أكدت
مصادر لـ"عربي21" اعتزام المجلس الانتقالي السيادي في السودان تسليم مصر
مجموعة من المعارضين المصريين لديه، وذلك بعد أن تم اعتقالهم خلال شهر شباط/
فبراير الماضي، لافتة إلى أن هذا التسليم قد يتم خلال أيام بموجب تنسيق أمني رفيع
المستوى بين البلدين.
وأكدت
المصادر أن عملية التسليم سوف تتم على دفعات بعد جولة مفاوضات بين السلطات
المصرية، والمجلس الانتقالي السيادي في السودان الذي تربطه علاقات وثيقة بالنظام
المصري الحالي الذي حرص على زيادة التقارب مع النظام السوداني الجديد في الآونة
الأخيرة.
وكانت
صفحة "صوت الزنزانة" المعنية بالمعتقلين المصريين، قد كشفت عبر موقع
التواصل الاجتماعي "تويتر" في آذار/ مارس الماضي عن اعتقال السلطات
السودانية عشرات المصريين المقيمين في السودان، داعية إلى إنقاذهم من مصير مجهول.
وخلال
الأشهر القليلة الماضية تردد مسؤولون سودانيون في المجلس الانتقالي السوداني على
القاهرة للقاء رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، ورئيس جهاز المخابرات
العامة، اللواء عباس كامل؛ بزعم بحث تطورات الأزمة السودانية، وإجراء المزيد من
التشاور في العديد من الملفات.
وفي
آخر زيارة بين البلدين؛ التقى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان،
ونائبه الأول محمد حمدان دقلو، مع مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، في
آذار/ مارس الماضي، وذلك بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء
السوداني عبد الله حمدوك.
وفي
أيار/ مايو 2018 قامت السلطات السودانية بتسليم النظام المصري الشاب المعارض باسم
محمد إبراهيم جاد، بزعم تورطه في أعمال عنف.
وأعلنت
السلطات السودانية في شباط/ فبراير الماضي القبض على خلية يقودها مصري (ينتمي
لجماعة الإخوان)، بزعم أنها كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية في السودان ومصر
انطلاقا من الأراضي السودانية.
وخلال
السنوات الماضية تسلمت السلطات المصرية عشرات المعارضين من دول مثل السعودية
والإمارات والكويت والبحرين وماليزيا، آخرهم 8 شبان من الكويت في 13 تموز/ يوليو
2019.
اقرأ أيضا: هذه أبرز وقائع تسليم معارضين مصريين بالخارج إلى القاهرة
"دلالة
التنسيق الأمني"
وعن
دلالة التنسيق المصري السوداني، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني، ياسر
محجوب الحسين، إن "ذلك التنسيق يعني أن الحكومة السودانية استجابت لضغوط
المحور السعودي الإماراتي المصري؛ فهذه الدول جميعها متفقة على محاربة الإسلاميين
أينما وجدوا وترى فيهم تهديدا لأنظمة حكمها".
وأضاف
لـ"عربي21": "لكن المدهش أن هذا التنسيق لا يبدو أن له ثمنا ولا
تستفيد منه الخرطوم غير أن الضعف الشديد الذي تعانيه الحكومة الانتقالية في
السودان هو التفسير الوحيد لوقوعها في براثن سياسة المحاور، بالإضافة إلى الصراع
المكتوم بين المكونين العسكري والمدني وتدني مستوى الثقة بينهما".
وقلّل
محجوب من أثر ضغوط منظمات المجتمعات المدني، قائلا: "ليس من المنتظر أن
يستجيب الخرطوم لأية مناشدات حقوقية دولية؛ فالقرار الوطني مسلوب تماما لصالح
المحور السعودي الإماراتي المصري، ويبدو أن القوة الحقيقية التي صنعت الثورة في السودان
غائبة أو مغيبة تماما".
