منذ وقوع الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت ثارت التساؤلات عن سبب الانفجار، وعن الجهات المستفيدة منه، بانتظار نتائج التحقيقات الرسمية.
وطرحت بعض النظريات أو التوقعات عند بداية الانفجار حول إمكانية أن يكون التفجير قد حصل في مخازن أسلحة تابعة لحزب الله، وأن يكون مفتعلا من قبل جهات تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي، ولكن هذه النظريات تراجعت مع التصريحات الرسمية اللبنانية التي أكدت أن الانفجار حصل في مخزن يحتوي على مادة نترات الأمونيوم دخلت إلى لبنان "عن طريق الخطأ!".
وعلى الرغم من عدم توجيه أي اتهام رسمي لبناني أو من قبل حزب الله للاحتلال بالمسؤولية عن الحادث، إلا أن تل أبيب سارعت بنفي أي علاقة بينها وبين الانفجار، وعرضت تقديم مساعدات للبنان عبر دول وسيطة.
تساؤلات حول دور إسرائيلي
وطرح خبير في الشؤون العسكرية عدة تساؤلات حول الانفجار، وحول إمكانية أن يكون للاحتلال دور فيه، بناء على تجارب سابقة لعمليات خارجية نفذها جهاز الموساد في أكثر من بلد.
وقال الخبير الذي طلب عدم نشر هويته، إن الرواية التي نشرت عن طريقة دخول مادة نترات الأمونيوم إلى لبنان وتخزينها في مرفأ بيروت لسنوات طويلة مثيرة للجدل.
وكشفت وسائل إعلام لبنانية ومواقع عالمية أن الشحنة وصلت على متن سفينة تحمل علم مولدافيا قالت إنها في طريقها إلى موزمبيق، ولكنها توقفت في بيروت بسبب "عطل فني"، حيث سيطرت أجهزة أمن لبنانية على الحمولة، وتم تخزينها في الميناء، وإلقاء القبض على طاقم السفينة.
ويتساءل الخبير اللبناني في حديث لـ"عربي21" عن سر الإفراج عن طاقم السفينة بعد فترة من احتجازه، "والأهم عن سر تخلي مالكي السفينة عنها لاحقا وعدم مطالبتهم باستعادة حمولتها"، وهو الأمر الذي يثير الشبهات حول حقيقة هذا السفينة وجهة إرسال المواد التي تحملها.
وأضاف الخبير اللبناني أن الموساد الإسرائيلي يعد لعملياته الخارجية لمدة طويلة، وأنه يستمر بالعمل في مسرح العمليات أحيانا لمدة سنوات، متسائلا عن إمكانية أن يكون هناك دور للموساد في نقل الشحنة لبيروت، للإعداد لاستخدامها في عملية طويلة الأمد".
اقرأ أيضا: هذه أبرز النظريات حول أسباب كارثة "تشيرنوبل اللبنانية" ببيروت
وكانت أجهزة الأمن اللبنانية قد كشفت خلال السنوات الماضية عدة شبكات من العملاء الذين يعملون لصالح الموساد، وهو ما يشير إلى وجود شبكات أخرى لم يكشف عنها سابقا.
من جهته، قال العميد الركن أحمد تمساح في تصريحات لـ"عربي21" إن "هذه مواد مخزنة من عام 2016.. والاهمال مرادف للجريمة، وهناك من يقول أنها صودرت من سفينة أجنبية واحتفظ بها في المرفأ، وهذا هو الخطأ الأول في تخزين مواد يسهل تفجيرها".
وأضاف تمساح أن "هذه المواد لا يمكن أن تنفجر إلا أن يكون لها محفز يفجرها، هناك قضايا غامضة، هناك تقارير تقول إنه كان إلى جانب هذه المواد المخزنة نترات الأمونيوم في مستودع آخر وهي سبب الفرقعات التي حدثت قبل الانفجار الكبير. وهو ما سرع في انفجار نترات الأمونيوم الذي يستعمل في تصنيع العتاد الحربي".
وردا على التساؤلات عن إمكانية وجود دور إسرائيلي في الانفجار ووصول المتفجرات لمرفأ لبنان، قال العميد أمين إحطيط لـ"عربي21"، إن المعلومات الرسمية تقول أن هذه الشحنات كانت في طريقها إلى موزمبيق وعندما وصلت إلى مرفأ بيروت حصل عطل في الباخرة التي كانت بصدد إصلاح الأعطال ونقل بعض المعدات الإضافية، لكن ضبط البضاعة أدى إلى توقيفها واختفاء الشركة الناقلة.
وأضاف إحطيط إن "العمل المخابراتي يبقى أحد العوامل الحاضرة في الذهن لأننا في منطقة مهتزة، لكن طالما لا يوجد دليل حسي ومعطيات أكيدة لا نستطيع عمل بروباغندا على أمور لا نستطيع إثباتها".
