نشر موقع "أويل برايس" مقالا للباحثة والكاتبة جوليان غيغر، تقول فيه إنه في الوقت الذي يتناقل فيه الديمقراطيون الأمريكيون الحديث عن سلسلة من الصفقات الخضراء، التي تصل قيمتها إلى تريليون دولار، فإن لدى السعودية صفقة خضراء خاصة بها، وهي صفقة ذات أبعاد هائلة.
وتستدرك غيغر في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، قائلة إن "رؤية السعودية 2030 ليست دون تحديات، فهل يمكن لخطة شاملة من أكبر مصدر للنفط تحقيق النجاح خلال الفترة الزمنية الموعودة؟".
وتشير الباحثة إلى أن "رؤية السعودية 2030 هي الخطة الطموحة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والهدف الظاهري منها هو تحديث السعودية وتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، وهذا أمر طموح إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن النفط والغاز يشكلان 50% من الناتج المحلي الإجمالي، و70% من دخل الصادرات، ولدى السعودية 18% من مخزون العالم، بحسب منظمة أوبك".
وتلفت غيغر إلى أن "اقتصاد السعودية هو ما نسميه اقتصاد المصدر الواحد، وعندما يكون ثمن البرميل 100 دولار فإن ذلك أمر جيد، لكن السعودية استخدمت فترات الازدهار هذه لتوجيه الأموال إلى سلسلة من خطط تطوير الاقتصاد المصممة للتوقف عن الاعتماد على النفط".
وتنوه الكاتبة إلى أن "السعودية قامت بتطبيق ما لا يقل عن 9 خطط خمسية تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، كل واحدة منها مصممة لتحقيق الهدف ذاته: التنويع في اقتصادها الأحادي بعيدا عن النفط، ونستطيع أن نرى اليوم ماذا تحقق من تلك الخطط".
وتقول غيغر إنه "بالإضافة إلى التخلص من الاعتماد على النفط، فإن معظم الخطط دعت إلى زيادة دور القطاع الخاص، وتطوير رأس المال البشري، فليس غريبا على السعوديين أن تكون لديهم خطط كبيرة نجاحها محدود".
وتجد الباحثة أنه "في حال نجاحها، فإن الهدف الرئيسي لخطة (أم بي أس/ محمد بن سلمان) وهي (رؤية 2030)، هو إبعاد السعودية عن الاعتماد على صناعة النفط، لكن هذا سيكون له أثر اهتزازي سيتجاوز صناعة النفط السعودية".
وتفيد غيغر بأن "جزءا من خطة رؤية 2030 هو زيادة فعالية الطاقة، ويعد أحد أكبر مستهلكي الطاقة هو قطاع البناء، لكن حتى مع أن الخطة تسعى لزيادة الفعالية المتعلقة بالاستخدام المكثف للتكييف، فإن الطلب على الكهرباء يتوقع أن يتضاعف مع حلول عام 2030، وهذه الشهية الجديدة للكهرباء ستزيد من الطلب على الطاقة المتجددة، ومع تزايد حاجة السعودية للطاقة المتجددة فإن التكنولوجيا والتكلفة في قطاع الطاقة المتجددة يجب أن تتحسنا".
وتشير الكاتبة إلى أن "الجانب الآخر لرؤية 2030، هو أن نفوذ السعودية في أوبك يمكن أن يشهد تراجعا عندما تصبح أقل تصديرا للنفط، وبالنسبة لأوبك، التي اضطرت إلى ضم روسيا للاستمرار في التأثير في أسواق النفط، فإن خسارة السعودية بصفتها أكبر مصدر للنفط، ستقلل من تأثيرها (أوبك) في التلاعب في سعر النفط الأسواق العالمية، ودون كارتل قوي لفعل ذلك فإن أسواق النفط ستترك لحالات المد والجزر بشكل طبيعي".
وتقول غيغر: "لا يمكن قياس النجاح الحقيقي بمجرد وعود، لكن الأدلة تشير إلى عدة تحديات ستواجه السعودية خلال سعيها لتحقيق رؤية 2030".
وتلفت الباحثة إلى أن "السعودية لا تزال تستثمر بشكل كبير في قطاع النفط، ففي آب/ أغسطس 2019 أخبرت (أرامكو) الهند بأنها ستشتري 20% من صناعات (ريلاينس) الهندية للتنقية والبتروكيماويات، بقيمة حوالي 15 مليار دولار، بالإضافة إلى أنها ستسمح لصناعات (ريلاينس) بشراء 500 ألف برميل يوميا من النفط الخام الذي تنتجه (أرامكو)، وخطة 2030 تحتوي على دعوة لدمج الهند بصفتها شريكة استراتيجية، لكن رغبتها في فعل ذلك في مجال البتروكيماويات تبعدها عن الهدف".
