحول الوجود التركي هناك إلى أقرب للدائم مع الوقت، وأن بإمكان القوات التركية إنشاء قواعدها بجانب القوات الأمريكية، إلا أن هذا الأمر لم يتم إيصاله إلى كوباني، بحسب مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية.

 

وينوه الموقع إلى أنه بعدها، وحتى أيلول/ سبتمبر، قال جيفري لصحيفة "ديفنس بوست": "عندما حاولت قوات نظام الأسد أو القوات الحليفة التغلغل في الشمال الشرقي قمنا باتخاذ الإجراءات كلها لضمان توقف التغلغل، وسيستمر ذلك".

 

وينقل التقرير عن المصدر، قوله: "جيفري دبلوماسي موهوب.. وهو يعرف متى يمكنه دفع الحدود ويعرف متى يقول لأنقرة (يمكنني أن أجعل قوات سوريا الديمقراطية تفعل ذلك)، حتى لو لم تقل قوات سوريا الديمقراطية نفسها (نعم سنفعل ذلك)".

 

وتذكر زمان أن كوباني وافق أخيرا، في الفترة ما بين تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، على وجود عدد محدود من الجنود الأتراك على الأرض، بشرط أن يكونوا موجودين مع القوات الأمريكية وفي منطقة محددة وبشكل مؤقت.

 

ويفيد الموقع بأن تركيا اعتقدت بسبب سيل من التنازلات بأن الآلية الأمنية "ستمنحها ما قامت بأخذه"، بحسب مصدر مطلع على المفاوضات، وتكهن المصدر بأنه "عندما شكت تركيا بأن أمريكا لن تمنحها ذلك قررت القيام بالغزو، مع أن أمريكا كانت تطبق الآلية الأمنية، وألمحت إلى أنهم سيحصلون في المحصلة على قاعدة مع القوات الأمريكية"، مشيرا إلى أن جيفري وصف خلال إيجاز له في 17 تشرين الأول/ أكتوبر التحرك التركي بأنه "خطأ كبير".

 

وقال معظم المسؤولين الذين تحدث إليهم موقع "المونيتور" بأن القادة الأتراك لم يعطوا في أي مرحلة من المراحل الانطباع بأنهم لم يعودوا يفكرون في الاجتياح، بل كانوا يهددون بالتدخل دائما، واستمروا في حشد قواتهم حتى بعد إطلاق الآلية الأمنية في أيلول/ سبتمبر.

 

ويختم "المونيتور" تقريره بالإشارة إلى أنه مع ذلك فإن كوباني قضى وقتا طويلا في إقناع المجالس الإدارية العسكرية في تل أبيض ورأس العين بالآلية الأمنية، حتى عندما كان الصقور يرفضون، وتم تقديم الآلية لقوات سوريا الديمقراطية بأن هناك تهديدا بالغزو التركي ما لم يتم إنشاء هذه الآلية.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)