* المعارضة الإريترية لم تتدخل في الصراع الإثني في شرق السودان وهي أوعى من أن تقع في مثل هذا الفخ
* أصحاب الأجندات الخاصة يعملون على شيطنتنا وشيطنة أهلنا في معسكرات اللجوء
* نقدر ونحترم قطر وشعبها وقياداتها لدورها في دعم قضية شعبنا.. ونثمن موقفها في قطع العلاقة مع النظام ووقوفها على الحياد
* النظام حوّل إريتريا لدولة للإيجار لمَن يدفع أكثر وتعيش في القرون الوسطى.. وأفرغ بلادنا من محتواها الحقيقي
* السياسات الممنهجة التي يطبقها النظام منذ فجر الاستقلال تدفع بكل إريتري قادر لمغادرة البلاد
* إثيوبيا غير مؤهلة للعب دور إيجابي في إريتريا.. و"حلف صنعاء" انتهى وفقد حتى وجوده الاسمي
* إريتريا ستكون أول المتأثرين بالصراع الجاري بين القوميات الإثيوبية
* الموقع الجغرافي لإثيوبيا ومصر يقلل من احتمالات نشوب حرب بينهما.. والتصعيد هدفه إيجاد فرص للمفاوضات الجادة
* كثير من دول العالم الكبرى تدعم النظام بكل ما أوتيت من قوة رغم تباكي بعضها على حقوق الإنسان المُهدرة
* النظام الإريتري يخشى كثيرا من عدوى الثورة السودانية.. وليس لديه خيارات أخرى سوى البطش الأمني
* نتوقع بشدة حدوث تغيير مفاجئ في إريتريا ونرجح ذلك على جميع الاحتمالات الأخرى
* بعض قوى المعارضة ستظهر من الداخل ونأمل جاهزية "المجلس الوطني" للتغيير المنشود
* الأوضاع في الداخل الإريتري ووسط الجيش أصبحت لا تُطاق وقد تقوم رتب عسكرية وسطى بمحاولة انقلاب جديدة
توقع
رئيس جبهة التحرير الإريترية (المعارضة)، محمد إسماعيل همد، حدوث
تغيير مفاجئ في الأوضاع ببلاده، لافتا إلى أن هذا الأمر مُتوقع بشدة، وأنهم يرجحونه
على كل الاحتمالات الأخرى.
كما
أشار "همد" إلى احتمالية حدوث انقلاب عسكري جديد ضد النظام الحاكم،
قائلا إنه "يمكن أن تتكرر محاولة الانقلاب التي جرت في 21 كانون الثاني/
يناير 2013 بسهولة ويسر؛ فالأوضاع في الداخل الإريتري ووسط الجيش - خاصة من قبل
الرتب الوسطى - أصبحت لا تُطاق"، مؤكدا أن "بعض قوى المعارضة ستظهر من
الداخل، ونأمل جاهزية (المجلس الوطني) للتغيير المنشود".
جاء
ذلك في الحلقة الثانية والأخيرة من مقابلته الخاصة ضمن سلسلة مقابلات مُصورة
تجريها "عربي21"، تحت عنوان (ضيف "عربي21").
ونفى "همد" تماما صحة ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية السودانية بأن
ما يحدث في شرق السودان من اضطرابات إثنية، تقف وراءه المعارضة الإريترية، قائلا:
"هذا غير صحيح بالمرة، ومَن يردد مثل هذه الاتهامات تحرّكه أجندة خاصة"، مشدّدا
على أن "المعارضة الإريترية لا دخل لها في كل ذلك، وهي أوعى من أن تقع في مثل
هذا الفخ".
وتاليا نص الحلقة الثانية والأخيرة من المقابلة الخاصة مع (ضيف "عربي21"):
كيف استغل النظام الحاكم ووظف حالة عدم الاستقرار في البلاد لصالحه؟ وما تداعيات انفراده بالسلطة لأكثر من ربع قرن بحكومة مؤقتة؟
في
الحقيقة يوجد عدم استقرار في إريتريا؛ فقد حوّل النظام إريتريا لدولة من القرون
الوسطى من السهل السيطرة عليها، حيث لا توجد مؤسسات ولا بنية تحتية حقيقية، كما أن
وسائل الاتصال كالإنترنيت تكاد تكون غير موجودة في مساحات واسعة من إريتريا،
والموجود منها في المدن الكبيرة لا يتم الاستفادة منها، نتيجة ضعفها لتحكم النظام
فيها، وهذه العوامل كلها مجتمعة أفرغت الدولة من محتواها الحقيقي. أما تداعيات ذلك فهو أن البلاد تعيش في حالة من الفقر والعوز والسجون واللجوء.
