تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها عن قرار الرئيس الأمريكي التنفيذي الذي يستهدف معاداة السامية في حرم الجامعات.
وتقول الصحيفة إن هذا القرار لم يتصد للمشكلة الحقيقية، وهي أن معاداة السامية ليست نابعة من حركة المقاطعة لإسرائيل والنقاش حولها في الجامعات، لكن من جماعات التفوق الأبيض التي يستقي ترامب الدعم منها.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، في البداية إلى أن الهجمات المدفوعة بالعداء لليهود زادت في العام الماضي أكثر من أي وقت آخر، فتم إطلاق النار على المصلين في كنيس في مدينة بتسبرغ، وقتل مهاجمون طلابا يهودا في كاليفورنيا وفرنسا، وفي ألمانيا حذر اليهود من لبس القبعة أو أي شيء يحمل نجمة داود وهم يتمشون في الشوارع.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في تظاهرات تشارلوتسفيل ترددت صرخات "اليهود لن يأخذوا مكاننا"، مشيرة إلى أن مهاجمين، أحدهما نشر مواد على منصات التواصل الاجتماعي ومن أتباع حركة العبرانيين الإسرائيليين السود المعادية لليهود، قتلا في يوم الثلاثاء أربعة أشخاص في مدينة جيرسي.
وتنوه الافتتاحية إلى أن "موجة عداء السامية في تصاعد مستمر، وهناك حاجة لأن تتخذ الحكومة إجراءات بشأنها، وقالت وزارة الأمن الوطني إنها ستركز في استراتيجيتها على زيادة التهديدات من الإرهاب القومي الأبيض، وهي خطوة مرحب بها، ثم قرر الرئيس دونالد ترامب التدخل يوم الأربعاء، إلا أن تدخله لم يكن سوى تحريك للمياه الراكدة أكثر من حل المشكلة".
وتذكر الصحيفة أن ترامب وقع أمرا تنفيذيا لمواجهة معاداة السامية في الجامعات، بموجب البند السادس في قانون الحريات المدنية الصادر عام 1964، الذي يقضي بحجب الدعم الفيدرالي عن المدارس والكليات التي فشلت في مواجهة التمييز ضد اليهود، فيما هناك قانون مماثل يحظى بدعم الحزبين في الكونغرس، مشيرة إلى أن الإدارات الجمهورية والديمقراطية السابقة قامت بخطوات لمنع التمييز والكراهية.
وتعلق الافتتاحية قائلة إن "قرار ترامب ربما كان لفتة تعبر عن القلق، إلا أنها لا تفعل الكثير من أجل مواجهة مصدر العنف الحقيقي ومعاداة السامية في الولايات المتحدة وما يهدد حقوق حرية التعبير".
وتقول الصحيفة إن "الرد الحكومي جاء بسبب النقاش المتزايد داخل الجامعات الأمريكية بشأن مقاطعة إسرائيل (بي دي أس) وهي الحركة التي تتبنى اتخاذ إجراءات اقتصادية ضد الاحتلال الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية، ومهما كانت نية الحركة فإنها ساعدت على خلق جو معاد للطلاب اليهود الذي تدعم غالبيتهم إسرائيل، كما حدث مع طلاب يهود في جامعة إيموري".
وتستدرك الافتتاحية بأن "التهديد الحقيقي على يهود أمريكا يتجاوز طلاب الجامعات الذين يتساجلون حول إسرائيل، فالعنف المعادي للسامية نابع من القوميين البيض واليمين المتطرف".
وتنقل الصحيفة عن المسلح الذي أطلق النار على كنيس تشاباد في بوي في كالفورنيا، قوله إنه استلهم عمله من أيديولوجية أدولف هتلر، مشيرة إلى أن مرتكب جريمة كنيس بيتسبرغ، روبرت باورز، نشر مواد معادية للسامية على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة منصة "غاب"، التي يستخدمها المتطرفون البيض، بالإضافة إلى أن طالبا يهوديا مثليا، اسمه بليز برنشتاين، كان يدرس في جامعة كاليفورنيا، قتل العام الماضي، حيث ينتظر قاتله المعروف بعلاقته بالنازيين الجدد المحاكمة.
وترى الافتتاحية أن "التيار المعادي لليهود بين القوميين البيض لا يمكن تجاهله، مثلما لا يمكن تجاهل (وحدة اليمين) في تشارلوتسفيل، الذين تظاهروا وحملوا شعارات النازية، وبعد أيام قال ريتشارد سبنسر معلقا على هتافات معادية للسامية إن اليهود لديهم تمثيل مبالغ فيه في دوائر اليسار وجامعات النخبة (أيفي ليغ.. أما البيض فقد تم تشريدهم)".
