تتجه الأنظار إلى مدينة ترهونة جنوبي العاصمة الليبية طرابلس، مع تصاعد حدة التهديدات التي أطلقها قادة عسكريون بحكومة الوفاق الليبية بقرب شن عملية عسكرية عليها، بهدف إنهاء وجود قوات حفتر في الغرب الليبي بالكامل.
وشكلت ترهونة على مدار عام كامل محور ارتكاز أساسي لقوات حفتر في هجومها المستمر على طرابلس، ومنها ترد الإمدادات العسكرية لمحاور جنوب العاصمة، سواء الأفراد أو المعدات العسكرية والذخائر، وصولا للدعم اللوجستي، فضلا عن احتضانها غرفة العمليات المركزية للجنرال المتقاعد القادم من الشرق، الأمر الذي جعلها خنجرا في خاصرة طرابلس من جهة الجنوب.
قطع الإمدادات
وشرعت قوات الوفاق بقطع خطوط الإمداد عن المدينة، حيث ركزت خلال الأسابيع القليلة الماضية على ضرب قوافل الإمدادات التي ترد على الطريق الواصل بين مدينة بني وليد جنوب شرقي طرابلس، وبين ترهونة، لا سيما عربات الذخائر والوقود، الأمر الذي أدى لخلق أزمة وقود في ترهونة، وجعل محيطها مكشوفا لطيران الوفاق.
اقرأ أيضا: ما أهمية سيطرة "الوفاق" الليبية على مدن الساحل الغربي؟
ولتفادي ضرب هذه القوافل القادمة من بني وليد، عمدت قوات حفتر إلى نقل الإمدادات جوا، مستخدمة مهبطا صغيرا مخصصا للطيران المروحي والشحن وسط ترهونة، لكن هذه الشحنات كانت هدفا لطيران الوفاق أيضا، حيث ضربت في السادس من الشهر الجاري طائرة شحن في المهبط، كانت تنقل إمدادات عسكرية. ما جعل المدينة التي تبعد نحو 88 كيلومترا جنوب العاصمة في موقف صعب.
وظلت الوفاق تبعث برسائل "حرب" إلى ترهونة منذ أن امتصت الهجوم المباغت الذي بدأه حفتر في الرابع من نيسان/ أبريل 2019، حيث شنت العديد من الهجمات الجوية والبرية على المدينة.
ففي الـ20 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شنت "الوفاق" هجوما على قوات حفتر في ترهونة، وتمكنت من طردها من منطقة الداوون داخل المدينة.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، اقتربت قوات حكومة الوفاق من الحدود الشمالية لترهونة، من محور القويعة القريب من مدينة القرابوللي (45 كلم شرق طرابلس).
اللواء التاسع
ويسيطر على المدينة "اللواء التاسع" مشاة، ويطلق عليه اسم "الكانيات"، نسبة إلى محمد الكاني، الذي يقود اللواء، إلى جانب عدد من إخوته.
وفتح لواء "الكانيات" الأبواب لقوات حفتر منذ هجومه على طرابلس، بل كان في طلبعة قواته التي هاجمت العاصمة، ومثلت "ترهونة" عمقا استراتيجيا لتمركزات حفتر الحالية جنوب طرابلس، وهو ما يفسر تركز معظم الهجمات على طرابلس من جهة الجنوب.
اقرأ أيضا: بعد فشل السيطرة على العاصمة.. هل يبحث "حفتر" عن تسوية؟
ويبدو أن قوات الوفاق تريد إنهاك المدينة، عبر محاصرتها قبل أن تشن هجوما كاسحا عليها، وهو ما يؤكده الخبير العسكري عادل عبد الكافي حين قال في حديث خاص لـ"عربي21"، إن عملية اقتحام ترهونة على خارطة العمليات العسكرية لحكومة الوفاق، وتوقيتها آت لا جدال فيه، مستدركا بالقول: "سلاح الجو يقوم الآن بخطوات ما قبل الاقتحام، عبر استهداف مخازن الذخيرة والآليات العسكرية وبعض تمركزات المرتزقة، وغرف عملياتهم، وخطوط الإمداد، وصولا لعملية الهجوم الكامل".
سيطرة على الساحل
والاثنين الماضي سيطرت حكومة الوفاق على مدن الساحل الغربي الليبي، بعد معارك ضارية، تمكنت خلالها من طرد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر منها، باسطة نفوذها على الشريط الساحلي الغربي بالكامل الذي يصل العاصمة طرابلس بكل من مدن، صرمان، صبراته، العجيلات، الجميل، رقدالين، وزلطن، مرورا بمدن ومناطق ساحلية أخرى، وصولا للحدود التونسية في أقصى الغرب.
ولمدن الساحل الغربي أهمية استراتيجية كبيرة، فمن ناحية عسكرية تمكنت الوفاق من قطع أذرع قوات حفتر في معظم المناطق الغربية للبلاد، باستثناء ترهونة، ومن ناحية اقتصادية، عادت الوفاق للسيطرة على حقول إنتاج النفط والغاز في هذه المنطقة، والتي ظلت رهينة لقوات اللواء المتقاعد منذ سنوات.
أنظار "الوفاق" تتجه لترهونة.. هل بات الهجوم وشيكا؟
بعد فشل السيطرة على العاصمة.. هل يبحث "حفتر" عن تسوية؟
ماذا حققّ حفتر بعد عام من هجومه على طرابلس؟