رغم عدم وجود حرب أهلية في إريتريا مثل بعض بلدان المنطقة إلا أنها لا زالت تتصدر قوائم اللجوء بعد سوريا وأفغانستان، وعلى رأس قائمة الهجرة غير الشرعية، وبيع الأعضاء البشرية.. كيف تنظرون إلى تلك الأوضاع؟
نعم
إريتريا تتصدر البلدان الأكثر لجوءا رغم عدم وجود حرب أهلية فيها، وذلك أن
السياسات الممنهجة التي يطبقها النظام منذ فجر الاستقلال بوتيرة ثابتة تدفع بكل
إريتري قادر لمغادرة البلاد، خاصة فئة الشباب بحثا عن آفاق أرحب وعيش كريم؛
فالتجنيد الإجباري لفترات مفتوحة، بالإضافة للعمل الإجباري للمواطنين بنظام السخرة
والأجواء الخانقة الخالية من أي متنفس والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها
الإريتريون في الداخل، كلها عوامل يخلقها النظام عمدا لأغراض تنفيذ سياساته دون
الوطنية.
وهل يمكن لإثيوبيا أن تلعب دورا إيجابيا لصالحكم خاصة وأن الكثير من تنظيمات المعارضة في كنفها منذ فترة؟ وما هو دور حلف صنعاء عمليا الآن بعد موت علي عبد الله صالح وسقوط البشير وتغيير التيغراي في إثيوبيا بحاكم من الأورومو؟
إثيوبيا
بوضعها الحالي غير مؤهلة للعب دور إيجابي في إريتريا. أما حلف صنعاء فقد تقلص
واقتصر على الطرف الإثيوبي، إلا أنه عمليا كان قد انتهى عندما كان أقطابه فاعلين وعلى
قيد الحياة، أما حاليا فقد حتى وجوده الاسمي.
ما هي تداعيات الصراع بين القوميات الإثيوبية على قضيتكم؟
لا
توجد حاليا تداعيات مباشرة علينا من صراع القوميات الإثيوبية، إلا أنه بالتأكيد
إذا احتد الصراع وخرج عن السيطرة ستكون هناك تأثيرات كبيرة علينا؛ فإثيوبيا دولة
تربطنا بها حدود طويلة، بالإضافة إلى أن هناك تداخلا اجتماعيا عميقا بين جنوب إريتريا
وشمال إثيوبيا، وكل ذلك بالتأكيد سيجعل إريتريا أول المتأثرين بما يحدث في إثيوبيا.
أحد روافد النيل "نهر سيتيت" يمر بإريتريا لهذا كان يجب اعتبارها إحدى دول حوض النيل، وهي كذلك من دول جوار إثيوبيا والأكثر صلة بها قديما وحديثا.. ما تأثير الصراع حول مياه النيل على علاقاتكم في المنطقة؟
لا.
إريتريا ليست من دول حوض النيل، لأن نهر سيتيت مساهمته ضئيلة في النيل، لكن
إريتريا تربطها علاقات تذهب بعيدا في التاريخ مع دول حوض النيل إثيوبيا والسودان
ومصر وبالتأكيد صراع هذه الدولة سيفقد المنطقة استقرارها ونحن جزء من المنطقة، متى
ما تأثرت المنطقة بلا شك سنتأثر نحن أيضا.
وهل تعتقدون أن هناك نذر حرب بين مصر وإثيوبيا؟
في
تقديري أن الموقع الجغرافي لكل من مصر وإثيوبيا يقلل من احتمالات نشوب حرب، كما أن
الهدف من التصعيد أعتقد أنه لإيجاد فرص للمفاوضات الجادة.
