أصدرت المحاكم العراقية عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية، عشرات مذكرات القبض بحق مسؤولين بالدولة سابقين وحاليين، انتهى بالبعض منها إلى محاكمات وعقوبات بالسجن لسنوات عدة، في سابقة أثارت الكثير من التساؤلات.
ولعل أبرز علامات الاستفهام حول
الإجراءات القانونية والمحاكات السريعة هذه، هو ما إذا كانت للمظاهرات الجارية
تثيرا في الضغط على القضاء؟ أم أن تصفية حسابات تقف وراء تحريك الدعاوى الآن؟ وما
إمكانية أن يطيح القضاء برؤوس سياسية كبيرة متهمة بالفساد؟
تصفية حسابات
السياسي العراقي حامد المطلك، قال في
حديث لـ"عربي21" إن "الشعب العراقي خلال السنوات الماضية، فقد
الثقة بالقضاء ولجنة النزاهة البرلمانية وهيئة النزاهة، وكل ما يتعلق بمحاسبة
الفاسدين، ولا شك أن ما يجري اليوم هو بضغط من الشارع".
وأكد النائب السابق في البرلمان أن
"أوامر القبض والمحاكمات التي جرت بالجملة مؤخرا، لن تعالج جزءا يسيرا من
الفساد المرعب والمهول في جميع مفاصل الدولة العراقية".
وبيّن أن الشارع العراقي اليوم يسعى
للإطاحة برؤوس الفساد الكبيرة، التي نهبت البلد، ولن يقتنع بمحاكمات من هذا النوع
فقط، ولعل ما يجري حاليا يكون بادرة للضغط باتجاه تحريك ملفات الفساد الضحمة
بالبلد.
اقرأ أيضا: مجهولون يستهدفون منزل محافظ البصرة في العراق (شاهد)
ولا يستبعد المطلك أن يكون وراء
إصدار مذكرات قبض بحق عدد من المسؤولين السابقين أو النواب الحاليين، تصفية حسابات
بين الجهات السياسية النافذة، لأن القضاء في العراق خاضع للإرادات والضغوط
السياسية، بحسب تعبيره.
وحكم القضاء العراقي، الاثنين
الماضي، على النائب في البرلمان العراقي عن تيار الحكمة محمود ملا طلال بالسجن ست
سنوات بتهمة تعاطي الرشوة، في سابقة لم تحدث طيلة السنوات الماضية التي أعقبت
الغزو الأمريكي عام 2003.
وأصدرت كتلة تيار الحكمة بزعامة عمار
الحكيم، بيانا اتهم فيه جهات لم يسمها بالسعي إلى استغلال الظروف الاستثنائية التي
يشهدها العراق، لحرف بوصلة القضاء عن وجهتها المهنية الحقة لمآرب خاصة او لتصفية
حسابات جانبية.
الوجه القانوني
ومن الناحية القانونية، قال الخبير
القانوني طارق حرب في حديث لـ"عربي21" إن "المادة 63 من الدستور
العراقي تتيح للقضاء محاكمة النائب في حالتين، الأولى بعد رفع الحصانة، والثانية
مع الحصانة إذا مسك بالجرم المشهود".
وأوضح، أن "الرشوة في القانون
تختلف من واحدة إلى أخرى فهي تدخل في ثلاثة أمور قانونية وهي: الجنحة والجريمة
والجناية، وكل واحدة منها لها عقوبة مختلفة".
وبخصوص السر وراء إصدار القضاء
مذكرات قبض بالجملة خلال المرحلة الحالية، قال حرب، إن "القضاء جهة تنفيذية
إذا وصلتها الدعاوى يتعامل معها في وقتها"، لافتا إلى أن "من يحرك هذه
الدعاوى هي هيئة النزاهة".
اقرأ أيضا: السيستاني يدعو لانتخابات مبكرة بالعراق بقانون جديد
وأشار إلى أن "ضغط الشارع
العراقي خلال الشهرين الماضيين، هو من دفع هيئة النزاهة إلى تريك ملفات هذه
الشخصيات، وبالتالي الأخير صدرت بحقهم مذكرات قبض وبعدها جرت محاكمات
لبعضهم".
وبحسب رأي الخبير القانوني، فإن
"اعتقال نائب في البرلمان ثم محاكمته خلال مدة عشرة أيام أو أسبوعين، أمر
يبشر بخير، ولعلها تكون بداية لاتخاذ خطوات بشأن قضايا فساد عالقة".
ونوه حرب إلى أن "الاحتجاجات
الشعبية الجارية، هي من الأساس حركتها قضايا الفساد التي تشهدها مؤسسات الدولة،
فما يجري من محاكمات اليوم هو مطلب جماهيري ينادي به المتظاهرون".
يذكر أن هيئة النزاهة أصدرت منذ
تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مذكرات قبض واستقدام بحق مسؤولين ووزراء سابقين
ومحافظين ونواب، وصلت إلى 60 أمرا بتهم فساد وإضرار بالمال العام.
وأعلنت الهيئة في 14 تشرين الثاني/
نوفمبر الماضي، أنها حكمت على رئيسة مؤسسة الشهداء ناجحة الشمري، بالسجن لمدة سبع
سنوات على خلفية تهم بقضايا فساد مالي.
قانون الانتخابات يشعل أزمة سياسية بالعراق.. هذه نقاط الخلاف
شكك بالتحقيق.. خيارات تيار الصدر للرد على قصف منزل زعيمه
لماذا فشل تيار الإسلام السياسي الشيعي في العراق ولبنان؟