تغريدة أفيخاي أدرعي
مع وقوع الحادث الأليم تناقلت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تغريدة قديمة للناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، حرض فيها على مرفأ بيروت وعلى المعابر الدولية بين سوريا ولبنان ومطار بيروت الدولي، زاعما أنها تستخدم لنقل الأسلحة من إيران إلى حزب الله، وهو ما أثار التساؤلات حول دور إسرائيلي في الحادث، بحسب مراقبين.
حرائق إيران وانفجار بيروت
شهدت إيران خلال الأسام والأسابيع الماضية عدة حرائق وصفتها وسائل إعلام عالمية بأنها "غامضة". وتعرضت مناطق صناعية ومحطات كهرباء وميناء بوشهر ومنشأة نطنز النووية لحرائق لم تحدد أسبابها حتى الآن، فيما هددت طهران برد قوي في حال ثبت وجود أيادي خارجية مسؤولة عن هذه الحوادث المتتالية.
وقال الخبير اللبناني في الشؤون العسكرية، لـ"عربي21"، الذي فضل عدم نشر اسمه، إن تزامن الحوادث في إيران مع انفجار بيروت يفتح الباب أمام "تساؤلات مشروعة"، حول الترابط بينها.
ونوه إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتبعان سياسة طويلة النفس للضغط على إيران ومعاقبتها، مضيفا: "ألا يمكن أن تكون هذه الحوادث جميعها مخططا أمريكيا إسرائيليا في إطار إضعاف إيران وحلفائها في لبنان، وعلى رأسهم حزب الله الذي يعتبر مسؤولا بشكل غير مباشر وغير رسمي عن جميع المعابر الدولية في لبنان؟".
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي يربط بين تفجير بيروت وزيادة ردع حزب الله
ترامب واحتمال وجود عمل مدبر
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال، الأربعاء، إن خبراء عسكريين أبلغوه أنهم يعتقدون أن انفجار بيروت ناتج عن هجوم بقنبلة.
ولكن البنتاغون نفى صحة هذه التصريحات سريعا، فيما تراجع ترامب بعد ساعات عن تصريحاته، وأشار إلى أن الغموض لا يزال يحيط بسبب الانفجار.
وعلى الرغم من أن ترامب معروف بتصريحاته غير الدقيقة، إلا أن إعلانه عن وجود قنبلة تسببت بالانفجار، يثير التساؤلات حول حقيقة المعلومات التي تملكها واشنطن، وعن سبب التخبط في التصريحات حول الانفجار.
لماذا لم يتهم حزب الله إسرائيل؟
اعتاد حزب الله والإعلام المقرب منه على توجيه الاتهام مباشرة للموساد حين وقوع أي حادث أمني في لبنان، ولكنه لم يوجه أي اتهام هذه المرة لإسرائيل بالمسؤولية عن انفجار لبنان، لا رسميا ولا عبر وسائل الإعلام التابعة له.
وقال الخبير اللبناني الذي تحدث لـ"عربي21" إن حجم الانفجار وخطورته ربما منعت حزب الله من توجيه الاتهام للموساد، قبل صدور نتائج التحقيقات الرسمية، ولكنه استدرك بالقول "إن لحزب الله مصلحة في عدم اتهام إسرائيل، لأن مثل هذا الاتهام سيسبب أزمة سياسية كبيرة له، حيث سيحمل المسؤولية من قبل خصومه من الفرقاء اللبنانيين عن الحادث بسبب مسؤوليته عن أمن المعابر الدولية ومن ضمنها مرفأ بيروت، كما أن مثل هذا الاتهام يستدعي ردا من الحزب وهو ما لا تسمح به الظروف السياسية والاقتصادية حاليا، بسبب حالة الضعف التي تعيشها إيران وحلفاؤها في لبنان"، بحسب قوله.
من جهته، قال العميد الركن أحمد تمساح إنه "لا يمكن توجيه أي اتهامات أو استنتاجات قبل أن يصدر تحقيق أولي، حتى اللحظة لم يصدر أي تحقيق أولي بهذا الصدد".
وأضاف:"لدينا سلطة غير واعية، وأول تصريحات خرجت كانت متضاربة، لم يصدر عن السلطة أي شيء يطمئن الناس، هذه السلطة فاقدة الثقة لدى الشعب، مهما صدر عنها لن يصدقها الشعبي.
نحن نطالب بالتحقيق الدولي لأن الدولة اللبنانية لا يوجد لديها العتاد والأجهزة التقنية والأشخاص المخولين للتحقيق بمثل هذا الانفجار. يفترض أن يكون هناك اختصاصيون يستطيعون سبر أغوار ما حصل، لأن ما حصل كبير جدا".
خبراء عسكريون لـ"عربي21": هذه أبرز فرضيات انفجار بيروت
شكوك بالتحقيق المحلي بانفجار بيروت ومطالب بجعله دوليا
كارثة بيروت تذكّر بمخاطر مشابهة حول العالم.. إحداها باليمن