نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحافية مريم بيرغر، تقول فيه إن الولايات المتحدة تستخدم المساعدات للضغط على الدول الأجنبية.
وتبدأ بيرغر مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "ربما سمعت بالتحقيق بهدف توجيه تهمة للرئيس ترامب بخصوص المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بشرط ان توافق على التحقيق مع نائب الرئيس السابق جو بايدين وابنه هانتر بايدين".
وتشير الكاتبة إلى أن "ترامب والمدافعين عنه يقولون بأنهم أوقفوا المساعدات فقط بسبب قلقهم من وجود فساد في أوكرانيا، وانزعاجهم من أن الحلفاء الأوروبيين لا يقدمون المزيد، لكن الديمقراطيين وبعض الجمهوريين يردون بالقول إن تحقيقهم يظهر بأن الرئيس حاول استخدام المساعدات لتحقيق مكاسب خاصة".
وتستدرك بيرغر بأن "أوكرانيا ليست هي البلد الوحيدة التي تتسبب بإثارة الأسئلة حول كيف تستخدم أمريكا المساعدات، وتعد المساعدات المالية -مثل تمويل الجيش أو التسهيلات التجارية وغيرها من الأشكال- طريقة فاعلة لواشنطن لتكوين حلفاء لها وتشكيل مصالحها الخارجية، بالإضافة إلى أن نموذج (أمريكا أولا)، الذي تميزه سياسة خارجية أكثر انعزالا، جعل الكثير من الزعماء حول العالم يتساءلون عما يعنيه ذلك عمليا لبلدانهم وأولوياتهم".
وتلفت الكاتبة إلى أنه "في هذا الأسبوع، مثلا، كانت هناك ثلاثة نقاشات مختلفة حول المساعدات الأمريكية للكاميرون ولبنان وإسرائيل".
وتجد بيرغر أن الثابت في هذا كله هو أنه ليس هناك اتساق في استخدام هذه المساعدات جزرة أو عصا عند اتخاذ القرار بشأنها، مقدمة نظرة على ثلاث مقاربات مختلفة في الأخبار هذا الأسبوع، على النحو الآتي:
كاميرون واللغة المدهشة عن حقوق الإنسان
أعلن ترامب، يوم الجمعة، أنه سينهي التسهيلات التجارية الممنوحة للكاميرون، في وسط أفريقيا، ابتداء من 1 كانون الثاني/ يناير بسبب انتهاك رئيسها "لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا".
وأخبر ترامب الكونغرس في رسالة بأن القوات الأمنية الكاميرونية تقوم بالإعدام خارج القانون والتعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، وفشل الحكومة في الرد على المخاوف الأمريكية يخالف قانون النمو والفرص في أفريقيا، الذي منحت البلد التسهيلات بناء عليه.
وساعد القتال في الكاميرون بين الانفصاليين المتحدثين باللغة الإنجليزية والقوات الحكومية ذات الأكثرية المتحدثة باللغة الفرنسية في تقوية الحركة الانفصالية، وتسبب الصراع بموت ما لا يقل عن 3 آلاف شخص، ونزوح حوالي 500 ألف على مدى الثلاث سنوات الماضية، وكان الرئيس بول بيا، المتحدث بالفرنسية، قد أعيد انتخابه في انتخابات مشكوك في نزاهتها عام 2018، وهذا يضيف إلى رئاسته التي دامت حوالي 40 عاما، وكانت أمريكا قد خفضت المساعدات في شباط/ فبراير بحجة العنف السياسي.
وقام نائب الممثل التجاري الأمريكي سي جي ماهوني بإصدار بيان يوم الجمعة، يشيد بالتحرك لأجل "التمسك بمعايير حقوق الإنسان"، لكن اشتراط ترامب احترام حقوق الإنسان شرطا لتلقي المساعدات الأمريكية هو استثناء أكثر من كونه الأمر الطبيعي.
وورد في تقرير هذا الأسبوع في "واشنطن بوست" للصحافي سودرسان راغفان، قوله إن مصر تواجه "ما يسميه ناشطو حقوق الإنسان أكبر وأوسع حملة قمع منذ تسلم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة قبل ست سنوات".
وأضاف في تقريره أنه "مع ذلك لم يكن هناك أي انتقاد علني لتلك الانتهاكات من أمريكا، التي تقدم 1.3 مليار دولار سنويا على شكل مساعدات عسكرية لمصر أو لأي حكومة أجنبية، وبقي الرئيس ترامب مؤيدا قويا للسيسي، الذي يعد على نطاق واسع بأنه أكثر زعماء مصر استبدادا في التاريخ الحديث".
لبنان والانسحاب الاختياري من الشرق الأوسط
وقررت ادارة ترامب بصمت أن تعلق مساعدات أمنية للبنان قيمتها 105 ملايين دولار، بحسب تقرير لـ"رويترز".
