* أمريكا تملك مفاتيح حل الأزمة الليبية لأن قدرات أوروبا محدودة خاصة بعد التدخل التركي الروسي
* ألمانيا تبذل جهودا صادقة ودؤوبة لحل الأزمة ونتوقع تقدما "بطيئا" في هذا المسار
* غسان سلامة لم تكن لديه إطلاقا خطة واقعية لإنهاء الأزمة الليبية.. ومؤتمر جنيف لن ينهي الأزمة
* جهود توحيد المؤسسة العسكرية دُفنت بهجوم "حفتر" على العاصمة طرابلس
* الحديث عن تطوير المؤسسات اليوم يُعد ترفا سياسيا.. ولا بد أولا من وقف الحرب وترسيخ سلم دائم
* لا يحب إقصاء "أنصار حفتر" وحكومة الوفاق ليست في وضع يمكنها من إقصائهم حتى لو أرادت ذلك
* هدفنا السلام لكن استعداد حكومة الوفاق للحرب أعلى بكثير من يوم 4 نيسان/ أبريل 2019
* هجوم "حفتر" على العاصمة طرابلس فشل ولم يكن سيصمد سوى أسابيع لولا الدعم الإقليمي
* هناك الآن توازن في القوة بعدما كانت الكفة تميل لـ"حفتر" في الأربعة أشهر الأخيرة
* الصراع المبكر بين حزب العدالة والبناء وتحالف القوى الوطنية أضاع فرصة تاريخية لبناء بلد ديمقراطي
قال
عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، وعضو تجمع نواب مصراتة، أبو القاسم قزيط، إن
"ألمانيا تبذل جهودا صادقة ودؤوبة لمحاولة حل الأزمة الليبية، وذلك على غرار
الجهود التي بذلت سابقا في مدينة الصخيرات المغربية"، متوقعا أن يكون "هناك
تقدم في هذا المسار، ولكن بشكل بطيء".
وأضاف،
في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "مؤتمر برلين يختلف عن غيره من
اللقاءات التي أجريت سابقا في روما أو باريس أو غيرها"، مضيفا: "نتمنى أن تتحلى
ألمانيا بالصبر، لأن التقدم في اتجاه حل حقيقي يحتاج وقتا وجهدا".
ورأى
قزيط أن "مؤتمر جنيف لن ينهي الأزمة الليبية، لكن نأمل أن يكون خطوة إلى الإمام"،
مشيرا إلى أن "من يملك مفاتيح الحل هي الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقدرات أوروبا
محدودة، خاصة بعد التدخل التركي الروسي".
وردا
على قول المبعوث الأممي غسان سلامة بأن الأطراف الليبية وافقت على مبدأ تحويل الهدنة
إلى وقف دائم لإطلاق النار، أضاف: "أتوقع أن يُصدم، وأقول له ما قاله
الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، عقب الحرب العالمية الثانية: الحرب انتهت والسلم لم
يُولد بعد، ولا أعتقد أنه سيُولد قريبا".
اقرأ أيضا: قوات حفتر تجدد قصفها لمطار "معيتيقة" بالعاصمة الليبية
وذكر
أن "غسان سلامة لم تكن لديه إطلاقا خطة واقعية لإنهاء الأزمة الليبية، كما أنه
فرّط بشكل غير مفهوم في تعديل المجلس الرئاسي، وتكوين مجلس يمثل الجميع، وهو في
العموم يفتقد للتواضع الضروري للفهم، والموضوع خلال الفترة الأخيرة أصبح أكبر بكثير
من سلامة الذي ساهم في خروج الأمر من يديه بعدم الجدية، والاستمتاع بتوزيع الاتهامات
على القوى السياسية الليبية".
واتفق
قزيط مع التصريحات التي قالتها وزارة الخارجية المصرية بشأن تشكيل المجلس الرئاسي،
قائلا: "كلام الخارجية المصرية صحيح؛ فالمجلس الرئاسي يتكون من 9 أعضاء وليس فائز
السراج فقط، ولكن مصر دعمت السراج في فترة ماضية رغم عجزه الواضح عن الإنجاز".
"مهام
شاقة"
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة أن "لجنة (5 + 5) العسكرية تنتظرها مهام شاقة، وستعمل على عودة النازحين، لكني لا أعرف ما إذا كان
حفتر سينسحب من هذه المناطق أم لا".
ورأى
قزيط أن "المسار الأمني والسياسي يجب أن تتم معالجتهما وفق مسارات متوازية
دون أن يسبق أحدهما الآخر"، مشيرا إلى أن "جهود توحيد المؤسسة العسكرية دُفنت
بهجوم يوم 4 نيسان/ أبريل 2019".
