تحدث خبير إسرائيلي بارز، عن الوجهة التي سيسلكها حزب الله اللبناني عقب تلاشي آثار الانفجار الدموي المدمر الذي ضرب مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي، مؤكدا وجود دلائل تشير لتغيير في استراتيجية الحزب.
وأوضح يوسي ميلمان، المعلق الإسرائيلي الخبير بالشؤون الأمنية والاستخباراتية، في تقرير له بصحيفة "هآرتس"، أن "موجات الصدمة الناتجة عن انفجار بيروت، ستستمر في أن تدوي في آذان حزب الله ولبنان لفترة طويلة قادمة، وسيزداد الضغط على الحزب من قبل معارضيه".
ونوه أن "نداءات تجريد الحزب من سلاحه، إضافة لمناخ الصدمة الذي يسود في لبنان، ستخفف من رغبة التنظيم في القيام باستفزاز إسرائيل وتحديها، ولكن من المشكوك فيه إذا كانت نتائج الانفجار ستغير بصورة أساسية واقع التنظيم وجوهره".
ورأى ميلمان، أن "محاولات الاختراق الأخيرة على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا، تشير إلى أنها لم تكن نزوة عارضة أو رغبة لحزب الله فقط، أو أن مبعوث شيعي آخر لإيران قام بفعل ذلك من أجل الانتقام من هجوم للجيش الإسرائيلي في سوريا، بل هناك دلائل تشير إلى تغيير في إستراتيجية حزب الله، الذي يشعر بأنه أصبح متحررا من عبء تدخله في سوريا ويسعى لتجديد الاحتكاك مع إسرائيل".
ومع ذلك، "في الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، يواصلون التمسك بالتقدير الذي يقول؛ أن ما كان هو ما سيكون؛ أي أن إسرائيل ستستمر في مهاجمة أهداف إيرانية في سوريا، وستعمل على تشويش وإحباط عمليات نقل الأجزاء المساعدة لتحسين دقة صواريخ حزب الله المخبأة في البيوت والأقبية تحت الأرض؛ والتي توجد لإسرائيل معلومات عن الكثير منها"، بحسب زعم الخبير الأمني.
أخطاء تكتيكية
ونبه أن حرب لبنان الثانية، "من الواضح أنها كشفت ضعف الجبهة الداخلية الإسرائيلية وأخطاء تكتيكية في الإدارة العسكرية للمعركة، ولكن بنظرة استراتيجية من الواضح أن نتائجها كانت من أفضل النتائج التي عرفتها إسرائيل"، معتبرا أن "الإنجاز الأكبر لحرب 2006؛ أنه منذ ذلك الحين تم الحفاظ على الهدوء، مع استثناء أحداث قليلة من تبادل إطلاق النار وإطلاق القذائف".
ولفت إلى أن "فور انتهاء الحرب، سارع الطرفان؛ إسرائيل وحزب الله، إلى خرق أجزاء من الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل 14 عاما، وبمساعدة إيران، بدأ حزب الله بالتزود بقذائف جديدة ومتطورة وذات مدى أبعد، وإسرائيل استمرت في التحليق في سماء لبنان".
وذكر أنه "حتى 2013، بعد سنتين على اندلاع الحرب في سوريا، سلمت إسرائيل بتسلح إيران لحزب الله، ولكنها بعد ذلك استغلت الفوضى، وسلاح الجو بمساعدة معلومات دقيقة بدأ بقصف قافلات السلاح من إيران لحزب الله، وبعد ذلك جاءت جهود قائد قوة القدس، الجنرال قاسم سليماني، لتأسيس قاعدة استخبارية وصواريخ، ونشر قوات قرب الحدود في هضبة الجولان".
وتابع: "إسرائيل من ناحيتها زادت جهودها لإحباط وتشويش حلم سليماني، واستعانت لذلك بتفاهمات وغض نظر روسيين"، زاعما أنه "تحت ضغط إسرائيلي وهزيمة داعش، وكورونا والأزمة الاقتصادية واغتيال سليماني في عملية أمريكية، قلصت إيران تواجدها في سوريا".
خطوات مهمة
ولفت إلى أنه "في لحظة الضعف، تولد الانطباع لدى نصر الله أنه قوي، يسيطر على لبنان منذ 28 سنة، وبعد موت سليماني وعماد مغنية تحول لشخصية مهيمنة، شخصية حصرية تشكل السياسة فيما يتعلق بالعلاقة بين إيران - سوريا - إسرائيل وحزب الله".
وقال: "صحيح أن لبنان غارق في أزمة عميقة، لكن نصر الله يعرف أن إسرائيل أيضا توجد في أزمة اقتصادية، وهو يشتم رائحة الضعف السياسي لحكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، ويبدو أن وجهة حزبه عندما سيذوي تأثير الانفجار الدموي في ميناء بيروت، هي تجديد العمليات والاحتكاك مع اسرائيل، سواء على الحدود اللبنانية أو السورية".
وذكر ملمان، أن "الردود التصالحية لإسرائيل تحديدا، هي التي تعزز إرادة حزب الله، وبصورة غير معتادة سارعت إسرائيل لنفي أي تورط لها في الكارثة، وهي خطوة تدل على أن رغبتها ليست التصعيد، وهي تخشى من أن يتهمها حزب الله بالمسؤولية، وأن يحاول استغلال الحادثة للقيام برد انتقامي مثل إطلاق صاروخ على موقع كيميائي في ميناء حيفا".
وأفاد أن "المناورات المخادعة والتلميحات من جانب الجيش الإسرائيلي؛ تقليل عدد المواقع، تمثيل عملية إخلاء لجنود مصابين والامتناع عن ضرب مقاتلي حزب الله؛ هي خطوات مهمة في الحرب النفسية، لكنها تعكس الضعف وتعرض الجيش الإسرائيلي مثل جيش يخاف ويتملص من المواجهة".
وختم الخبير بالشؤون الأمنية والاستخباراتية مقاله: "هناك ميزان متبادل للردع ولا أحد يريد الحرب، ولكن تزداد احتمالية أن يتجرأ حزب الله أكثر، وأن يُسمح له بالتحدي ومحاولة إنهاك إسرائيل، عندما تتلاشى صدمة الانفجار في بيروت".
اقرأ أيضا: صحف: انفجار بيروت كشف عن عجز القيادة اللبنانية والفساد
صحف عبرية: انفجار بيروت.. إهمال أم عمل مقصود؟
خبير إسرائيلي يربط بين تفجير بيروت وزيادة ردع حزب الله
توقع إسرائيلي بتجنب حزب الله "الانتقام".. بعد انفجار بيروت