اعتقلت قوات الأمن الأردنية عددا من المعلمين في العاصمة عمان بعد أن داهمت اعتصاما دعت له نقابة المعلمين، احتجاجا على حملة الاعتقالات التي طالت مجلس النقابة وإغلاق مقراتها لمدة عامين.
وكانت مصادر في نقابة المعلمين الأردنيين، قد قالت إن أعدادا كبيرة من المعلمين، وصلت إلى العاصمة الأردنية عمان، للمشاركة في الاعتصام بمنطقة "الدوار الرابع"، المقابل لمقر الحكومة الأردنية، احتجاجا على حملة الاعتقالات التي طالبت مجلس النقابة وإغلاق مقراتها لمدة عامين.
وحسب ما وثقت "عربي21"، قامت قوات الأمن برصد تجمعات المعتصمين، ونفذت عمليات اعتقال متفرقة قبل البدء بالاعتصام، وسط تشديد أمني، وحذر رجال الأمن الصحفيين المتواجدين بالمكان من التصوير.
وحاول معلمون الوصول الى الدوار
الرابع سيرا على الأقدام من مناطق مختلفة، إلا أن الأجهزة الأمنية اعتقلت بعضهم، ومنعت قوات الأمن أي شخص من التجمع بالقرب من رئاسة الوزراء.
واستطاع المعلمون التجمهر في أماكن مختلفة بمحيط الدوار الرابع، والدوار الخامس، والدوار الثالث، هاتفين "الموت ولا المذلة، يا للعار يا للعار باعوا الأردن بالدولار.. نقابتنا مهنية لا لجنة حكومية.. عاش المعلم".
وأظهرت صور ومقاطع مصورة تواجدا مكثفا لقوات الأمن في محيط الاعتصام، واعتراض قوات الأمن لطريق المشاركين فيه، واعتقالها عددا من المعلمين، والاعتداء عليهم بالهروات، محاولة منهم لفض الاعتصام.
وذكرت مصادر محلية إنه جرى اعتقال نحو 15 معلما شاركوا في الاعتصام بين الدوار الرابع والخامس، وجرى اقتيادهم إلى مركز أمن الشيمساني، وسط منع للمحامين من الدخول للمركز الأمني لتمثيل المعلمين.
وهتف المشاركون في الاعتصام "يا معلم يا مغوار بدنا نسقط هالقرار"، في إشارة إلى قرار إغلاق مقرات نقابة المعلمين.
وتعليقا على القمع الأمني، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تصريح نشره على "تويتر" "ننظر بقلق بالغ سلوك الأمن الأردني في التعامل مع تظاهرة احتجاجية للمعلمين في العاصمة عمان".
وأكد أنه تم رصد "إغلاق بعض الطرق، ومنع المتظاهرين من الوصول إلى أماكن التظاهر، واحتجاز عدد منهم، في انتهاك خطير للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي".
وقال عضو في الهيئة المركزية للنقابة، في تصريح
لـ"عربي21"، مفضلا عدم ذكره اسمه، بسبب الاعتقالات الجارية، إن المعلمين
بدأوا منذ ساعات صباح اليوم، بالتحرك صوب العاصمة، من كافة المحافظات، ووصلت أعداد
كبيرة، إلى محيط الدوار الرابع بالفعل.
وأوضح عضو في الهيئة المركزية للنقابة، أن المعلمين الذين
خرجوا من المحافظات اعترضتهم نقاط أمنية على الطرق الخارجية، التي أقيمت اليوم،
لكن لم تسجل حالات منع من مواصلة الطريق، واقتصر الأمر على التحقق من الهويات
الشخصية، والسماح بالمواصلة بعد تأخير طفيف.
لكنه لفت في الوقت ذاته إلى أن بعض قيادات
النقابة، ممن تستهدفهم الحكومة، تم توقيعهم على تعهدات بعدم المشاركة في الفعالية
المقررة أمام الدوار الرابع.
بدوره قال أحد أعضاء النقابة مفضلا عدم ذكر
اسمه، لـ"عربي21"، إن كافة الطرق منذ صباح اليوم، باتجاه منطقة الدوار
الرابع "سالكة"، مؤكدا توافد الكثير من المعلمين على المكان، استعدادا
للاعتصام الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي.
يأتي هذا على الرغم من التحذير الذي أطلقه
وزير الداخلية سلامة حماد، من أن الحكومة والأجهزة الأمنية، "لن تتهاون، في
تطبيق التعليمات الصادرة بموجب قانون الدفاع، وستكون صارمة بحق المخالفين"
مشيرا إلى منع تجمع أكثر من 20 شخصا، بذريعة منع تفشي فيروس كورونا.
