إلى صلاح، الذي جاء أمه
المخاض به في القرية وهي تتكئ على حائط من "طين"! وبعد أن فرغت من
يوم حصاد طويل، أو بعد إنهاء مهمة رعي صعبة أو إكمال عملية زراعة مزدوجة في الرحم
والأرض معا، ومع هذا فحال أمه أفضل من نساء في القرية استحققن لقب
"أرملة" أو أمّ "الضعوف" الذي ما عاد "يسمن ولا يغن من
جوع".
وكما يحدث لكل القرى الأردنية، المتهمة
بالواسطة والمحسوبيات والنهب وجلب الممارسات غير الرشيدة للبلد الطيب برمته، فكلما
بزغ نجم قروي لا ينتمي لمؤسسة الفساد الكبرى، وتلك جريمة لا تغتفر حتى لو أمسك
بشباك "مكة المكرمة" كما يقولون.
صلاح، وهو اسم غير مستعار، وابن عمي وشقيقي في
التابعية الوطنية منذ الولادة، يحب الوطن ويكره الكيان المحتل، ويكره أيضا تصنيف
المواطنين. وأشجار الزيتون في حديقته لا شرقية ولا غربية، وماؤها طاهر كما حديقته
في فلسطين الذي تركها ليعود إليها ثانية.
صلاح مثل الملايين، يفرح لفرح الأمة ويقلق
لأجل الأردن، ويغضب لما يقوم به الكيان الصهيوني في فلسطين الحبيبة التي طالما ردد
اسمها في النشيد خلف المعلم: "فلسطين داري ودرب انتصاري..". هكذا تربينا
منذ عودة أبي صالح رحمه الله من القدس.
في الأردن فقط، المعاناة لأبناء القرى
والمخيمات مشتركة، ولا تفرقهم إلا المعونات الدولية والانتخابات والدوري المحلي،
وأشياء أخرى.
ويكفر صلاح بنظرية المؤامرة ولا تعنيه،
وتستفزه نظرية "الحيط الحيط وقول يا رب الستر" الواردة في السردية
القديمة، وكذلك بنفس الدرجة يتعامل مع نظرية الأمن القومي الشعبية "الحيطان
لها آذان"، وهو شجاع في الحق وضعيف في الباطل!
واكتشف أن التاريخ يكتبه المنتصر، حتى لو كان
على باطل، وأن الجغرافيا لا تقسو على أهلها لمجرد مقولة "مزورة"، وعلوم
الجبر والحساب قد تكون ضرورة قومية لمعرفة حساب الرقم الوطني العربي.
تؤكد السجلات الرسمية أن صلاح لم يعتد على
أملاك الغير، ويدفع الضرائب، ومنتظم في دفع فواتير الكهرباء والماء، ويتعايش مع
"الجوع" بشكل لائق جدا، ولم يرد اسمه ضمن قوائم "الفتنة"،
ولكن لغاية تدور الآن الشكوك حول "عروبته"!
مؤخرا أصبح يعاني من أمراض قد تكون
"فيسبوكية" أو اجتماعية بامتياز، وبدت الحالة المرضية غاية في الصعوبة،
وأعلن أنه لا يستطع الانضمام إلى "القطيع". وراجع الطبيب الذي كتب
تقريرا جاء فيه أنه يعاني من "التوحد" و"الجنون". وجاء في
التشخيص: "وذلك بسبب اتفاقية استيراد الغاز المسروق من الكيان الصهيوني،
ومناقشات مجلس النواب الأردني عليه..".
وأوصى الطبيب بعدما وقع وختم التقرير:
"ننصح بعدم السكوت أو الراحة..".
هل تسقط اتفاقية الغاز مع الأردن؟
عن "الإخوان" وغاز الاحتلال.. القادم خطير