واستطرد
قزيط قائلا: "بكل صراحة أهم شيء الآن هو وقف الحرب، أما الحديث عن تطوير المؤسسات
اليوم فيُعد ترفا سياسيا. لا بد أولا من وقف الحرب، وترسيخ سلم دائم، وعندها لكل حادث
حديث".
وأشار
إلى أن "انتشار السلاح في ليبيا هو أمر بلا شك خطير، لكن ليست هذه مشكلة ليبيا
فقط؛ فأمريكا، أكبر دولة في العالم، الناس فيها مدججون بالسلاح"، منوها إلى
أن "مشكلة ليبيا سياسية وليست أمنية، وإذا تم حل المشكل السياسي فمؤسسات الدولة
من جيش وشرطة تستطيع إنجاز الكثير في الجانب الأمني".
"ثورة
فبراير"
وأكد
قزيط أن "ثورة شباط/ فبراير أسقطت النظام، ووسعت هامش الحرية، وزرعت الأمل في
التحرك نحو الأمام، لكن صعوبات جمّة جعلت مكتسبات الثورة محدودة، خصوصا انفلات الأمن،
ما جعل الكثير من الناس تُحبط بعد أن كان سقف التوقعات مرتفعا جدا".
ولفت
إلى أن "الإخفاقات التي وقعت فيها الثورة عديدة بعضها عام وبعضها يأخذ شكل أحداث
معينة، والصراع المبكر، خاصة بين حزب العدالة والبناء، وتحالف القوى الوطنية، وعدم
قدرتهم على إدارة الخلاف، أضاع فرصة تاريخية لبناء بلد ديمقراطي".
وتابع:
"أما أبرز محطات انحراف القطار عن السكة فكانت: قانون العزل السياسي، والقرار رقم
7 الذي سمح بدخول مدينة بني وليد وطريقة تنفيذه، وحراك لا للتمديد، وعملية فجر ليبيا،
وعملية الكرامة من حيث هي تحرك نحو السلطة في ثوب محاربة الإرهاب، والكارثة الكبرى
عملية الفتح المبين أو الحرب على العاصمة".
وقال
عضو المجلس الأعلى للدولة الليبية: "مؤكد تمام، قبل ثماني سنوات، أن عقد قمة بين
رئيس تحالف القوى الوطنية محمود جبريل، ورئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان، كان
كافيا لحل المشكلة، أما اليوم فنحتاج إلى قمة بين ترامب وبوتين".
"سياسة
الاسترضاء"
وانتقد
أداء حكومة الوفاق، قائلا: "من جلب حفتر إلى تخوم طرابلس هي سياسة الاسترضاءات
التي اتبعها السراج، وهي نفس سياسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق نيفيل تشامبرلين،
ورئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إدوار دلادييه، في ثلاثينيات القرن الماضي التي حاولوا
فيها تجنب الحرب مع ألمانيا، لكن هذه السياسية هي التي شجعت هتلر على خوض الحرب الأكثر
تدميرا في التاريخ، وهي الحرب العالمية الثانية".
وتابع:
"في تقديري، هناك ارتباك واضح في قيادة المعركة عسكريا وسياسيا واجتماعيا وإعلاميا،
وحكومة الوفاق تنظر للغنيمة قبل النصر، لذلك ترفض أي نوع من المساعدة وتعتبر ذلك محاولة
لاعتلاء الركب السياسي، ويصرون على احتكار المشهد لشخوص معينة وتيارات محددة".
وأكد
على ضرورة "تشكيل حكومة كفاءات وخالية من الفساد؛ فهذه هي الحكومة التي ينشدها
الليبيون"، منوها إلى أن "حديث البعض عن تشكيل حكومة ثوار لا معنى له بعد
9 سنوات من الثورة، لأن دعوة كهذه تحمل في طياتها نزعة لإقصاء الآخر، ومن هو الثائر
فعلا؟، هل من ثار على معمر القذافي له صك غفران أبدي أم أن اعتبار بعض الفاسدين ممن
ثاروا على النظام السابق ثوار؟، وهذا يفرغ الثورة من كل قيمها النبيلة".
اقرأ أيضا: هجوم أمريكي على عدوان "حفتر".. هل غيرت واشنطن موقفها؟
"الهجوم
على طرابلس"
واعتبر
قزيط الهجوم على العاصمة طرابلس "جريمة سياسية وأخلاقية"، مضيفا: "قلنا
قبل الهجوم على العاصمة أن هذا الهجوم سيؤدي لحرب طويلة ومئات آلاف اللاجئين".