وتقول الصحيفة إن "دونالد ترامب استخدم النمطيات المعادية للسامية بشكل متكرر، وصادق على التنميط الفج السلبي الكاريكاتيري لليهود، ففي يوم السبت قال أمام المجلس الإسرائيلي الأمريكي إن على اليهود دعمه؛ لأن سياسات إليزابيث وارن لفرض ضريبة على الأثرياء ستجردهم من ثرواتهم، وقال: (الكثير منكم في عالم العقارات وأعرفكم جميعا وأنتم قتلة قساة) في هذا المجال، و(لستم أناسا جيدين، لكن عليكم التصويت لي، فلا خيار أمامكم)".
وتشير الافتتاحية إلى الانتقادات الواسعة لقرار ترامب، التي جاءت من الأطراف كلها، مثل المؤسسة المحافظة "المؤسسة من أجل الحقوق الفردية في التعليم"، التي قالت إن هذا القرار يهدد بطريقة غير قانونية حقوق التعبير للطلاب والجامعات حول البلاد، وقال السيناتور بريان تشولتز، اليهودي الليبرالي عن هاواي: "فكرة أن يتم تنظيم الآراء عن إسرائيل في الجامعات من خلال الدائرة التعليمية الفيدرالية، يا إلهي".
وتلفت الصحيفة إلى دعوة ترامب لإعادة تعريف معاداة السامية، بحسب ما عرفه التحالف الدولي لتذكر الهولوكوست، الذي يضم أمثلة يحميها البند الأول من الدستور الأمريكي، مثل "الزعم بوجود دولة إسرائيل هو محاولة عنصرية"، ولهذا السبب كتب كينث ستيرن مؤلف التعريف في الصحيفة، أنه لا يصلح للتعليم العالمي، وقد تم تحضير التعريف لجامعي البيانات في أوروبا، وليس للحكومة لتراقب حرية التعبير في الجامعات.
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول إن "الخطاب المعادي لإسرائيل، سواء في الكونغرس أو الجامعات، يجعل اليهود أحيانا غير آمنين، خاصة من يعدون الصهيونية جزءا لا يتجزأ من الهوية اليهودية، وبعضهم يخشى من تحميلهم مسؤولية أعمال الدولة اليهودية، والحل ليس تكميم النقاش، لكن السماح لحوار صحي حول البلد وسياساته ومستقبله ودوره في الدبلوماسية الأمريكية والدعم للمنطقة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
وفي هذا السياق كتب جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترامب مقالا في الصحيفة ذاتها، يدافع فيه عن قرارات ترامب، قائلا إنها إشارة إلى دفاعه عن الطلاب اليهود وعدم التسامح مع معاداة السامية.
ويقول كوشنر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن سموم معاداة السامية تنتشر في أوروبا والشرق الأوسط، و"حتى هنا في الوطن".
ويقول الكاتب: "كوني حفيدا لناج من الهولوكوست أفهم فظائع معاداة السامية، ولن أكون أكثر من فخور بسياسة الرئيس الجديدة"، وأشار لإحصائيات أخذها من مجلس التشهير في أمريكا، التي تحدثت عن تصاعد معاداة السامية في أمريكا منذ عام 2013.
ويشير كوشنر إلى أنه بموجب ذلك فإن "قرار ترامب هو خطوة حيوية لدعم الطلاب اليهود في الولايات المتحدة، ولأول مرة يطبق الرئيس قانونا للحريات المدنية يحرم التمييز بناء على العرق أو اللون أو المنشأ على اليهود".
ويقول الكاتب إن "من انتقد القرار لم يفهم دواعيه، فهو لا يعرف اليهود على أنهم قومية، لكن بصفتهم جماعة تستحق الحماية".
ويلفت كوشنر إلى ما ورد في تعريف معاداة السامية، الذي يشمل نقد إسرائيل باعتباره انتقادا لليهود بشكل عام، وبأن من ينكر حق اليهود في تقرير المصير وتصوير إسرائيل دولة عنصرية هو معاداة للسامية، و"التعريف واضح فهو يوازي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "كارهي اليهود دائما ما يبررون هجماتهم على أنها موجهة ضد سياسات إسرائيل، وليس ضد اليهود، وهذا كذب، وأصبح التمييز ضد الطلاب اليهود والتحرش بهم أمرا عاما، لكنه قائم على تبرير خاطئ".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
FP: هكذا ضر اعتراف واشنطن بالمستوطنات تل أبيب أكثر
WP: هذه ملامح التشابه بين التحقيق في ترامب واتهام نتنياهو
FT: تصريحات بومبيو بشأن المستوطنات هدية للزعماء الأقوياء