قضايا وآراء

بطلان اعتقال الخضري بموجب اتفاقية فيينا للتمثيل الدبلوماسي

1300x600

قامت قناة الشرق الفضائية ببث مقابلة عبر شاشتها مع القيادي في حركة حماس ونائب رئيس الحركة في الخارج الأستاذ محمد نزال استعرض من خلالها نشأة العلاقة السياسية بين الحركة والمملكة العربية السعودية، ما يوحي أنها تمت وفق المتطلبات الدولية التي تنشأ من خلالها العلاقات الدولية بين أشخاص القانون الدولي.


وقبل الشروع في بحث هذه العلاقة، ? بد من التوضيح للقارئ من هم أشخاص القانون الدولي الذين تطبق عليهم اتفاقية فيينا للتمثيل الدبلوماسي.


بعد الحرب العالمية الأولى، لم تعد الدول هي التي تمثل أشخاص القانون الدولي الوحيدة، ذلك نتيجة لتطور العلاقات الدولية، لتكون علاقات دولية خارج إطار الدول، فظهرت شخصيات أخرى ليست مماثلة للدول، ولكنها تتمتع بشخصية قانونية دولية تمارس أعمال الدول من حيث إبرام الاتفاقيات والانضمام للهيئات الدولية، وظهورها بمظهر المستقل عن الدولة في تصرفاتها، ما أكسبها الشخصية القانونية الدولية.

 

ومن أمثلة هذه الكيانات (الفاتيكان، حركات التحرر الوطني، المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسية).


من أهم متطلبات قيام العلاقة الدولية، أن تتم بين أشخاص القانون الدولي المتمتعين بالشخصية الدولية القانونية، وحددت اتفاقية فيينا شروطا لاعتبار هذه العلاقة دولية دبلوماسية، ومن هذه الشروط:

 

1- التمتع بالشخصية القانونية لأطراف العلاقة
2- الاعتراف المتبادل بين أطرافها
3- الرضا المتبادل في اقامة العلاقة الدبلوماسية


حيث نصت المادة الثانية من اتفاقية فيينا: (يتم إنشاء العلاقات الدبلوماسية وتنشأ البعثات الدبلوماسية الدائمة بالرضا المتبادل).


اتفاقية فيينا للتمثيل الدبلوماسي أوضحت أن التمثيل الدبلوماسي بين أشخاص القانون الدولي يكون على عدة صور أعلى مراتب التمثيل الدبلوماسي يكون بتبادل فتح السفارات بين الدول، ويكون بدرجة أقل من ذلك من خلال تبادل البعثات والمفوضيات وصورة أخرى للتمثيل يكون من خلال فتح مكاتب ارتباط وعلاقات دولية، وهذا يكون بين الدول وبين حركات التحرر أو غيرها من أشخاص القانون الدولي.


وباستعراض ما ذكره الأستاذ محمد نزال عبر قناة الشرق، حول نشأة العلاقة السياسية الدبلوماسية فيما بين حركة حماس والمملكة العربية السعودية، وبإسقاط  ما تم من إجراءات لترسيم هذه العلاقة على اتفاقية فيينا من خلال الاتفاق الذي أبرم بين القيادة السياسية لحركة حماس والمسؤولين السياسيين والأمنيين في المملكة العربية السعودية.

 

وأسفر هذا الاتفاق عن فتح مكتب ارتباط وعلاقات وتسمية الدكتور محمد الخضري ليكون رئيس مكتب الارتباط، وممثلا لحركة حماس من عام (1992)، ما يمنح الدكتور وأعضاء مكتب الارتباط الحقوق الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا.


من هذه الحقوق على سبيل المثال لا الحصر، حق الحصانة للمكان والأشخاص، فلا يجوز للسلطات السعودية اقتحام المكاتب أو دخولها من غير إذن رئيس المكتب وفق نص المادة (22) من اتفاقية فيينا التي جاء بها: (تتمتع مباني البعثة بالحرمة وليس لممثلي الحكومة المعتمدين لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة).

 

وكذلك منحت اتفاقية فيينا الأشخاص حصانة لا يجوز التعرض لهم أو احتجازهم أو القبض عليهم واعتقالهم من تلك الدولة، لتمتعهم بالحصانة الدولية التي نصت عليها اتفاقية فيينا المادة (29): (لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه وعلى الدولة المعتمدة لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره).

 

إن العلاقات السياسية التي قامت بين حركة حماس والمملكة العربية السعودية تمت وفق متطلبات العلاقات الدولية الدبلوماسية، وتم ترسيم العلاقة الدبلوماسية على أساس اتفاقية التمثيل الدبلوماسي التي نظمت أحكامها اتفاقية فيينا للتمثيل الدبلوماسي بين أشخاص القانون الدولي المقرة من الأمم المتحدة عام (1961)، فتكون هذه الاتفاقية ملزمة للمملكة العربية السعودية بحكم انها موقعة على الاتفاقية.


إن ما أقدمت عليه السلطات السعودية باعتقال الممثل السياسي ورئيس مكتب الارتباط لحركة حماس  في المملكة العربية السعودية الدكتور محمد الخضري يعد سابقة خطيرة في العمل السياسي، وغير مسبوق في العلاقات الدولية الدبلوماسية.

 

وكان بوسع السلطات السعودية في حال رغبت إنهاء علاقتها السياسية والدبلوماسية مع حركة حماس، أن تطبق ما جاء في المادة (9) من اتفاقية فيينا: (في حال رغبة الدولة في إنهاء العلاقة الدبلوماسية أو عدم قبولها الشخص المعتمد لديها في أي وقت، وبدون ذكر الأسباب، أن تبلغ رئيس أو أي عضو من أعضاء طاقم بعثتها بأنه أصبح غير مقبول أو أي شخص غير مرغوب فيه).

 

هذا يوجب على السلطات السعودية أن تقوم بالإفراج عن الدكتور محمد الخضري ومساعديه من طاقم مكتب الارتباط، لمخالفة ما قامت به للقانون الدولي، الذي يرتب المساءلة القانونية في حال الإصرار على عدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية.

 

وفي المقابل، من حق حركة حماس اللجوء للقضاء الدولي وللمنظمات الدولية ومطالبتها ممارسة دورها واتخاذ الإجراءات القانونية واجبة التطبيق.


المحامي مصطفى محمد نصرالله

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع