* الرئيس أردوغان مدين فكريا للأديب نجيب فاضل.. وجميع رموز الحركة الإسلامية التركية كانوا تلامذته وتأثروا بأفكاره
* نجيب فاضل هو أول من كتب بدقة عن تكوين الدولة المسلمة في كل الأدبيات الإسلامية
* اهتمامي بنجيب فاضل بدأ قبل نحو 50 عاما وكنت سبّبا في معرفة العرب به
* علاقتي الشخصية بالمفكر التركي بدأت متوترة نوعا ما لكننا أصبحنا أصدقاء وأحباء جدا
* أدعو إلى إعادة إحياء الشخصيات الإسلامية في أوساط الشباب العربي
اعتبر المؤرخ المصري، البروفيسور محمد حرب،
حصوله على جائزة الأديب والمفكر التركي "نجيب فاضل للثقافة" بمنزلة
تشريف لمسيرته العلمية ولتعامله مع الثقافة التركية، خاصة أن الكثيرين يعرفونه
ككاتب للتاريخ، بينما لم يكن أحد يعلم أنه مهتم بالأدب وشغوف به بنفس قدر اهتمامه
بالتاريخ.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2018، منحت تركيا
البروفيسور محمد حرب جائزة الأديب التركي "نجيب فاضل للثقافة"، بحضور الرئيس
رجب طيب أردوغان، في حفل لكبار المثقفين ورجال الدولة الأتراك.
وأرجع "حرب"، في الحلقة الأولى من مقابلته الخاصة مع
"عربي21"، اهتمامه بالأديب التركي نجيب فاضل لكونه "مفكر الحركة
الإسلامية التي تحكم تركيا الآن، فجميع رموز تلك الحركة كانوا تلامذة نجيب فاضل،
وتأثروا كثيرا بأفكاره، وبالتالي فهو الأب الروحي للحركة الإسلامية التركية".
"الإسلام الحركي بتركيا"
وأكد البروفيسور "حرب" أن
الرئيس أردوغان على وجه التحديد بداخله أفكار نجيب فاضل، ومؤمن بها، بل إنه مدين
فكريا لهذا الرجل، لأنه صاحب فكرة الإسلامي الحركي بتركيا، على حد قوله.
واستطرد قائلا: "نجيب فاضل هو أول
كاتب في كل الأدبيات الإسلامية – في تركيا أو غيرها- كتب بدقة عن تكوين الدولة
المسلمة وكيف يجب أن تكون؟، ومثل هذه الظاهرة لم نجدها في المفكرين الإسلاميين
الآخرين".
وواصل وصفه وإشادته بنجيب فاضل، قائلا:
" هو شاعر أيديولوجي كبير، ومفكر سعى لإيقاظ شعبه والنهوض به، في وقت كانت
فيه إسلامية الأتراك في موضع نقاش، حيث كان الجيش يحكم ويضغط على المتدينين،
وبالتالي تراجعت الحركة الإسلامية، فقام نجيب فاضل كأول شاعر يلهب المشاعر
الإسلامية بإحياء تلك الحركة".
وأشار البروفيسور في التاريخ العثماني إلى
أن اهتمامه بنجيب فاضل بدأ منذ أن كان مُعيدا (عضو هيئة تدريس) بجامعة عين شمس في
محافظة القاهرة، قبل نحو 50 عاما، وقام بترجمة
مؤلفاته، وذلك قبل أن "يسمع العرب عن اسمه على الإطلاق، ولذلك كنت سبّبا في
معرفة العرب به".
"تكوين المجتمع المسلم"
وزاد بقوله: "كان جريئا جدا، وقد
حاكموه لأنه كان يتحدث بجرأة عن الإسلام وتكوين المجتمع المسلم رغم أن هذا كان
ممنوعا بحكم فرض الجيش وصايته على الشعب حينها، وكانت هناك مجموعة من الشباب
الأتراك الذين أعجبوا به وبأفكاره، وهؤلاء هم من تأسست على أيديهم تجربة العدالة
والتنمية التي بدأت قبل 18 عاما".
كما تحدث "حرب"، في مقابلته الخاصة
مع "عربي21"، عن علاقته الشخصية بالأديب التركي نجيب فاضل، وكيف بدأت
متوترة نوعا ما إلى أن أصبحا أصدقاء وأحباء جدا، مؤكدا أنه حينما سافر إلى تركيا
مبعوثا للحصول على الدكتوراه كان أول عمل يفكر فيه هو الالتقاء بنجيب فاضل، الذي
قال إنه صاحب شخصية مختلفة ومميزة عن كل الشخصيات الأخرى التي رآها في حياته.
وقال: "أحبني جدا، وقربني منه كثيرا،
وكانت علاقتي به وثيقة للغاية، وقال لي ما لم يقله لأحد، وكتب لي ما لم يكتبه لأحد،
وأمنني على بعض أسراره بشكل خاص، حتى أنه كتب لوحة بخط بيده أكد فيها أن محمد حرب بك
مخول بأن يقول كل شيء نيابة عنه، وكثيرا ما قال لي: أنا مدين لك يا محمد لأنك استطعت
أن تنقل كلامي للعرب".
"إحياء الشخصيات الإسلامية"
ودعا المؤرخ المصري إلى "إعادة إحياء
الشخصيات الإسلامية في أوساط الشباب العربي؛ لأن كل النماذج التي فرضتها المناهج
التعليمية في العالم العربي تعظم من الشخصيات الغربية، بينما ينبغي علينا العودة
إلى المنابع، فإلهام الرجل أو الإنسان ينبغي أن يكون من تاريخه
وحضارته".
اقرأ أيضا: "قمة كوالالمبور" تكتل إسلامي جديد.. هذا ما تهدف إليه
ويُوصف البروفيسور "حرب" بأنه رائد
الدراسات العثمانية في العالم العربي، كما يعد أول مصري يحصل على الدكتوراه في الدراسات
العثمانية من جامعة إسطنبول في تركيا، ثم عمل أستاذا للتاريخ العثماني في كلية الآداب
بجامعة عين شمس، وأسس المركز المصري للدراسات العثمانية وبحوث العالم التركي في القاهرة،
وهو يعمل حاليا مستشارا لرئيس جامعة صباح الدين زعيم (خاصة) بإسطنبول.
وخلال خمسين عاما هي عمر الحياة الأكاديمية للمؤرخ المصري، تنقل بين تركيا وعدد من البلدان العربية، وألّف نحو 45 كتابا وثقت التاريخ العثماني باللغتين العربية والتركية، وله العديد من الترجمات والمؤلفات والتحقيقات التي أثرى بها المكتبة العربية حول التاريخ العثماني.
وكما بصم التاريخ العثماني مسيرته الأكاديمية، شكّلت تركيا محطة فاصلة في مسار البروفيسور حرب، بل كانت ـ ولا تزال ـ أحد قطبي رحلة نجاحه المتأرجحة بين ضفتي نهر النيل والبوسفور.
وتُعد رحلة "حرب" أكاديمية طويلة جرت وراءها نحو 50 عاما. ولم يقتصر مساره على الكتابة فحسب، وإنما ساهم في إثراء المكتبات العربية بمؤلفات تركية نقلها من لغتها الأم إلى العربية بعد ترجمة العديد منها، لا سيما كتب نجيب فاضل.
وكتب وألف ووثق وألقى محاضرات، استعرض خلالها حقائق تاريخية دافعت عن العثمانيين بوجه الافتراءات التي طالتهم من الشرق تارة، ومن قبل كتاب أوروبيين تارة أخرى.
وقد وُلد البروفيسور "حرب" عام 1941 في مدينة حلوان جنوبي العاصمة المصرية القاهرة، وتخرج عام 1962 في قسم اللغات الشرقية بجامعة عين شمس بالقاهرة.
وحصل على ماجستير بالأدب التركي من جامعة القاهرة عام 1969، والتحق عام 1973 لدراسة الدكتوراه في قوانين الدولة العثمانية بجامعة إسطنبول.
المشري: مجلس الأمن منقسم تجاه ليبيا وهذه علاقتنا بتركيا