وجاء هذا بعد يومين فقط من استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ووسط مظاهرات واسعة ضد الحكومة تهز السياسة اللبنانية، ويأتي هذا في وقت وصل فيه الاقتصاد اللبناني إلى شفير الانهيار، بالإضافة إلى أنه يأتي في وقت تقوم فيه روسيا بزيادة تأثيرها في الشرق الأوسط، بالذات في سوريا، بعد قيام ترامب بسحب القوات الأمريكية من شمالها الشرقي هذا الشهر، ويقول المنتقدون إن هذا التحرك قلل من مقدرة أمريكا على التأثير في المنطقة، كما أنه كان خيانة لحلفاء أمريكا الأكراد.
وتتضمن المساعدات العسكرية للبنان أسلحة لأمن الحدود ونواظير ليلية، بحسب "رويترز"، وكانت واشنطن قد احتجت في أيار/ مايو بأن المساعدات كانت ضرورية لمساعدة لبنان الذي تحده سوريا وإسرائيل، ليحافظ على أمنه.
وقالت "رويترز" في تقريرها بأن "المسؤولين لم يصرحوا عن سبب وقف المساعدات.. وقال أحد المصادر إن وزارة الخارجية لم تعط الكونغرس سببا لقرارها"، في الوقت الذي قال فيه مسؤولون إسرائيليون بأنهم كانوا يضغطون لأجل قطع تلك المساعدات.
وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" يوم الأربعاء: "لقد جعلنا من الواضح أن أي مساعدات للبنان لضمان استقراره يجب أن تكون مشروطة بتعامل لبنان مع صواريخ حزب الله الدقيقة".
وفرضت أمريكا عقوبات على حزب الله المدعوم من إيران، الذي هو جزء من الحكومة اللبنانية حاليا، لكن المنتقدين يحتجون بأن عقوبات إضافية على حزب الله قد تؤثر على نفوذ أمريكا السياسي في لبنان وفي الحرب السورية ذات العلاقة في الحرب الباردة مع إيران، وهو فراغ تقوم روسيا بشكل متزايد بسده.
وقالت "نيويورك تايمز" العام الماضي: "مع أن واشنطن صنفت حزب الله على أنه منظمة إرهابية، لأفعاله في أنحاء العالم، وعلاقته القريبة مع إيران، إلا أن الحزب صنع نفسه بصفته جزءا شرعيا من الدولة اللبنانية، ما يجعل من الصعب على أمريكا أن تستهدفه دون التأثير على بقية البلد".
إسرائيل والنقاش الحزبي للمساعدات
قامت إدارة ترامب بقطع المساعدات كلها عن المؤسسات الفلسطينية السياسية، وتلك التي تتعامل مع اللاجئين في الضفة الغربية وغزة المحتلتين، بما في ذلك مبلغ 360 مليونا كانت تتبرع بها لوكالة غوث اللاجئين (أنروا) حتى عام 2017، وملايين أخرى للسلطة الوطنية الفلسطينية، وردا على ذلك قامت السلطة الفلسطينية بمقاطعة المؤتمر المثير للجدل الذي دعت إليه أمريكا في البحرين الصيف الماضي، الذي كان يهدف إلى إعطاء دفعة للاقتصاد الفلسطيني، وهو ما وصفه الفلسطينيون من البداية بأنه متحيز ضد المصالح الفلسطينية.
ووصفت واشنطن قطع تلك المساعدات على أنها هدفت بشكل جزئي إلى الحد من الفساد، وإلى دفع الفلسطنيين إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل، لكن القيادة الفلسطينية اتهمت أمريكا بأنها فقدت شرعيتها في العملية السلمية باتخاذها مواقف متحيزة لإسرائيل دائما، ويشير الفلسطينيون إلى سياسة توسيع المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي التي يقولون إنها أراض تابعة للفلسطينيين، مثالا على ذلك.
وفي الوقت الذي لا تتحدث فيه إدارة ترامب عن وضع شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل، فإن حزب الديمقراطيين يتحدث عنها بشكل متزايد، فقد تحدث ثلاثة متنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية؛ السيناتور بيرني ساندرز (مستقل) والسيناتورة إليزابيث وارين (ديمقراطية) والعمدة بيت باتيجيك -كلهم تحدثوا هذا الأسبوع- عن فرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، التي تصل قيمتها إلى 3.8 مليار دولار.
وقالت وارين خلال مؤتمر لمنظمة "جي ستريت"، اليهودية الليبرالية في واشنطن: "إن استمرت إسرائيل في خطواتها لضم الضفة الغربية رسميا يجب على أمريكا أن توضح بأنه لا يسمح لإسرائيل أن تستخدم أيا من مساعداتنا لدعم عملية الضم".
وكان ساندرز الأعلى صوتا في المناداة بوضع شروط على المساعدات العسكرية التي تقدمها أمريكا لإسرائيل، وقال إنه لا يمكن لأمريكا أن "تمنح صكا أبيض للحكومة الاسرائيلية".
وتختم بيرغر مقالها بالإشارة إلى أن نائب الرئيس السابق، جو بايدين، يرفض هذه الفكرة، واصفا إياها بأنها "شائنة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
MEE: تغطية الإعلام الأمريكي للعالم العربي تتصف بالعنصرية
نيويورك تايمز: هل يتحول الديمقراطيون لمحافظين جدد؟
فورين أفيرز: هدايا ترامب لبوتين وحلفائه كثيرة ومجانية