طرحت الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، إلى الشرق الليبي ولقاء اللواء الليبي، خليفة حفتر في هذا التوقيت مزيدا من التساؤلات حول توجه جزائري جديد في الأزمة الليبية، وما إذا كانت الزيارة تقاربا مع الجنرال الليبي أم وساطة لتحقيق المصالحة هناك.
واهتم الإعلام المؤيد لـ"حفتر" بهذه الزيارة واعتبرها نقطة قوة لقائدهم، ودلالة على اعتراف دول الجوار ومنهم "الجزائر" بالدور الذي يقوم به الجنرال العسكري الليبي وهو ما يعطي الأخير أوراق قوة في أي تسوية سياسية أو مفاوضات قادمة.
"ظهور قوي"
وقامت الجزائر في اليومين الماضيين بخطوات مكثفة وظهور قوي في الأزمة الليبية سواء بالتنسيق مع باقي دول الجوار أو المشاركة في مؤتمر "برلين"، كما عرضت "الجزائر" مؤخرا استضافة "منتدى للمصالحة الوطنية" بين أطراف الأزمة الليبية بحسب لجنة الاتحاد الإفريقي المكلفة "إيجاد حلول" للنزاع.
اقرأ أيضا : وزير الخارجية السعودي يزور الجزائر.. وملف ليبيا يتصدر
لكن زيارتها لحفتر ومعسكر الشرق الليبي ومن قبل دعوتها لما يسمى بوزير خارجية الحكومة الليبية الموازية أثار حفيظة البعض وطرح تساؤلات من قبيل: هل هو توجه "جزائري" جديد؟ أم دور قوي في الوساطة؟.. وهل لزيارة وزير خارجية الإمارات والسعودية للجزائر أي دور في الأمر؟
"وساطة خاطئة"
من جهته، رأى عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد أنه "حتى الآن لم يرشح عن زيارة وزير الخارجية الجزائري أي نتائج يمكن بها تقييم الزيارة، لكن دلالات حدوثها بعد زيارة وزير الخارجية الإماراتي لا يمكن إغفالها".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "إذا كانت الزيارة لغرض الوساطة فأحسب أن الدبلوماسية الجزائرية قد ارتكبت خطأ، إذ كان عليها معرفة رأي الحكومة الشرعية التي تعترف بها أولا من جدوى الشروع في مجهود مثل هذا"، وفق تقديراته.
ضغط "إمارتي سعودي"
وفي تصريحات لـ"عربي21" أشار الضابط الليبي ومساعد الحاكم العسكري في شرق ليبيا سابقا، عقيد سعيد الفارسي إلى أن "هذه الخطوة من قبل دولة الجزائر جاءت نتيجة الضغط الممارس من قبل الإمارات والسعودية" في محاولة منهما للتأثر على الجزائر لتغير مواقفها لصالح حفتر"
وأضاف: "قد تكون مجرد زيارة للاستماع عن قرب والبحث فعلا عن مبادرة لحل الأزمة الليبية، لكن تظل الزيارة غير معروفة النتائج حتى الآن"، وفق تصريحه.
لماذا "حفتر" فقط؟
لكن عضو البرلمان الليبي، زياد دغيم تساءل خلال تعليقه لـ"عربي21" عن أسباب التركيز على زيارة وزير الخارجية الجزائري لحفتر فقط، خاصة أن الأكثر تميزا ولمعانا هو زيارته لرئيس الحكومة المؤقتة "عبدالله الثني" (حكومة موازية غير معترف بها دوليا) بعد أن قامت الجزائر سابقا بدعوة وزير خارجية "الثني" لاجتماع وزراء خارجية هناك".
وعن أسباب ودلالة الزيارة عامة للشرق الليبي، قال دغيم: "الجزائر اليوم لديها رئيس منتخب وانتهت سياسات الدولة السابقة "العدائية" مع المشرق العربي وخاصة "مصر" كونها كانت سياسات الجيش القديم الذي انتهى حكمه مؤخرا"، حسب كلامه.
"مبادرة مع تونس"
الباحث التونسي في العلاقات الدولية، نزار مكني رأى بدوره أن "الزيارة تأتي ضمن المحاولات الجزائرية لجلوس "حفتر" إلى طاولة المفاوضات ضمن مبادرة "جزائرية تونسية" لإيجاد حل ليبي ليبي للأزمة الراهنة".
وتابع: "أرى أن زيارة وزراء خارجية السعودية والإمارات للجزائر تأتي للحشد الدبلوماسي لضم الجزائر لموقفها من الأزمة الليبية ولا أعتقد أن الجزائر من مصلحتها أن تكون إلى جانب أحد أطراف النزاع، لأن من مصلحتها أن تكون هناك تسوية سياسية لا عسكرية للملف الليبي"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".
"تحييد"
الباحث السياسي السوداني، عباس محمد صالح قال إن "الجزائر بلد معني بالتطورات في ليبيا، لذا فمن الطبيعي أن تحاول الجزائر مواكبة التحولات المتسارعة في المشهد، لاسيما مع تصاعد وتيرة التدخلات والتنافسات بين القوى الخارجية".
وأوضح لـ"عربي21" أنه "بخصوص زيارة وزير خارجية "أبوظبي" للجزائر مؤخرا فإن الهدف منها احتواء التحركات التركية والبحث عن اصطفافات إقليمية لصالح المحور الداعم لحفتر، وكذلك تحييد الجزائر في أحسن الأحوال، وقد تكون زيارة وزير خارجية الجزائر إلى "حفتر" هي محاولة لانخراط جزائري مع الفاعلين في المسألة الليبية وليس بالضرورة اعترافا أو تحالفا مع مشروع "حفتر" في ليبيا"، كما رأى.
خبراء: الجزائر تعود للملف الليبي وتنخرط في مسار التسوية
تعديل الدستور بالجزائر.. هل وضع تبون العربة أمام الحصان؟
قوات الوفاق تستعيد مناطق بسرت وتبدأ هجوما من ثلاثة محاور