تطرقت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير ترجمته "عربي21" إلى خطة الضم الإسرائيلية الأحادية لمناطق من الضفة الغربية المحتلة، والتي توقف الحديث عنها منذ حوالي شهر، لكن عودة إحيائها مرتبطة باعتبارات عدة أبرزها الانتخابات الأمريكية المقبلة.
وقال معد التقرير دانيال شابيرو، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل الأبيب، إن الإسرائيليين مشغولون بشكل أكبر في محاولة السيطرة على فيروس كورونا والتعامل مع البطالة التي وصلت إلى 21 بالمئة، لا يعيرون اهتماما لموضوع الضم.
وأظهر
استطلاع للرأي أن 4 بالمئة من الإسرائيليين فقط يعتبرون الضم أولوية للحكومة.
لكن هذا الواقع الذي يجعل معارضي الضم "يتنفسون الصعداء" لا بد أن يعلموا أن هناك "تحديات جمة" من المحتمل أن تعيد تفعيل الحديث عن الخطة التي تهدد حل الدولتين، وصفة "إسرائيل" كدولة يهودية ديمقراطية، ودعم الحزبين الأمريكيين (الجمهوري والديمقراطي) لإسرائيل.
ويضيف أن "المصالح السياسية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولرئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تؤدي إلى المضي قدما في الضم".
اقرأ أيضا: عن الموقف المصري الخجول من خطة الضم الإسرائيلية
وكان نتنياهو يخطط أصلا للقيام خلال الصيف بضم 30 بالمئة من الضفة الغربية المحتلة، تشمل المناطق التي تسمح لإسرائيل بضمها وفقا لخطة ترامب للسلام، المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن".
وضَمِنَ نتنياهو من خلال الائتلاف الحكومي الذي شكله مع شريكه ومنافسه بيني غانتس، من حزب أزرق وأبيض، اتفاقا يسمح له بأن يطرح موضوع الضم أمام الكنيست أو الحكومة، وحتى بدون موافقة غانتس.
لكن ذلك تأثر بعدد من العوامل، فبالإضافة لجائحة كورونا وما رافقها من أزمة اقتصادية، فإن زعماء
المستوطنات الإسرائيلية الرئيسية، والذين سيخدمهم الضم، يعارضونه إن تم في سياق خطة
ترامب والتي تشمل أيضا إقامة دويلة فلسطينية، تلاقي معارضة المستوطنين بأي حجم كانت.
وفي أمريكا عبر الديمقراطيون، عن إجماعهم على معارضة الضم كإجراء أحادي الجانب سوف يضر بحل الدولتين.
والأهم
من ذلك هو أن ترامب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر اشترطا "توافقا إسرائيليا
واسعا" على الضم، لدفع التهم بأنهما يتدخلان في السياسة الإسرائيلية، ولجعل الأمر أسهل
لهما للحصول على دعم الدول العربية، وإهمال معارضة الفلسطينيين للضم.
ومنح هذا الشرط غانتس وشريكه وزير الخارجية غابي أشكنازي، وكلاهما متشكك تجاه الضم، إمكانية
ضغط حقيقي، واستخدما ذلك فوضعا عدة شروط يجب توفرها ليدعما الضم.
ومن
هذه الشروط: يجب أن يصاحب الضم توسيع للمساحات الواقعة تحت سيطرة السلطة
الفلسطينية، ويجب أن تضمن تواصل المناطق بحيث يمكن للفلسطينيين السفر بين المدن
الرئيسية دون مواجهة حواجز عسكرية إسرائيلية، كما يجب أن يكون هناك منافع اقتصادية
للفلسطينيين وإجراءات أخرى لاستقرار الاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك السماح لمزيد
من حركة الناس والبضائع عبر جسر اللنبي وخلال الموانئ الإسرائيلية، ويجب على
المناطق التي يتم ضمها ألا تحتوي على أي فلسطينيين ما لم يتم منحهم الجنسية
الإسرائيلية، ويجب على إسرائيل قبول كل خطة ترامب بما فيها الدعوة لإقامة دولة
فلسطينية.
وكل
واحد من هذه الشروط يعتبر "حبة سم" بالنسبة لنتنياهو، الذي لا يمكنه أن يجعل حزبه
يوافق حتى على أحدها.
اقرأ أيضا: تقدير استراتيجي: هذه خيارات الأردن لمواجهة الضم بالضفة
ويبدو أن الضغط السياسي الإسرائيلي والأمريكي دفن الموضوع. ولكنه قد يعود مرة ثانية ومثل هذه العودة ستكون بسبب "احتياجات ترامب السياسية".
وإلى
حد الآن لم يعر ترامب الموضوع أهمية حيث عانت الولايات المتحدة من أزمة بعد أخرى كشفت عن
فشل قيادة ترامب بما يهدد إعادة انتخابه.
