مرت تسع سنوات على "ثورة 25 يناير" في مصر، تكشفت فيها حقائق كثيرة حول واقع الثورة وتداعياتها، التي تلاقت فيها مصالح عدد كبير من القوى السياسية، سواء من داخل المنظومة الحاكمة نفسها أو من خارجها، ما لبثت أن تخاصمت فيما بينها، ثم تم تصفيتها جميعاً لصالح المؤسسة العسكرية، الحاكم الفعلي في مصر منذ انقلاب جمال عبد الناصر على الملك فاروق عام 1952.
الانقلاب المشؤوم
وقد توجت المؤسسة العسكرية عبر انقلاب مشؤوم عام 2013 مدير المخابرات الحربية الجنرال عبد الفتاح السيسي حاكماً مطلقاً على مصر، الذي شهدت البلاد في عهده سنوات عجافاً وفشلاً ذريعاً على كل الصعد، بدءاً بخنق الحياة السياسية وتضخم عدد المعتقلين السياسيين، مروراً بالأزمة الاقتصادية الخانقة وصولاً إلى الإخفاق الذريع في إدارة ملف سد النهضة وتهديد الأمن المائي لحياة أكثر من مئة مليون مصري.
كل هذا وغيره، أدخل مصر في نفق مظلم، وأدى إلى انحدار سريع في شعبية السيسي بين شرائح واسعة، سواء في الأوساط الشعبية أو في أوساط ما يسمى بالنخبة من رجال الفكر والمال والإعلام. بل هناك بعض الشواهد التي تشير إلى تململ داخل الجيش نفسه، ما حدا بالسيسي إلى إحكام القبضة الأمنية في المجتمع، فاعتقل كل من تسول له نفسه محاولة النيل منه بمجرد كلمة، كذلك أجرى تعديلات واسعة في المراكز الحساسة داخل الجيش، كما عبر عن إحباطه من نكران الجميل (إزاء تضحياته) في العديد من المناسبات.
أمريكا هي صاحبة النفوذ الفعلي في مصر، والمؤسسة العسكرية هي ضمانة استمرار نفوذها، لذلك لن تتوانى عن حماية النظام العسكري ودعمه بكل ما أمكن
شروط التغيير
إلا أن انطلاق حركة التغيير ضد حكم السيسي، يجب أن تتنبه إلى ثلاثة عوامل حاسمة، يشكل التعامل مع كل منها تحدياً محورياً في معادلة التغيير:
العامل الأول ـ تشكل دول الغرب على رأسها أمريكا عقبة كأداء تحول دون إنجاز أي تغيير حقيقي، لذلك تحاول تلك الدول طوال الوقت التواصل مع الناشطين في مختلف المستويات، محاولة إيهامهم بأنها غاضبة من نظام السيسي وأنها حريصة على "حقوق الإنسان"، كي تلتف على أية عملية تغيير محتملة، ولتكون لها اليد الطولى في حال نجاح أية عملية التغيير.
فأمريكا هي صاحبة النفوذ الفعلي في مصر، والمؤسسة العسكرية هي ضمانة استمرار نفوذها، لذلك لن تتوانى عن حماية النظام العسكري ودعمه بكل ما أمكن، وستحاول احتواء أية محاولة جادة للتغيير، كما فعلت إبان ثورة 25 يناير، حين استبدلت مبارك وعصابته بالمجلس العسكري الذي ظل حاكماً من وراء ستار، حتى بعد انتخاب د. محمد مرسي رئيساً لمصر، ثم احتضنته ودعمته بعد الانقلاب المشؤوم في 2013. فأمريكا دولة استعمارية شرسة، وتعتبر منطقة الشرق الأوسط مزرعة خاصة بها، يهمها بقاءها منطقة متخلفة خاضعة لها؛ لذلك كان أي تعويل على دول الغرب وأمريكا تحديداً للتخلص من حكم السيسي هو مجرد خداع للنفس وإلقاء للشعب ومقدراته وتضحياته في التهلكة.
إن اعتماد مرجعية واضحة تنبثق من عقيدة الأمة، وتنسجم مع تصوراتها عن الحياة، وتتصل بقيمها الرفيعة، وتحقق تطلعاتها في النهوض والارتقاء، أمر في غاية الأهمية، إذ يحدد ذلك معالم التغيير ومعايير نجاحه
هل يمكن أن يتحرك الشعب المصري ضد ظلم السيسي؟!
مصر بين سندان النيل ومطرقة الغاز
ما بعد مقتل سليماني.. نذر مواجهة لن تقع!!