مدونات

ثقة بالله!

سيد صابر
استغربت كثيرا في أثناء نزولي لشراء احتياجات البيت لهذا الكم الهائل من الناس الذين يعمرون الشوارع والأسواق. شباب ينظمون دورة رمضانية ويلعبون الكرة تحت عمارتنا. هذا الرجل الذي يشرب من كولدير بعد الإفطار ويمد بوزه في حنفية الكولدير وعندما نهرته صارخا؛ شوف بيانات وزارة الصحة وعدد المصابين كل يوم.. نظر إليّ ساخرا: كل صحة وانت طيب ياعم كبر دماغك!!

أزمة ثقة حادة بين المواطن والنظام.. بين المواطن وشخص وزيرة الصحة.. في المجمل هناك بقعة مظلمة في عقل كل مواطن مصري تجاه كل بيانات السلطة.. ليست تلك السلطة أو الحكومة فقط، بل إنها تمتد إلى عشرات السنين الماضية. النحاس باشا عام 1936 من أجل مصر وقع معاهدة 1936 ومن أجل مصر ألغى معاهدة 193 عام 1951، فضلا عن حادثة 4 شباط/ فبراير 1942 عندما فرض السفير الإنجليزي النحاس باشا رئيس وزراء عنوة وغشومية على الملك فاروق. عندما قلنا إننا حررنا فلسطين في 1948 و"سنطرد اليهود"، والجيش المصري ينتشر في فلسطين.. وبعدها كانت النكبة.

عندما صنعنا الظافر والقاهر.. لما كنا بنوقع كل يوم خمسين طيارة.. لما "رمينا اليهود في البحر" وفقنا على نكسة وكارثة.

وعبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة وحطمنا خط بارليف في ست ساعات.. الثغرة ممكن أصفيها في 24 ساعة، وفي نفس لحظات خطابه كان شارون ينقل قواته من الغرب للشرق ويتمركز على بعد 100 كيلو من القاهرة، بعد قطع إمدادات الجيشين الثاني والثالث.

البنية التحية التي صنعها مبارك ستغطي مصر لمئة عام قادمة، وستقود قاطرة التنمية.. طلعت البنية التحية ديه سبوبة كل حاكم لمصر والكفن مالوش جيوب، وبعد يناير لا نستطيع حصر أمواله وأموال أولاده وأموال حاشيته بسبب نظام السرقة الدولي المسمى بالأوف شور.

مشروع النهضة قاطرة تنمية، وبعدها نكتشف أن مشروع النهضة لم يكن سوى فكرة في عقل خيرت الشاطر. محمد الجندي مات في حادث سيارة، هذا ما كان يردده وزير عدل الرئيس مرسي، المستشار مكي، ذلك الرجل الذي كنا نقدره قبل يناير، لتظهر الحقيقة جلية واضحة، وهي أن المرحوم الجندي عُذب حتى الموت في عهد الصوّام القوّام، فضلا عن إعلانهم أن الصوّام القوّام يحمل ملفا يثبت فيه أن حضرة الكونستابل هو المسؤول عن عمليات القتل التي حدثت في محمد محمود وماسبيرو.. يعني كان معاكم الدليل وعملتوه وزير دفاع وراجل زي الدهب.. ناس طيبين أوووي يا خال..

قبضنا على قائد الأسطول السادس الأمريكي.. هناخد الفيروس صوباع كفتة وأرجعه تاني لجسم المريض يتغذى عليه.. وجدنا تحت منصة رابعة قاعدة صواريخ ومفاعلا نوويا بينتج أسلحة نووية وكتيبة غواصات وعشر دبابات، وأي حد معارض لرابعة بياخدوه ويغنوا له حسرة عليها يا حسرة عليها وبيقتلوه ويدفنوه تحت منصة رابعة.. وساعات بيصدروا ميتين يدفنوهم تحت منصة النهضة.. آه أومال إيه.. وسعر الصرف وتحرير الجنيه وقروض صندوق النكد الدولي.. كل ذلك لن يؤثر على المصري البسيط ولن نرفع الأسعار.

هذا هو الهراء الذي غذي عليه العقل المصري طوال 90 عاما، وبعد ده كله تطلع وزيرة الصحة لتقول إن حامل الفيروس الذي لا تظهر عليه الأعراض لا يُعدي غيره. وقد كان تصريحها هذا في أول الأزمة، مما ساعد على زيادة الحالات، فضلا عن زيارتها المتتالية (حمالة الحطب) إلى الدول الأخرى بالأدوات والمعدات الطبية في وقت يعاني الطبيب والمريض المصري.. وهنفتح تدريجي تدريجي وزي ماتيجي تيجي.

طب انتم عاوزين الناس تصدقكم إزاي وإعلامكم يعتمد على أحمد موسى الذي يقدم فيديو جيمز على أنها ضربات روسية في سوريا، ولا عمرو أديب الذي أحضر شبابا عربا تم خطفهم من الفنادق ليقول إنهم يقودون مظاهرات في التحرير، وبعد يومين نجد الشباب في بلادهم دون أي اتهام وأنهم أبرياء؟

قد تكون رسالة النظام نبيلة وتهدف للحفاظ على الأرواح، ولكن طبعا المشكلة في حامل الرسالة!