وترك ترامب الأمر لكوشنر لترتيب عوامل الدعم الأمريكي للضم، ولكن ليس هناك دليل على أن الموضوع على بال معظم الناخبين الأمريكيين. ولكن مع اقتراب الانتخابات يمكن لمصالح ترامب أن تتغير. وخاصة أن الاستطلاعات تظهره على أنه خلف بايدين بخمس أو ثماني نقاط، بما في ذلك معظم الولايات المتأرجحة، ومع وجود أكثرية من الأمريكيين الذين لا يؤيدون الطريقة التي تعامل فيها مع جائحة كورونا.
وأفضل فرصة لترامب للتحايل وتحقيق فوز هامشي في الانتخابات هو إعطاء دفعة لحماسة قاعدته ليذهبوا للتصويت بأعداد كبيرة، وفقا للكاتب شابيرو.
ولا يوجد دليل على أن الناخبين اليهود وحتى الذين يمكن أن يصوتوا لترامب "متحمسون للضم". ولكن الحسابات قد تكون مختلفة بالنسبة لجزء أكبر من قاعدة ترامب "المسيحيين الإنجيليين".
وتساءل الكاتب: "هل سيتجاوب الإنجيليون إيجابا مع الضم؟"، قبل أن يجيب بأنه "من الصعب الإجابة عن هذا السؤال".
ويضيف: "بعض الخبراء مثل المؤلف والناشط جويل روزينبيرغ، يقول إنه بالرغم من أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها وجدت ترحيبا كبيرا من الإنجيليين فإن موضوع حدود إسرائيل لا يولد نفس الحماس".
وتابع: "زعماء آخرون مثل جون هاغي من منظمة
(مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل)، حثوا على المضي قدما بالضم والوعد باستخدام ذلك
لحشد أتباعهم".
ويقول
هؤلاء إنه بمساعدة "إسرائيل" تأمين قبضتها على الأراضي التوراتية التي تقف عليها
المستوطنات مثل "بيت إيل وشيلو" وبالحصول على مديح نتنياهو الذي يعجب به الكثير من
الإنجيليين يمكن لترامب أن يحفز الناخبين الرئيسيين.
وليس
مهما ما إن كان ذلك سينجح أم لا، فإن اقتنع ترامب ومستشارو حملته الانتخابية بأن الضم
سيشجع المزيد من الإنجيليين على التصويت حتى لو بنقطة أو نقطتين، وإذا وصل إلى حالة
يأس كبيرة، قد يقرر أنه بحاجة لفعل ذلك.
وقد يؤدي "بحث ترامب عن البقاء السياسي" إلى دفعه "لفرض ضم لم يتبنّه الإسرائيليون أنفسهم"، وفقا للكاتب.
وفي
هذا السيناريو، سيقول ترامب لكوشنر: "أطلب من نتنياهو أن يضم شيئا. ولا تشغلني
أكثر بالتفاصيل". وحينها سيخبر كوشنر الإسرائيليين بأن أمريكا تخلت عن شرط
التوافق داخل الحكومة الإسرائيلية. ويستطيع نتنياهو أن يمضي قدما دون تحقيق شروط
غانتس وأشكنازي.
أما المخاوف
بشأن خسارة دعم الدول العربية والتعاون الفلسطيني فستؤجل على أنها مشاكل يمكن
التعامل معها لاحقا إن نجا ترامب في الانتخابات.
اقرأ أيضا: هآرتس: السلطة تشترط عودة التنسيق الأمني بإلغاء خطة الضم
وفي حال كان التصويت على الضم داخل الحكومة الإسرائيلية بفارق بسيط، فإن نتنياهو في الغالب سيحصل على أكثرية الأصوات التي يحتاجها.
وتساءل: "هل
يمضي نتنياهو قدما؟"، ويجيب بأن نتنياهو يواجه "غضبا شعبيا، ويحاكم بتهم الفساد، إلى جانب احتمال فوز بايدين الذي يوقعه في صدام إذا سارع في الضم قبل الانتخابات الأمريكية".
كما أن نتنياهو على وشك الدعوة لانتخابات رابعة في "إسرائيل" خلال 19 شهرا، وفي تلك الحالة
يكون عليه أن "يحفز ناخبيه". ويتساءل الكاتب: "هل يمكن لنتنياهو أن يرفض عرضا كهذا؟ إن لم يكن أمرا من
البيت الأبيض، للمضي قدما في الضم، بعد أن ربط نفسه بشكل كبير بترامب الذي يتمتع
بشعبية كبيرة بين مؤيدي نتنياهو؟".
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب: "يجب على معارضي الضم ألا يرتاحوا، ويجب أن يستمروا في طرح حججهم
في معارضة تحرك ضار جدا كهذا".
لماذا لا يستطيع ترامب تأجيل الانتخابات في الولايات المتحدة؟
MEE: دول الخليج بين أكبر الخاسرين لو خسر ترامب الانتخابات
كيف قلب فيروس كورونا الانتخابات الأمريكية رأسا على عقب؟