ما هو دور المعارضة والنظام الإريتري حول أزمة سد النهضة؟ وكيف تنظرون للمفاوضات الجارية بين جميع الأطراف؟
المعارضة
الإريترية تتمتع بوعي متقدم، لهذا عادةً ما تنأى بنفسها عن الدخول في النزاعات الإقليمية
حتى لا تتحول لورقة في يد أيّ كان، لهذا لا يوجد أي دور للمعارضة الإريترية في ما
يجري من صراع حول سد النهضة، لكنها كغيرها تراقب الوضع وتأمل أن تتجاوز أطرافه
الأزمة بسلام.
أما
بالنسبة للنظام الحاكم في أسمرا فقد حوّل إريتريا لدولة للإيجار لمن يدفع أكثر،
لهذا يحاول أن يجد له موطئ قدم في الصراع يبتز عبره أطراف النزاع، لكنه لم يفلح
حتى اللحظة في تحقيق ذلك.
كيف تنظر لموقف المجتمع الدولي من التغيير في إريتريا؟ وإلى أي مدى هو داعم للنظام الحاكم؟
تعد إريتريا
طوال تاريخها منطقة صراع لموقعها الاستراتيجي، ودائما يتضرر شعبها من ذلك الصراع،
لهذا هناك الكثير من دول العالم الكبرى التي تدعم النظام بكل ما أوتيت من قوة تارة
في العلن وأخرى في الخفاء، رغم تباكي البعض منها في العلن على حقوق الإنسان
المهدرة في إريتريا.
وماذا عن التدخلات الإقليمية في الملف الإريتري؟
بالتأكيد هناك أيضا صراع إقليمي حول إريتريا لموقعها الإستراتيجي، يخرج لاعب إقليمي ليدخل
آخر، والنظام يُشكّل عاملا مساعدا لحدوث ذلك، فكما قلت سابقا قد حوّل إريتريا لدولة
للإيجار لمَن يدفع أكثر، وبعض اللاعبين الإقليمين قادرون على الدفع.
انقسمت الدول العربية والخليجية بعد ثورات الربيع العربي لمعسكرين دخلا في استقطاب محموم في منطقة القرن الأفريقي، وفي إريتريا تحديدا، وحدد الرئيس الإريتري في السنوات الأخيرة خياره مع الإمارات ومنحها قاعدة في ميناء عصب الإريتري، وأصبح وكيلها في المنطقة.. فهل تواصلتم مع المعسكر الآخر الذي تقوده قطر؟ وهل يتم دعمكم من قبلها؟
نعم
أتفق معك بشدة في توصيفك للصراع. إلا أن قطر لا تدعمنا وليست لنا علاقات معها، لكننا نُقدر مواقفها التاريخية في دعم قضية شعبنا حتى حقق استقلاله، لهذا فالشعب
القطري وقيادته أصحاب جميل علينا، ونحن نُكن لهم كل الاحترام والتقدير، كما أننا
نقدر موقفها في قطع العلاقة مع النظام ووقوفها على الحياد، وهي لا تحتاج لمَن يشرح
لها طبيعة صراعنا مع النظام الحاكم في أسمرا، لهذا لم نتواصل معها.
يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات السودانية أن ما يحدث في شرق السودان من اضطرابات إثنية، المعارضة الإريترية وعلى وجه التحديد جبهة التحرير الإريترية وحركة الجهاد حاضرة فيه بكل ثقلها.. هل ما يتردد صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحا لماذا يتم الزج بكم فيه؟
ما
يتردد ليس صحيحا البتة، ونحن نتابع ذلك وسمعنا الكثير من الاتهامات غير الحقيقية،
وبالتأكيد مَن يردد مثل هذه الاتهامات تحرّكه أجندة خاصة، فابحث عن المستفيد
تعرف الحقيقة، فمَن المستفيد من الزج بنا وبأهلنا في معسكرات اللجوء في صراع
المكونات السودانية، هذا الكم الهائل من الشيطنة تقف وراءه بلا شك قوة أكبر من تلك
الأبواق التي تردده. فالمعارضة الإريترية لا دخل لها في كل ذلك، وهي أوعى من أن
تقع في مثل هذا الفخ.
