شجاعة واستثنائية، تقاطعت أعمالها مع تاريخ مصر والمنطقة العربية وانعكست بشغف في مجمل أعمالها الإبداعية والأكاديمية.
قاصة وروائية وناقدة أدبية وأستاذة جامعية مصرية، زوجة الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، ووالدة الشاعر تميم البرغوثي.
تشتت أسرتها على نحو مبكر بعد منع الحكومة المصرية إبان حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، زوجها مريد من الإقامة في مصر عام 1979.
ولدت رضوى عاشور في القاهرة، في 25 أيار/ مايو عام 1946 لأسرة علمية وأدبية عريقة. والدها مصطفى عاشور محام وله باع في الأدب. والدتها، مي عزام، شاعرة وفنانة. وأشارت رضوى في كتاباتها كيف أنها ترعرعت على تلاوة النصوص الشعرية للأدب العربي من قبل جدها عبد الوهاب عزام، وهو دبلوماسي وأستاذ للدراسات والآداب الشرقية في جامعة القاهرة، وهو أول من ترجم كتاب "شاه ناما" الفارسي تحت عنوان "الملوك " إلى اللغة العربية، فضلا عن كلاسيكيات شرقية أخرى.
وهناك معلومات مغلوطة على الأنترنت تقول إن والدتها هي الناقدة والروائية لطيفة الزيات، والواقع أن الزيات هي أستاذتها وصديقتها، كما هو الحال مع الإعلامية عواطف عبد الرحمن.
درست رضوى اللغة الإنجليزية في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وبعد حصولها على شهادة الماجستير في الأدب المقارن، من نفس الجامعة، انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث نالت شهادة الدكتوراه من جامعة "ماساتشوستس"، بأطروحة حول الأدب الإفريقي الأمريكي.
بدأت نشر أعمالها الأكاديمية عام 1977 تحت عنوان "مع فريال غزول وآخرين" وهو مرجع مؤلف من أربعة مجلدات حول الكاتبات العربيات. ومن المعروف أن "غزول" هي باحثة وناقدة ومترجمة عراقية شهيرة.
وفي نفس العام قدمت أول أعمالها النقدية وحمل عنوان "الطريق إلى الخيمة الأخرى" حول التجربة الأدبية للروائي والقاص الفلسطيني غسان كنفاني. وفي عام 1978، صدر لها بالإنجليزية كتاب "جبران وبليك" وهي الدراسة نقدية كانت أطروحتها لنيل شهادة الماجستير عام 1972.
شهد عام 1980، صدور آخر عمل نقدي لها، قبل أن تلج مجالي الرواية والقصة، والمعنون بـ" التابع ينهض: الرواية في غرب إفريقيا".
تميزت تجربة رضوى لغاية عام 2001، بأعمالها الإبداعية، القصصية والروائية، وكانت أولها "أيام طالبة مصرية في أمريكا"، 1983، والتي أتبعتها بإصدار ثلاث روايات "حجر دافئ"، "خديجة وسوسن" و"سراج" والمجموعة قصصية "رأيت النخل"، 1989.
ثم جاءت مرحلة إصدار روايتها التاريخية "ثلاثية غرناطة"، 1994، والتي حازت، بفضلها، على عدة جوائز.
و"ثلاثية غرناطة" هي ثلاثية روائية تتكون من روايات: "غرناطة" و"مريمة" و"الرحيل"، وتدور الأحداث في مملكة غرناطة بعد سقوط جميع الممالك الإسلامية في الأندلس، وتبدأ في العام الذي سقطت فيه غرناطة بإعلان المعاهدة التي تنازل بمقتضاها أبو عبد الله محمد الصغير آخر ملوك غرناطة عن ملكه لملكي "قشتالة" و"أراجون" وتنتهي بمخالفة آخر أبطالها الأحياء على قرار ترحيل المسلمين حينما يكتشف أن الموت في الرحيل عن الأندلس وليس في البقاء.
وصدرت عدة طبعات لـ"الثلاثية"، وفي عام 2003 قام ويليام غرانارا أستاذ اللغة العربية بجامعة هارفارد بترجمة الرواية إلى اللغة الإنجليزية وقامت بنشرها دار نشر جامعة "سيراكوز" بنيويورك.
عملت رضوى رئيسا لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب بجامعة عين شمس، وزاولت وظيفة التدريس الجامعي والإشراف على الأبحاث والرسائل المرتبطة بدرجتي الدكتوراه والماجستير.