"لماذا
غابت قوى الثورة؟"
الناشط
السياسي السوداني، صلاح النور أحمد، انتقد تلك التقارير، قائلا: "هناك تنسيق
قوي بين عسكري مصر والسودان، وانقسام بين حكومة الثورة؛ فالعسكر في جانب مصر
والمدنيين في جانب إثيوبيا، ولا سيما رئيس الوزراء؛ فالكل يريد أن يقوي موقفه،
بالإضافة إلى تردي الوضع الاقتصادي".
مضيفا
لـ"عربي21" أن "سياسة حميدتي تهدف إلى مغازلة محور الشر العربي
بتقديم بعض الأبرياء قربانا حتى يجد الدعم والسند، أما حقوق الإنسان وشعارات
الثورة فأصبحت شعارات لا قيمة لها؛ فالسودان لا زال يُحَكمْ بقانون الطوارئ، وقوى
الثورة السودانية تعاني من فرز أيديولوجي حاد، وتَصدُر اليسار بكل أطيافه للمشهد
السياسي يجعل من المستبعد التعاطف مع
الإسلاميين".
"مخاوف حقوقية"
وعبّرت
منظمات حقوقية عن مخاوفها من مغبة تسليم الخرطوم المعتقلين إلى القاهرة، حيث تعتقل
السلطات المصرية آلاف المعتقلين في سجونها بتهم سياسية.
وحذّرت
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا من "أي تعاون من قبل الحكومة
السودانية بتسليم معارضين لمصر يشكل انتهاكا جسيما لمبادئ القانون الدولي، إذ إنه
يعرض حياة أولئك المعتقلين للخطر".
ودعت
منظمة نجدة لحقوق الإنسان السودان إلى عدم تسليم المعارضين المصريين، قائلة:
"لا ُتسلموهم للقتل، لا تشاركوا في جرائم ضد الإنسانية"، مؤكدة أن
"تسليمهم لمصر جريمة دولية".
وبحسب
ما نشرته وسائل إعلام وجهات حقوقية، من بين المعتقلين المصريين بالسودان: فوزي أبو
الفتح الفقي (60 عاما)، ونجله "محمد" (25 عاما)، وطه عبدالسلام المجيعص (48
عاما)، وسعيد عبد العزيز (55 عاما)، وأحمد حفني عبدالحكيم (33 عاما).
ومنذ
انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وعقب تصاعد الانتهاكات وازدياد وتيرة العنف ضد
المصريين وخاصة المعارضين السياسيين، اضطر آلاف المعارضين إلى مغادرة مصر لتفادي
الضربات الأمنية التي يتعرضون لها، وطلبوا اللجوء إلى دول كثيرة، وحاولوا الانخراط
في مجتمعات خارجية بحثا عن العمل والأمان ومحاولة التعايش هناك.
وسعى
النظام المصري لملاحقة المعارضين له في الخارج، وحاول بشتى الطرق التضييق عليهم
وعلى تحركاتهم، وخاصة عبر قوائم الإنتربول أو عبر الاتفاقيات الأمنية الثنائية
المُوقعة بين مصر والدول الأخرى، وهو الأمر الذي كان نتيجته ترحيل عشرات – إن لم
يكن مئات- المعارضين في الخارج إلى القاهرة سواء كان ذلك بشكل معلن أو غير معلن.
يُشار
إلى أن المادة 3 من اتفاقية مُناهضة التعذيب تنص على أنه "لا يجوز لأي دولة
طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها
أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. وتراعي السلطات
المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما
في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو
الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية". كما جاء هذا المعنى نفسه وحظر
الترحيل في المادة 33 من اتفاقية اللجوء 1951.
قراءة في إحصائيات وأرقام مصر الرسمية حول جائحة كورونا
ردود فعل غاضبة من إغلاق السودان منظمة الدعوة الإسلامية
منظمات تدعو لتغليب المصلحة الإنسانية في أزمة كورونا بمصر