تتواصل حالة تسخين الأجواء بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي؛ الذي يصعد من عدوانه ضد الشعب الفلسطيني باستهداف متواصل لمواقع المقاومة ومقدراتها المختلفة، ما يدفع للتساؤل: إلى أين يمكن أن تتدحرج الأوضاع في القطاع المحاصر؟
الاحتلال يماطل
وخلال الأيام الماضية، استهدفت الطائرات الحربية ومدفعية الاحتلال العديد من مواقع المقاومة الفلسطينية المنتشرة في القطاع، وهو ما تسبب بأضرار مادية جسيمة في الأماكن المستهدفة، في الوقت الذي يتواصل فيه إطلاق البالونات الحارقة من القطاع، والتي تسببت باندلاع عشرات الحرائق في المستوطنات المحيطة بالقطاع.
وتصعيدا للتوتر، قرر الاحتلال منع إدخال مواد البناء عبر معبر "كرم أبو سالم"، وأيضا منع الوقود وتقليص مساحة الصيد في البحر الأبيض المتوسط؛ من 15 ميلا بحريا إلى 8 أميال، حتى إشعار آخر.
وعن استهداف مواقع المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الماضية، أوضح القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أحمد المدلل، أن "اعتداءات وتهديدات الاحتلال لقطاع غزة لم تتوقف أبدا، وهذا لا يمكن له أن يؤثر في إرادة شعبنا الفلسطيني، كما أنه لا يمكن أن يفني عزيمة المقاومة الفلسطينية التي تراكم على خبراتها القتالية في أي مواجهة مع العدو الصهيوني".
ولفت في تصريح خاص لـ"عربي21"، إلى "وجود حالة من المماطلة من قبل العدو الصهيوني، ولم يعمل على تنفيذ إجراءات كسر الحصار، وبالتالي من حق شعبنا المحاصر في القطاع أن يستخدم كافة أدوات المقاومة الشعبية (البالونات الحارقة) من أجل الضغط على العدو الصهيوني لتنفيذ إجراءات كسر الحصار".
قواعد الاشتباك
وأكد المدلل، أن "من حق المقاومة في القطاع أن ترد على جرائم الاحتلال، وهذا لا يمكن أن يؤثر على حاضنة المقاومة الشعبية، وما يقوم به العدو في الأيام الأخيرة؛ هو تصدير لأزماته الداخلية وحالة الإرباك السياسي التي يعيشها الكيان الصهيوني، في محاولة لخلط الأوراق".
اقرأ أيضا: الاحتلال يقصف أهدافا بغزة ويقرر منع إدخال الوقود (شاهد)
ونبه القيادي، إلى أن القصف المستمر والمتصاعد لمواقع المقاومة في القطاع، "لا يمكن أن يوقف المقاومة"، لافتا أن ما يقوم به الشباب الفلسطيني من إطلاق البالونات باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، هو "تنفيس عن حالة الضغط الذي يعيشه القطاع جراء استمرار هذا الحصار الظالم".
وردا على سؤال "إلى أي حد يمكن أن تصبر المقاومة على العدوان المتصاعد والمستمر للاحتلال؟"، أجاب: "ما يقوم به العدو من اعتداءات مستمرة ترصدها المقاومة، يزيد من فاتورة حسابه، ولا يمكن للمقاومة أن تعطي الفرصة للعدو بأن يغير قواعد الاشتباك".
وأضاف المدلل: "المبادرة دائما في يد المقاومة، وهي التي تحدد عمليات الرد على العدوان الصهيوني المستمر على أهلنا في القطاع".
احتكاك منضبط
وعن رسالة الشعب الفلسطيني التي تحملها البالونات الحارقة التي تنطلق من قطاع غزة، ذكر أنها "تعبير عن الغضب الفلسطيني على استمرار الحصار وتجويع أهلنا في القطاع، وما يقوم به شعبنا حق له، وهو فعل شعبي لن يتوقف"، موضحا أن "على العدو أن يتوقع استمرار الحالة الشعبية الغاضبة الرافضة للحصار، ولا بد له أن ينفذ إجراءات كسر هذا الحصار".