وفيما بعد ستعود رضوى إلى مجال النقد الأدبي، حيث أصدرت مجموعة من الأعمال تتناول مجال النقد التطبيقي، وساهمت في موسوعة "الكاتبة العربية"، 2004، وأشرفت على ترجمة الجزء التاسع من "موسوعة كامبريدج في النقد الأدبي"، 2005.
ثم ما لبثت أن عادت إلى الأعمال الروائية فنشرت بين عامي 1999 و2012 أربع روايات ومجموعة قصصية واحدة وهي، رواية "أطياف"، 1999، و"تقارير السيدة راء" نصوص قصصية، 2001، ورواية "قطعة من أوروبا"، 2003، ورواية "فرج" 2008 التي تتناول تجربة الاعتقال السياسي لثلاثة أجيال من عائلة واحدة.
وختمتها بأهم رواياتها الشهيرة "الطنطورية"، 2011 التي تتناول أكثر من نصف قرن من التاريخ الفلسطيني وأحداث رافقت رحلة اللجوء الفلسطيني واحتلال فلسطين. و"الطنطورة" قرية تقع على الساحل الفلسطيني جنوب حيفا، وقعت فيها مجزرة بشعة على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
وفي مجال السيرة الذاتية صدر لها "الرحلة: أيام طالبة مصرية في أمريكا" و"أثقل من رضوى: مقاطع من سيرة ذاتية"، 2013 ، "الصرخة: مقاطع من سيرة ذاتية"، 2015.
حصلت رضوى عاشور خلال مسيرتها على عديد الجوائز الأدبية والثقافية.
وكان النشاط السياسي جزءا لا يتجزأ من مسيرتها الأكاديمية والإبداعية فعندما سعى السادات للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ساهمت عاشور في إنشاء "اللجنة الوطنية لمكافحة الصهيونية في الجامعات المصرية". وعندما تدخلت حكومة حسني مبارك في الحياة الأكاديمية، ساعدت في إيجاد "مجموعة 9 مارس المطالبة باستقلال الجامعات". وأيضا عبر "لجنة الدفاع عن الثقافة القومية".
في الجانب المتعلق بحياتها الشخصية فقد التقت بزوجها الشاعر والأديب مريد البرغوثي عندما كانا طالبين في جامعة القاهرة، وتزوجا عام 1970 وأنجبا أبنهما الوحيد الشاعر تميم عام 1977، وهو نفسنفس العام الذي رحل فيه البرغوثي، مع العديد من الفلسطينيين الآخرين، من مصر في الفترة التي سبقت زيارة السادات إلى القدس.
لم يتمكن مريد من العودة إلى مصر إلا بعد 17 عاما، مما أجبر الأسرة على تباعد أفرادها. وعمل في نهاية المطاف في الإدارة الإعلامية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بودابست عاصمة المجر(هنغاريا ) حيث كان يزور زوجته وابنه تميم كل عطلة صيفية.
كتبت رضوى في مذاكراتها عن مريد: "غريب أن أبقى محتفظة بنفس النظرة إلى شخص ما طوال ثلاثين عاما، أن يمضي الزمن وتمر السنوات وتتبدل المشاهد وتبقى صورته كما قرت في نفسي في لقاءاتنا الأولى"، وأصدرت عام 2008، ترجمة إلى الإنجليزية لمختارات شعرية لمريد البرغوثي بعنوان "منتصف الليل وقصائد أخرى".
بعد أن عانت من مرض السرطان توفيت رضوى عاشور عن عمر 68 عاما في 30 تشرين الثاني / نوفمبر عام 2014، تاركه خلفها الكثير من الأعمال الأدبية والنقدية والمقالات والمحاضرات التي أثرت المكتبة العربية.
وفي مناسبة ذكراها السنوية نشر زوجها البرغوثي بمساعدة نجله تميم جمع مقالات الراحلة في الأدب والنقد والسياسة والتعليم، في كتاب حمل عنوان "لكل المقهورين أجنحة. الأستاذة تتكلم"، عام 2019 وضم مجموعة من المقالات بعضها ينشر للمرة الأولى في الأدب والتجربة الشخصية والنقد والسياسة والتعليم.
في دحض الرواية الصهيونية عن فلسطين.. محمد غوشة نموذجا
معركة القدس وسقوط الحي اليهودي.. بطولة أردنية-عربية
السكاكيني والرفاعي.. وجهان ثقافيان لـ"النكبة " و"النكسة"