وتفيد غيغر بأن "للسعودية خططا كبيرة لتمويل رؤية 2030 بشكل كبير من عائدات عرض 5% من أسهم (أرامكو) في السوق للتداول، لكن هذه الخطة، التي تتضمن أكبر طرح ابتدائي عام في التاريخ، شهدت التأجيل عدة مرات، وما يقف في وجه طرح الأسهم العام قضايا تتعلق بالشفافية وتحديات تتعلق في مكان الطرح، والأهم من ذلك، هو إصرار (أم بي أس) على تقدير قيمة (أرامكو) بمبلغ تريليوني دولار، وهو ما لم تتقبله كثير من البنوك، بالإضافة إلى أن أسعار النفط المتراجعة، والتوتر مع إيران في الشرق الأوسط، يستمران في تخفيض ذلك التقدير".
وتذكر الكاتبة أن "آخر تأجيل أعلن عنه هذا الأسبوع لموعد جديد هو 7 تشرين الثاني/ نوفمبر، لكن هذا للطرح المحلي من خلال البورصة المحلية تداول، وهو ما قد يعود بأربعين مليار دولار، لكن هذا لا يكفي، ومع أن تاريخ الطرح في بورصة عالمية للتداول العالمي ليس معروفا، لكن بالتأكيد دون طرح الأسهم لن تكون هناك رؤية 2030".
وترى غيغر أن "السعي الحثيث لبيع أسهم من (أرامكو) للمواطنين السعوديين ليربطوا أنفسهم بأكبر شركة نفط هو كالدوران حول النفس، وهو عكس فكرة إبعاد المجتمع السعودي عن صناعة النفط، وسيترك القليل من الأموال للاستثمار في الأعمال الأخرى غير النفط، ولذلك فإنه في الوقت الذي يقوم فيه المسؤولون السعوديون بالقول نعم للتغيير بشفاههم، فإن أفعالهم تقول خلاف ذلك".
وتنوه الباحثة إلى أن "السعودية لا تزال تعاني من قضايا حقوق الإنسان، والتقدم في هذا المجال ضروري إن أريد لقطاعات الصناعة المختلفة أن تتقدم وتحل محل صناعة النفط، ولا يمكن للسياحة -وهو قطاع تأمل السعودية أن يساعد في توليد الدخل من شيء آخر لا علاقة له بالنفط- الانطلاق كما هو مخطط لها في الجو الاجتماعي الحالي في المملكة، وحتى الآن، فإن خطة السعودية هي أن يزيد الدخل من السياحة من 3% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% مع حلول عام 2030، لكن (هيومان رايتس ووتش) قالت عام 2018 إن السعودية في الواقع (زادت من اعتقالاتها التعسفية والمحاكمات وإصدار الأحكام على المعارضين السلميين والناشطين في عام 2018، بما في ذلك حملة واسعة النطاق ضد حركة حقوق النساء بدأت في شهر أيار/ مايو)".
وتتساءل غيغر قائلة: "من يستطيع أن ينسى حادثة ريتز كارلتون؟ كما أن السعودية تطبق الشريعة أيضا، وهو أمر غير مرحب بالسياح الأجانب، بالإضافة إلى أن إصرارها على أنها ستفرض غرامات على أمور مثل الإساءة إلى الذوق العام، التي تتضمن ارتداء ملابس محتشمة، ومظاهر الحب العلنية، يظهر انفصاما كبيرا وعدم استعداد لفعل ما يجب فعله للوصول إلى تحقيق نسبة الـ10% من الناتج المحلي الإجمالي".
وتؤكد الكاتبة أن "المستثمرين الأجانب لا ينظرون بشكل إيجابي للسعودية، وفي الواقع فإن الاستثمار المباشر في السعودية العام الماضي كان 12/1 مما كان عليه قبل عشر سنوات، فتقوم الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات بتأجيل الاستثمار بسبب ما يرونه من عدم استقرار السعودية و(أم بي أس)".
وتختم غيغر مقالها بالقول إن "رؤية 2030 خطة طموحة وثمنها كبير، ونجاح طرح أسهم (أرامكو) الأولية سيحدد كم ستتقدم السعودية نحو تحقيق أهدافها في 2030، وإن استطاعت أن تفعل ذلك فقد يعني هذا استقرارا أكبر للسعودية ومواطنيها وسوق طاقة قد لا يكون حساسا كما هو اليوم لكل كلمة تخرج من فم السعودية أو أوبك".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
بوليتيكو: هذه هي المهمة الصعبة لسفيرة الرياض في واشنطن
الغارديان: لماذا تصر أمريكا على مواصلة تلميع ابن سلمان؟
WP: هل يكذب ترامب حول دفع الرياض تكاليف القوات الأمريكية؟