حذر الناشط السيناوي عيد المرزوقي، من كارثة
جديدة يتعرض لها أبناء
سيناء؛ لإجبارهم على الهجرة القسرية، من خلال التوسع في سياسة
القتل المتعمد والعشوائي، والتهجير بالرعب والدم، من طرفي الأزمة، سواء قوات
الجيش
والشرطة أو أعضاء تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة.
ويؤكد المرزوقي لـ "عربي21"، أن حادث
اغتيال أحد أعيان مدينة بئر العبد، قبل أيام على يد تنظيم الدولة، وغيره من أعيان
سيناء، بالإضافة لعمليات القتل المستمرة من قوات الجيش للأهالي هناك، هو محاولة
لفرض سياسة التهجير القسري للأهالي من أجل تفريغ سيناء، وفقا للمخطط الذي يسير
عليه رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، منذ بدأ عمليته العسكرية
"سيناء 2018"، في فبراير/ شباط 2018.
ويقول المرزوقي إن أبناء سيناء "لديهم
المقدرة للدفاع عن أنفسهم من عناصر "
داعش"، لكنهم في هذه الحالة
سيكونون في صدام مع قوات الجيش، التي تعتبر وجود السلاح مع الأهالي مسألة حياة أو موت،
ما يجعل الموضوع في النهاية وكأن هناك ذراعا سرية تعمل على تحقيق هدف واحد، وهو بث
الرعب والخوف والهلع بين الأهالي؛ لإجبارهم على الهروب من المحافظة كلها".
"7 آلاف قتيل مدني"
وحسب الناشط السيناوي، فإن "مركز السلام
الأمريكي أكد في دراسة عن الوضع الأمني بسيناء مقتل 7 آلاف مدني سيناوي على يد
الجيش وتنظيم داعش حتى نهاية 2018، بينما عدد قتلى الطرفين لا يصل لعشر هذا الرقم،
ما يؤكد أن استهداف المدنيين سياسة ممنهجة ومتفق عليها فيما بينهم".
ويضيف المرزوقي: "الوقائع كلها تشير إلى أن
عمليات داعش تقوم بتمهيد الأرض للجيش لتفريغ المدن والقرى السيناوية، وهو ما حدث
في الشيخ زويد ورفح، عندما كان بها عمليات لداعش، ويحدث الآن في بئر العبد، التي
انتقلت إليها عمليات التنظيم ومن ورائها قوات الجيش، لاستكمال مخطط تهجير السكان
تحت مبرر القضاء على داعش".
ويشير المرزوقي لـ"وجود مخطط مشترك بين طرفي
الأزمة بسيناء، حتى تكون تكلفة بقاء الأهالي بأراضيهم وبيوتهم أكبر من قدرتهم على
تحملها، موضحا أن الوضع لا يقتصر على المواجهات الأمنية، وإنما أيضا في تدمير
البنية الاقتصادية التي يعتمد عليها الأهالي في معاشهم، والتي كان آخرها مصادرة
مزارع أهالي بئر العبد، كما جرى مع أهالي الشيخ زويد ورفح".
"الأرض المحروقة"
وحسب الناشط السيناوي أبو الفاتح الأخرسي، فإن وصول
المواجهات لمدينة بئر العبد، معناه فشل العملية العسكرية التي بدأها الجيش قبل
عامين للقضاء على تنظيم ولاية سيناء.
ويؤكد الأخرسي لـ"عربي21"، أن العملية
العسكرية على أرض الواقع "لم تستطع القضاء على المسلحين، أو حتى وقف نشاطهم
في مناطق رفح والشيخ زويد والعريش، والآن في بئر العبد، وذلك رغم التهجير القسري
والاعتقالات والتعذيب والعزل الكامل لأهالي سيناء، وهي الأمور التي تتم بمشاركة
ودعم واسع من الاحتلال الإسرائيلي وطيرانه وأجهزة مخابراته"، على حد قوله.
ويوضح الأخرسي أنه بدخول منطقة بئر العبد في
الأحداث الأخيرة، فإن هذا معناه "امتداد العملية العسكرية لأكثر من 130 كليو
مترا غرب شبه جزيرة سيناء، وهو ما يبرر قيام السلطات
المصرية بفرض حظر التجوال منذ
عدة أشهر على قرية "جلبانة"، التي تتبع إداريا محافظة الإسماعيلية، لكنها عمليا تقع في شبه جزيرة سيناء، ما يعني أن فرض حظر التجوال امتد لأبعد نقطة
للحدود الغربية لشبه جزيرة سيناء بالقرب من محافظات القنال".
وينقل الناشط السيناوي عن شهود عيان ببئر العبد،
أن "المسلحين التابعين لولاية سيناء يتجولون بحرية كاملة في منطقة تفاحة،
جنوبي بئر العبد، وهي المنطقة نفسها التي قام الطيران الحربي بقصف مزارع الزيتون فيها
قبل عدة أسابيع، ما أدى لمقتل 9 من أسرة واحدة من بينهم أطفال ونساء".
ويضيف الأخرسي: "للأسف الجيش يتعامل مع
أبناء سيناء وفقا لسياسة الأرض المحروقة، فإذا حدثت عملية للمسلحين في منطقة،
يتعرض الأهالي فيها للعقاب الجماعي، الذي يتنوع بين القصف بالطائرات، والضرب
بالمدفعية، والرصاص العشوائي القادم من الكمائن والارتكازات الأمنية للجيش والشرطة
دون تفرقة بين مسلحين أو مدنيين، وهي السياسة التي تم استخدامها في رفح والشيخ
زويد، والعريش والقرى التابعة لها، والآن يتم استخدامها بنفس الطريقة في بئر
العبد".
ووفق الأخرسي، فإن أهالي شمال سيناء في أزمة
حقيقة، "حيث يطلب منهم الجيش التعاون معه للإرشاد عن المسلحين دون تقديم أي
حماية لهم، ويترك مصيرهم بيد المسلحين الذين إذا وصلتهم معلومات عن تعاون أحد
الأهالي يقومون بخطفه وقتل كل من يعترض على ذلك، ثم يحققون مع الشخص المتهم، وفي
حالة تأكدوا من تعاونه مع الجيش يقومون بقتله".
ويضيف الأخرسي: "في المقابل إذا رفض الأهالي
التعاون مع الجيش، يتم اعتقالهم وتعذيبهم ثم إخفاؤهم قسريا، وقتلهم في عمليات
وهمية، أو الزج بهم في السجون بأحكام قاسية تصل للمؤبد أو الإعدام، وقبل كل ذلك
يتم تهجيرهم قسريا، وهدم منازلهم وحرق مزارعهم، وهو ما دفع معظم أبناء قرية الروضة
التي شهدت مذبحة المسجد الشهيرة لتركها طواعية؛ هربا من الطرفين".