وشدّد
على أن "هجوم حفتر على العاصمة فشل، لأن هدف الهجوم كان الاستيلاء على طرابلس
وإسقاط حكومة الوفاق، وها نحن الآن نعود إلى ما قبل 4 نيسان/ أبريل 2019، أي اليوم
الذي بدأ فيه هذا الهجوم. السؤال: من المسؤول عن كل هذا العبث؟"، مؤكدا أن
"الهجوم على العاصمة ما كان ليصمد أسابيع بدون الدعم الإقليمي".
وحول
مدى استعداد حكومة الوفاق للخيار العسكري حال فشل الخيار السياسي، قال: "هدفنا
السلام، لكن استعداد حكومة الوفاق للحرب أعلى بكثير من يوم 4 نيسان/ أبريل
2019".
"تعنت
حفتر"
ولفت
إلى أن "تعنت حفتر يرجع بالأساس إلى الدعم اللامحدود الذي يتلقاه من داعميه، ولا
شك أن سيطرته على مدينتي سرت وترهونة قوى وضعه التفاوضي"، مستدركا بالقول إن
"هناك الآن توازنا في القوة بعدما كانت الكفة تميل لحفتر في الأربعة أشهر الأخيرة".
وحول
تحذير رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، جان بول كافاليري، من وقوع
كارثة إنسانية حال انتقلت الاشتباكات المسلحة إلى المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة،
قال: "الحمد لله، الآن الاشتباكات توقفت، لكن أقول لهذا المسؤول لماذا لم نسمع
منك أي تصريح عندما كان هناك قصف عمدي على المدنيين؟".
ورفض
تماما دعوات إقصاء أنصار حفتر، قائلا إن "هؤلاء في المقام الأول والأخير هم ليبيون،
ولا يحب إقصاء أحد، ثم إن حكومة الوفاق ليست في وضع يمكنها من إقصاؤهم حتى لو أرادت
ذلك".
"حوار
القاهرة"
وعن
إعلان الهيئة الطرابلسية رفضها إقامة أي حوار اقتصادي أو سياسي أو عسكري أو اجتماعي
على الأراضي المصرية، أضاف: "من حق الهيئة الطرابلسية إعلان أي موقف تراه مناسبا
في إطار حرية الرأي، وهي منظمة أهلية وسط عشرات المنظمات، بينما نابليون يقول إن
الجغرافيا قدر الشعوب، ومصر بلد جار، حتى لو اختلفنا معها في بعض المقاربات فإن من غير
المنطقي استعداءها".
وأوضح
أن انشقاق بعض السفراء التابعين لحكومة الوفاق، وإعلان انضمامهم لمعسكر
"حفتر" كان محدودا للغاية، ولا قيمة كبيرة له، والحالات التي حصلت رغم أنها
معزولة تشير إلى عمق الاستقطاب السياسي، لافتا إلى أن أغلب السفراء بقي مع حكومة
الوفاق.
اقرأ أيضا: الرباط تدخل على "ماراثون" الحوار الليبي وتتحضر لعقد حوار
"التيارات
الشعبوية"
ونوّه
إلى أن "تصاعد التيارات الشعبوية أصبح مرتكزا على المصالح وازدراء القيم السياسية
والأخلاقية، والعالم كله يفقد يقينه وقيمه الأخلاقية"، مشدّدا على أن "ما
يحدث في العالم، ليس فضيحة فقط، بل هو مخيف فعلا، وكل ذلك ينعكس بشكل محزن على بلدي".
وبشأن
التقارير الدولية التي تتحدث عن ما وصفته بأوضاع مأساوية للاجئين في ليبيا، قال:
"لا أنفي ولا أؤكد ذلك، لكن ليبيا اليوم في حالة حرب، والحل هو وقف الحرب أولا،
وأعتقد أنه في عهد وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا تحسنت الأمور، وإذا ما تمتعنا
بحكومة مستقرة مُتفق عليها فإنه مؤكد أن يكون حال الجميع أفضل"، موضحا أن
"الهجرة غير الشرعية انخفضت كثيرا عن الأعوام السابقة، لكن من الصعب إيقافها بشكل
كامل".
"التدخل
التركي"
وذكر
أن "التدخل التركي جاء بعد 9 أشهر من العدوان على طرابلس، لذلك يجب البحث عن من
شجّع وموّل وسلّح الهجوم على طرابلس. التدخل التركي كان عامل ردع وباتفاق مُعلن وواضح"،
منوها إلى أنه ليست لديه تفاصيل عن المرتزقة الذين تحدث عنهم الرئيس أردوغان، مضيفا أن "القوات التي بعثت بها تركيا ترفع العلم التركي".
وختم
عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بقوله: "أغلب الدول تتدخل سلبا في ليبيا، لكن
المسؤولية نحملها لأنفسنا، لأننا نحن من سمحنا لهم بالعبث ببلدنا ومستقبل أولادنا".