وأشار في مؤتمر صحفي قبل يومين إلى أنه طبقا
"لأمر الدفاع رقم 3، الذي حدد كافة الإجراءات والعقوبات التي يجب أن تتخذ
فإننا سنعمل على تطبيق بنوده بمختلف مناطق المملكة"، بعد إعلان المعلمين عن
نيتهم الاعتصام رفضا للإجراءات المتخذة ضد نقابتهم.
اقرأ أيضا: معلمو الأردن يحشدون لاعتصام.. ومطالب باللجوء للدستور
هذا بالإضافة إلى كتاب مرسل من وزير التربية
والتعليم تيسير النعيمي، حذر فيه معلمي الوزارة، من المشاركة في أي اعتصامات أو
إضرابات، تحت طائلة المساءلة الوظيفية.
وكانت شخصيات أردنية،
وأحزاب سياسية، أعلنت تأييدها للمشاركة في الاعتصام الذي ينوي معلمون تنفيذه أمام مقر
الحكومة اليوم الأربعاء.
واعتبرت شخصيات وأحزاب
في بيان لها، أن "قرار النيابة العامة الأخير بخصوص النقابة شكل صدمة عنيفة
للشعب الأردني، الذي يعتبر هذا الإجراء اعتداءً صارخا على الحريات العامة ومنافيا
للقوانين والمبادئ الدستورية، ويعتبر عقابيا وليس من اختصاص النيابة العامة،
ويتناقض مع المصالح الوطنية الأردنية".
ووجهت جماعة الإخوان
المسلمين بالأردن، الثلاثاء، نداء إلى عاهل البلاد، الملك عبد الله الثاني، للتدخل
بحل أزمة المعلمين.
جاء ذلك في تصريح مصور
لمراقب عام الجماعة، عبد الحميد الذنيبات، بثته الحركة الإسلامية عبر حسابها
الرسمي بموقع فيسبوك.
وطالب المراقب العام
للجماعة بمبادرة عاجلة للإفراج عن أعضاء نقابة المعلمين الموقوفين، والعودة عن
الإجراءات المتعلقة بحل النقابة، ووقف التصعيد بكل أشكاله من كل الأطراف.
وأوضح أن
"المطلوب معالجة حكيمة وعاقلة وعاجلة، تخرجنا من أجواء الأزمة، وتقطع الطريق
على مزيد من التوتر والتأزيم الذي لا يخدم سوى مصالح خصوم الأردن، الذين يتربصون
به الدوائر، ويتصيدون له العثرات".
ومضى قائلا:
"أتوجه بالنداء لجلالة الملك حفظه الله (عاهل البلاد)، للتدخل واحتواء الأزمة
لصالح موقف وطني موحد، يعزز قوة الوطن ووحدة أبنائه، ويجنبنا مزيدا من النحت في
صورته الجميلة الموسومة بروح التسامح والتسامي على التنازع والفرقة والخصام".
وقال: "الجماعة
تضع كل إمكاناتها لإسناد أي جهد رسمي أو شعبي يستهدف تفكيك الأزمة، ويجنب التوتر
والصدام، لا قدر الله، ويؤسس لبدء حوار هادئ ومنتج، ينهي الأزمة ويعيد الأمور إلى
نصابها".
تجدر الإشارة إلى أن اتفاقا وقع بين وزارة التربية والتعليم، ونقابة المعلمين، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد إضراب المعلمين عن التدريس في المدارس الحكومية (استمر 4 أسابيع في عام 2019) تضمن صرف علاوات للمعلمين مطلع 2020، إلا أن الحكومة الأردنية أوقفت صرف تلك العلاوات بسبب الأوضاع الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا.
وقررت النيابة العامة الأردنية إغلاق مقرات نقابة المعلمين، واعتقال أعضاء مجلسها المكون من ثلاثة عشر عضوا، وإيقافهم عن العمل، وإحالتهم إلى مدعي عام عمان، وتوقيفهم لمدة أسبوع في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، وإغلاق مقرات النقابة لمدة سنتي.
وشكل وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي لجنة مؤقتة لإدارة شؤون نقابة المعلمين إداريا وماليا برئاسة الأمين العام للشؤون التعليمية نواف العجارمة، عملا بتنفيذ قرار النيابة العامة المتضمن كف يد أعضاء مجلس النقابة ووقفها ووقف هيئاتها لمدة عامين.
قانون الدفاع الأردني.. هل أصبح أداة للتضييق على الحريات؟
مجلس نقابة معلمي الأردن خلف القضبان.. التوقيت والدلالات
ماذا وراء اعتقالات الرأي الأخيرة في الأردن؟