نشرت مجلة "تايم" الأمريكية مقال رأي أعده مترجم معاني القرآن الكريم "القرآن المجيد" مشرف حسين، يتحدث فيه عن دور مسلمي بريطانيا في حرف مسار الانتخابات المقبلة.
ويشير حسين في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المسلمين البريطانيين يستطيعون حرف مسار الانتخابات البريطانية إن خرجوا ومارسوا حقهم الانتخابي.
ويرى الكاتب أن "المسلمين البريطانيين يمثلون في الانتخابات التي ستعقد في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، مرجحا في الأصوات، مع أن لا أحد ينتبه لهذه القضية، فمليونا مسلم لهم حق التصويت يمكنهم حرف النتائج بطريقة أو بأخرى، وكوني إماما فأنا أقوم بتشجيع الذين يرتادون مسجدي للخروج والتصويت، وألا يسمحوا باستبعاد المسلمين من النقاش السياسي".
ويقول حسين: "في الانتخابات السابقة كانت مشاركة المسلمين منخفضة نوعا ما، وكشف تقرير برلماني الشهر الماضي عن أن نسبة التسجيل للانتخابات بين الأقليات هي نصف نسبة الإقبال على التسجيل مقارنة مع السكان البريطانيين بشكل عام، وقد تكون متدنية داخل بعض التجمعات المسلمة".
ويستدرك الكاتب بأنه "إذا شارك المسلمون في التصويت فإن أثرهم سيكون مهما في عدد من أجزاء بريطانيا، وكشف بحث للمجلس الإسلامي البريطاني عن أن الحزبين البريطانيين الكبيرين، حزب العمال والمحافظين والأحزاب الأخرى ذات الوجود المهم، مثل الحزب الوطني الأسكتلندي، قد تفوز أو تخسر مقاعد من خلال تصويت المسلمين".
ويلفت حسين إلى أن "هناك 31 منطقة انتخابية هامشية تتفوق فيها نسبة الناخبين المسلمين على عدد أصوات نوابها الحاليين في البرلمان، ففي منطقة هيندون، التي يسيطر عليها حزب المحافظين، فالنائب تفوق بنسبة 1072 صوتا، مع أن عدد المسلمين الذين يحق لهم التصويت فيها هو 8395 ناخبا، وفي الجانب الآخر فإن منطقة غلاسكو في شمال شرق، حصل العمال عليها بنسبة 242 صوتا، وهو ربع عدد المسلمين الذين يحق لهم التصويت، وهو 1010 ناخبين، ولو قرروا التصويت للحزب الوطني الأسكتلندي لزاد عدد مقاعده مقعدا واحدا في ويستمنستر".
ويؤكد الكاتب أن "هذا كله يعتمد على المسلمين وتسجيلهم للتصويت، وهو أمر ليس معتادا داخل بعض المجتمعات، وسيقوم المجلس الإسلامي البريطاني في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر بتنظيم أول يوم وطني للتسجيل في الانتخابات، وذلك لتشجيع أبناء المجتمع المسلم على ممارسة حقهم الديمقراطي في التصويت".
ويفيد حسين بأن "الكثير من المسلمين لا يزالون يشعرون أنهم مهمشون في العملية السياسية، وهو أمر لا يثير الدهشة؛ لأن الأحزاب الكبيرة كلها تجاهلت الصوت المسلم على المستوى الوطني، وهذا أمر واضح ومنظم، ولكنه أكثر وضوحا مع حزب المحافظين والفضيحة التي تدور في داخله المتعلقة بالإسلاموفوبيا، ويتهم حزب المحافظين بغض الطرف عن المشاعر المعادية للإسلام داخل صفوفه، ورفض عقد تحقيق مستقل فيها".
ويجد الكاتب أن "هذا يعكس ما يشعر به اليهود من عدم تعامل حزب العمال مع معاداة السامية في صفوفه، وثبت وجود عدد من العناصر داخل الحزبين والمرشحين ومن هم في مناصب الحكم ممن قاموا بإصدار تصريحات معادية للإسلام أو المعادية للسامية، سواء على الإنترنت أو في الصحف المطبوعة، وفي حزب المحافظين فهذا أمر ينسحب على رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي وصف النساء المنقبات بسارقات البنوك وصناديق البريد، وهو تصريح مؤذ للكثير من النساء المسلمات اللاتي يردن ممارسة حقهن".
ويقول الكاتب: "إن بعض المجتمعات المسلمة تتعامل مع التصويت على أنه نوع من الممارسة القبلية، وتدفعها المصالح العائلية بدلا من الاختيار الشخصي، فالكثير من المجتمعات المسلمة جاء أفرادها من مناطق ريفية في باكستان وكشمير، حيث تعمل العائلة الممتدة كوحدة منسجمة وتتخذ قرارا جماعيا في الكثير من الأمور، بما في ذلك التصويت".
