منذ أن بدأ الحديث عن إمكانية تنظيم انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية؛ وإعلان الفصائل المختلفة الجهوزية الكاملة لخوضها، يتردد سؤال لدى الكثيرين عن ما إذا كانت "إسرائيل" ستسمح بإجراء انتخابات نزيهة في الضفة والقدس المحتلتين اللتين تسيطر عليهما بشكل شبه كامل، وتتحكم في مرافق الحياة بهما.
ورغم أن انتخابات عام 2006 الأخيرة التشريعية تمت بضمانات ورقابة دولية؛ إلا أن الاحتلال لم يكترث لذلك وشرع بملاحقة واعتقال النواب وكل من شارك في الانتخابات ممن وجدهم يمثلون قوائم تابعة لفصائل مقاومة فلسطينية.
ورغم مرور أكثر من 13 عاما على إجراء تلك الانتخابات إلا أن قمع الاحتلال للفائزين فيها ما زال مستمرا، حيث قام بإبعاد ثلاثة نواب ووزير من القدس المحتلة عن مدينتهم وسحب منهم بطاقات الهوية "المقدسية" الخاصة بهم عقابا على مشاركتهم في الانتخابات عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس.
ويوضح النائب المقدسي المبعد عن مدينته أحمد عطون أن نواب حركة حماس تحديدا تعرضوا لإجراءات عقابية من الاحتلال والسلطة على حد سواء بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية.
ويقول لـ"عربي21" إنه يتوقع عدم سماح الاحتلال بإجراء انتخابات في القدس أو أي شيء يتعلق بالسيادة الفلسطينية فيها، لأنه يعتبر أنها مدينة يهودية وكأنه حسم الجدال حولها ويرى السيادة فيها إسرائيلية كاملة.
اقرأ أيضا: لجنة: توافق فلسطيني على عدم تزامن انتخابات التشريعي والرئاسة
ويستعرض عطون ما يجري لمحافظ مدينة القدس عدنان غيث وهو التابع للسلطة الفلسطينية، حيث يتم اعتقاله واستدعاؤه بين الحين الآخر ومنع أي نشاط فلسطيني مهما كان المسمى والمضمون، وذلك لأن الاحتلال يعتبر القدس تخضع لسيادته بشكل كامل، فهو لا يريد الوجود الفلسطيني الطبيعي فيها بعيدا عن الحديث حتى عن انتخابات أو مظهر سيادي فلسطيني، بحسب قوله.
ويبين أن تصريحات قادة الاحتلال تؤكد عدم سماحهم بتنظيم انتخابات أو حتى المشاركة فيها في القدس المحتلة، ففي عام 2006 ورغم النزاهة والرقابة الدولية على الانتخابات قام باعتقال وملاحقة كل من لم يرق له من الفصائل المشاركة وعلى رأسها حركة حماس.
ويضيف: "نحن كنواب انتخبنا لنمثل شعبنا وفق اتفاقات وضمانات دولية عانينا من الاعتقال والملاحقة وسحب بطاقات الهوية المقدسية الخاصة بنا ثم طُردنا من مدينتنا، وكل هذا الكلام قبل أكثر من 13 عاما فما بالكم اليوم والاحتلال يعتبر القدس منتهية ومنضمة لكيانه ويقول إنها عاصمته الموحدة ويبارك له الجانب الأمريكي ذلك بل ويصادق على هذا الأمر؟".
ويرى النائب أن المشهد سيكون ضبابيا حتى في الضفة المحتلة، لأن مشاركة حماس أو أي فصيل فلسطيني مقاوم سيعتبرها الاحتلال ممارسة "لأعمال إرهابية" ولن تكون هناك تسهيلات في المدن لإجراء الانتخابات.
ويشير إلى أن كل من شارك في انتخابات عام 2006 تعرض للاعتقال من قبل الاحتلال بزعم تقديم الدعم اللوجستي لمرشحي حركة حماس مثل طباعة الصور وتوزيعها، وفي ظل مثل هذه الإجراءات سيكون من الصعب إجراء انتخابات نزيهة.
ويؤكد عطون على ضرورة وجود وقفة جادة إذا أريد للانتخابات أن ترى النور؛ وذلك من خلال الحصول على ضمانات والضغط على الاحتلال دوليا كي يقوم كل فصيل بدوره دون مضايقات.
السيطرة الأمنية
ويرى مراقبون أن الأمور إذا اختلفت عن عام 2006 فهي مختلفة فقط من خلال زيادة قبضة الاحتلال على الضفة المحتلة وبسط سيطرته ونفوذه على معظم مساحتها، وهو الأمر الذي سيجعل من الصعب إجراء انتخابات نزيهة كما يأمل الفلسطينيون.
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف شروط حماس والفصائل للقبول بالانتخابات
بدوره يعتبر عمر جعارة الخبير في الشأن الإسرائيلي بأن السيطرة الأمنية الإسرائيلية دائمة وثابتة في الضفة المحتلة، وبذلك من الصعب حصول انتخابات نزيهة بشكل كامل.
ويوضح في حديث لـ"عربي21" أنه وفقا للاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية فإن سيطرة الاحتلال الأمنية عميقة في الضفة، وأنه لا يمكن تنظيم انتخابات نزيهة كما حصل عام 2006 حيث قام الفلسطينيون في شرق القدس حينها بإرسال أصواتهم عبر البريد.
ويؤكد جعارة أن الانتخابات تحتاج إلى سيطرة أمنية كاملة ولكن الضفة ممزقة من هذه الناحية، حيث إن المناطق المصنفة "ج" وفقا لاتفاقية أوسلو الموقعة بين "إسرائيل" والسلطة هي الجزء الأكبر من أراضي الضفة ويسيطر عليها الاحتلال بشكل كامل.
ويشير إلى أن المناطق المصنفة "ب" هي ذات سيادة مشتركة ما بين السلطة والاحتلال بينما المناطق ذات التصنيف "أ" والتي تشكل 3% فقط من مساحة الضفة والتي من المفترض أن تكون السيطرة عليها فلسطينية خالصة؛ يستبيحها الاحتلال ليل نهار ولا توجد عليها سيطرة أمنية فلسطينية خالصة.
ويرى أن موضوع الانتخابات لن يسير بشكل نزيه طالما أن السيطرة الأمنية ليست بيد الفلسطينيين.
وكانت حركة حماس أبدت استعدادها لخوض الانتخابات التشريعية على أن يتم إتباعها بانتخابات رئاسية؛ واشترطت وقف ملاحقة أجهزة السلطة لكوادرها في الضفة وضرورة إجراء الانتخابات لتشمل مدينة القدس المحتلة، بينما أكد قياديون في حركة فتح أن الحركة مستعدة لخوض الانتخابات كذلك شريطة أن يتم "تمكين" الحكومة في قطاع غزة، فيما صرّح عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد بأن إجراء الانتخابات في الوقت الراهن صعب للغاية ويحتاج للكثير من المتطلبات التي لا تتوفر على أرض الواقع.
ديون مشفى بالقدس على السلطة تحرم مرضى السرطان من العلاج
الشهداء يعودون.. هكذا يحفظ الفلسطينيون أسماء شهدائهم
نكبة النقب متواصلة.. مخطط لتهجير 36 ألف فلسطيني (صور)