من جانبه، رأى المختص بالشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن "التوتر الحاصل في غلاف غزة؛ هو "توتر اعتيادي، سبق أن حصل، وهو ما زال في إطار الضغط من قبل المقاومة وردة الفعل البسيطة من الاحتلال، لتحقيق مكاسب معينة، وهو ليس في إطار إشعال أزمة والذهاب نحو تصعيد أكبر".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ما يجري هو في إطار الاحتكاك المنضبط، الذي من خلاله يسعى كل طرف لتحقيق مكاسب معينة وتحديدا المقاومة؛ التي تسعى لتحسين الظروف المعيشية لسكان القطاع"، موضحا أن "الأوضاع على المستوى التكتيكي القريب؛ شهر أو شهرين، لا أتصور أن الأحداث ستتطور نحو مواجهة كبيرة".
وأما على المستوى البعيد بحسب المختص، فإن "الأوضاع تتدحرج نحو الحرب، ربما في صيف العام القادم أو الذي يليه، والأمور لن تبقى كما هي الآن؛ فقوة المقاومة تتصاعد، وعنجهية الاحتلال تتزايد، وعليه فالأمور ذاهبة نحو مواجهة واسعة".
ونوه أبو عواد، إلى أنه "ليس من مصلحة المقاومة الفلسطينية أن تخوض مواجهة الآن مع الاحتلال تستنزف قوتها، والاحتلال أيضا غير معني بأي حروب في الفترة الحالية؛ نظرا لأوضاعه الداخلية وشعوره بأن الأمور لم تعد سهلة، وحسم الحرب لم يعد في متناول اليد".
حرب مقبلة
بدوره، بين الخبير السياسي والأمني العميد مصباح أبو كرش، أن "لغة المواجهة التي طرأت في الساعات الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو، هي لغة حاول كل طرف استبعادها عن فلسفة الصراع بينهما في هذه المرحلة، لأنها؛ لغة الاصطدام بالحائط".
اقرأ أيضا: الاحتلال الإسرائيلي يقلص مساحة الصيد بغزة
وأوضح في حديثة لـ"عربي21"، أن "العدو يملك من أوراق احتياجات الشعب المعيشية في غزة الكثير الذي يمكن استخدامه للضغط على المقاومة، التي تحرص على عدم منح العدو الفرصة لاستخدام مثل هذه الأوراق، وتسعى لتحسين الأوضاع المعيشية في هذه المرحلة".
ولفت أبو كرش، إلى أن "ما يحدث الآن، هو شكل من أشكال كشف ساحة الصراع بشكل كبير؛ فحماس ومعها فصائل المقاومة، يطالبون بتنفيذ شروط التهدئة، وهناك تصعيد متصاعد يهدف لتحقيق ذلك، والعدو يضاعف من قصفه بهدف وقف التصعيد المقاوم".
وفي تقديره، رأى أنه "في حال استمرت الأمور على هذه الوتيرة، فلن يفصلنا عن حدوث مواجهة عسكرية إلا أيام معدودات، رغم مساعي الاحتلال للحفاظ على حالة الهدوء في غزة، مقابل تمرير ما هو أهم بالنسبة له في صراعه السياسي مع الفلسطينيين".
ونبه الخبير الأمني، أن "سياسات العدو، كشفت أن أي ضربة عسكرية غير اعتيادية يخطط لتنفيذها ضد غزة، يجب أن تحدث بمشاركة أطراف أخرى معه، وكأنه يريد تنفيذ المشهد وإخراجه على صورة؛ أن النيل من غزة مصلحة استراتيجية للمنطقة".
وبحسب ما سبق، رجح أن "يخضع العدو لشروط فصائل المقاومة حول التهدئة بشكل نسبي، ولا يسمح للأمور أن تتصاعد أكثر من ذلك".
وبشأن فصائل المقاومة في غزة، أكد أنه "لا مجال أمامها إلا مواصلة هذا التصعيد بأشكال متوازنة، تقترب بموجبها من تحقيق هدفها المرحلي المتعلق بتعزيز قدرة غزة على الصمود، وتبتعد في المقابل عن الوصول إلى خيار الحرب، وهذا جيد مرحليا".
وبحسب أبو كرش، "التحدي الأكبر، الذي يطرح نفسه عندما نتحدث عن هذه المعادلة القائمة المزعجة والتي تصب بشكل خطير في صالح العدو؛ هو كيف نستنهض بعض الأوراق المقاومة والتي نتجاوز بموجبها عمليا حدود غزة".
هكذا يحارب الاحتلال نشطاء حملة المقاطعة BDS
جهود إسرائيلية لتفادي "نار" بالونات غزة وتقدير بتصاعد التوتر
ما موقف "نائبة بايدن" من فلسطين والاحتلال الإسرائيلي؟