ويستدرك حسين بأن "هذا التوجه تفاقم بسبب كسل الأحزاب السياسية، إلا أن الجيل الثاني والثالث من المسلمين البريطانيين يتمتعون باستقلالية عن (القبيلة)، وهو ما يمثل تحديا لاستراتيجيات الأحزاب السياسية التي عادة ما تتقرب إلى الجماعات المرتبطة بالعائلة، وبالتالي تضر بالديمقراطية".
ويقول الكاتب إن "الجيل الجديد من المسلمين مختلف، فعلى خلاف الجيل الأول من المهاجرين، فإن نسبة 50% من الشباب المسلم يحملون شهادات جامعية ولديهم أولوياتهم السياسية الخاصة، وبدلا من متابعة سياسة اللامبالاة أو الاحتجاجات العبثية، فهم يعلمون أن الرهانات عالية لهم ولبلدهم، ويجب عليهم المشاركة، وهم يدركون أن هذا حقهم المدني بصفتهم بريطانيين، وواجبهم الديني كونهم مؤمنين هو التصويت".
ويرى حسين أن "ما يهم للبرلمان هو أن صوت المسلمين المرجح قد يكون في أي اتجاه، وبدلا من الالتزام الأيديولوجي لحزب بعينه، يتعامل المسلمون مع صوتهم بجدية وأن له قيمة، وهم ينظرون لبرامج الانتخابات ويرون أي الأحزاب يمثلهم أكثر، وبالنسبة للكثير من المسلمين فإن هذه ليست انتخابات عن الخروج من أوروبا، خاصة أن لديهم مشاعر مختلطة حول معسكر الخروج، وفي الوقت الذي عبر فيه الكثير من المسلمين عن مخاوفهم من حوادث الكراهية للأجانب، إلا أن عددا منهم لديهم عائلات في الكومنولث، وهم منفتحون على فكرة اتجاه بريطانيا بعيدا عن أوروبا، وربما نحو إرثهم".
ويقول الكاتب: "بعيدا عن البريكسيت فإن أهم القضايا تتعلق بقيم العائلة التي تشكل جزءا مهما من ثقافة المسلمين، وقد نشأ الكثيرون في عائلات كبيرة وفي حي واحد أو تحت سقف واحد، وهذا لا يعني أن الدولة لا دور لها لتقوم به، وأن اختلاف الثقافة يعني أن الرجال الكبار من المسلمين لا يحصلون على المستوى ذاته من العناية".
وينوه حسين إلى أن "هناك قضايا أخرى مثل العدالة الاجتماعية الجوهرية في الإسلام وعلى المستوى العقائدي، وقد ذكر القرآن العدالة الاجتماعية 31 مرة، ويريد الكثير من المسلمين العيش في مجتمع يحصل فيه أبناء الطبقة العاملة والفقراء على الحماية، وليس غريبا أن أبناء المجتمع المسلم هم من المساهمين في الخير، بدءا من الإغاثة في الكوارث الطبيعية إلى مساعدة الفقراء".
ويفيد الكاتب بأن "الكثير من المسلمين هم أصحاب أعمال، وهناك بين من يحضرون الصلاة سائقون على سيارات (أوبر) وطهاة ومديرون وأصحاب شركات بملايين الجنيهات، وفي الوقت الذي يلتزمون فيه بالعدالة الاجتماعية فإنهم يريدون اقتصادا قويا ونظام ضريبة يمنح المحفزات لمن يعملون بجهد كبير".
ويختم حسين مقاله بالقول إن "القيم الإسلامية تشمل على الديمقراطية والعدل والتسامح، وهي ليست القيم البريطانية ذاتها فقط، لكنها مزيج من المثل اليمينية واليسارية، وبهذا المجال الواسع من الثقافة والإرث السياسي فإنه يمكن للمسلمين التصويت لصالح من يشعرون أنه يمثلهم، وفي 12 كانون الأول/ ديسمبر، فمن الواجب عليهم التصويت وإسماع أصواتهم، والتحرك بعيدا عن سياسة القبيلة التي أسكتت المجتمع المسلم في الماضي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
"نيويورك تايمز" تنشر وثائق سرية لسياسة قمع الصين للمسلمين
الغارديان: لماذا يتجاهل حزب المحافظين الإسلاموفوبيا؟
انتقاد لحزب المحافظين لعدم فتح تحقيق بالإسلاموفوبيا بصفوفه