أما
نحن في جبهة التحرير الإريترية يعرفنا الشعب السوداني، وكذلك حكوماته المتتالية
وتاريخنا الطويل يشهد بذلك، ففي الوقت الذي كانت تغتال فيه خيرة قياداتنا في المدن
السودانية من قبل عصابات أسياس أفورقي كنا نمتنع أن نقتص منها في الأراضي
السودانية احتراما للسيادة السودانية، واحتراما للشعب السوداني الكريم المضياف،
رغم أن قيادات وكوادر عصابة أسياس كانت في متناول يدنا لنذيقها من نفس الكأس،
لكننا لم نفعل ذلك، فنحن طوال عمرنا نعرف ميدان معركتنا والحكومة السودانية وأجهزتها
الأمنية تعلم ذلك علم اليقين.
هل يخشى النظام الإريتري من عدوى الثورة الشعبية السودانية التي أطاحت بنظام البشير؟
بالتأكيد
يخشى عدوى الثورة السودانية، وخشيته في الأيام الأولى للثورة كانت كبيرة جدا، واحتار
به الدليل هل يعادي الثورة أم يتماهى معها؟ فلزم الصمت الإعلامي لفترة وضاعف
يقظته الأمنية، واستمرت حيرته إلى أن وقع الاتفاق الذي تخلف أسياس عن حضوره، وهو الاتفاق الذي وقع بين الشق العسكري والمدني عبر الوساطة الأفريقية الإثيوبية، ثم مد
له السودان يده عبر زيارة نائب رئيس مجلس السيادة ثم رئيس مجلس السيادة، ففهم
الرسالة بشكل خاطئ وأراد أن يراهن على المكون العسكري، فأقفل السودان عليه الباب
لفعل ذلك، فعاد مرة أخرى للتعامل مع المكونين كوحدة واحدة، ثم بعد عودته من
السودان خرج في لقاء مطول يتنصل فيه من نظام الإنقاذ، وادعى أنه أكثر المتضررين
منه رغم أنه يدين للإنقاذ بالكثير من أسباب تمكنه.
وما هي الاحتياطات التي يمكن أن يتخذها النظام في أسمرة ليضمن استمراره؟
ليس
لديه خيارات أخرى لأنه لا يجيد أي أمر آخر غير تقوية القبضة الأمنية، والبطش
الأمني،
هل تتوقع حدوث أي تغيير مفاجئ في إريتريا من أي نوع؟ وهل المعارضة جاهزة لهذا التغيير؟
نعم
نتوقع ذلك بشدة ونرجحه على الاحتمالات الأخرى، أما عن جاهزية المعارضة لمثل هذا
التغيير فتكتنفها بعض الشكوك، إلا أننا نأمل كثيرا في المجلس الوطني الإريتري
للتغيير الديمقراطي أن يكون معبرا عن الشعب الإريتري وقواه الحيّة، وبعض القوى التي
ستظهر من الداخل لم يحن الوقت الحديث عنها.
هل محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في 21 كانون الثاني/ يناير 2013 قد تتكرر ثانية أم أن هذا مُستبعد تماما؟
لا.
بالعكس غير مُستبعدة، ويمكن أن تتكرر بسهولة ويسر؛ فالأوضاع في الداخل الإريتري ووسط
الجيش أصبحت لا تُطاق، الأمر الذي يرجح معه أن تتكرر محاولة 21 كانون الثاني/ يناير،
وبالأخص من قبل الرتب الوسطى.
كيف تستشرف مستقبل الأوضاع في إريتريا؟
الشعب
الإريتري عانى في نضاله لمدة ثلاثين عاما في سبيل استقلال وطنه، وعانى كذلك لنفس
المدة في ظل الدولة الإريترية الوليدة التي تحولت إلى جحيم في ظل أبشع أنواع
الدكتاتوريات، لهذا أعتقد أنه لو أتيحت له الفرصة بزوال هذا النظام الذي لا محالة
زائل فسيغتنمها بوعي كبير وسيصنع ربيعه المزهر من كل الخراب الذي أحدثه النظام
وزبانيته.
"جبهة التحرير" تستنكر عرض خارطة إثيوبية تتضمن ملحقا إريتريا