ملفات وتقارير

لماذا تسعى الإمارات لإفشال أي تفاهمات مصرية تركية؟

صحيفة "حرييت" قالت إن الإمارات طلبت من مصر عدم عقد مباحثات مع أنقرة- الأناضول

شكك سياسيون ومحللون مصريون وأتراك في نوايا الإمارات من خطط فتح قنوات اتصال بين مصر وتركيا، لحل مشكلة ترسيم الحدود البحرية المعقدة في منطقة شرق المتوسط.


وانعكس الخلاف التركي الإماراتي على خطوات التقارب المصري التركي، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام تركية، مشيرة إلى وجود "مخطط" إماراتي لعرقلة أي تقارب.


وذكرت صحيفة "حرييت"، أن الإمارات دخلت على خط أزمة شرق المتوسط، وطلبت من مصر عدم عقد مباحثات مع أنقرة، والوقوف إلى جانب اليونان ضدها، مقابل دعم مالي لنظام السيسي.


وأكدت أن المباحثات بين البلدين تجري على مستوى عال بين الأجهزة الاستخباراتية، وفقًا لما ترجمه موقع "عربي21".


وأعلنت اليونان ومصر مطلع آب/ أغسطس الماضي توقيع اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بالجرف القاري للبلدين بالبحر المتوسط، وذلك ردا على اتفاقية مشابهة أبرمتها تركيا وليبيا في تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي.


وفي رده على سؤال بشأن وجود اتصالات مع مصر فيما يتعلق بحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بالجرف القاري للبلدين، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إن "هناك العديد من التطورات المختلفة هنا، على سبيل المثال إجراء محادثات استخباراتية مع مصر أمر مختلف وممكن، وليس هناك ما يمنع ذلك، لكن اتفاقها مع اليونان أحزننا".

فتش عن الإمارات


في معرض تعليقه على الدور الإماراتي، لم يستبعد البرلماني المصري السابق، محيي عيسى، قيام أبوظبي بدور سلبي في القضية، قائلا: "كنا  إلى فترة زمنية قريبة نقول فتش عن أي مصيبة أو كارثة أو فتنة في عالمنا العربي والإسلامي، ستجد خلفها الكيان الصهيوني أو أمريكا".

 

اقرأ أيضا: أردوغان يتناول العلاقات مع مصر واليونان واستقالة السراج

وأردف في تصريح لـ"عربي21": "أستطيع أن أقول الآن؛ إنه منذ وفاة الشيخ زايد بن سلطان، أصبحت الإمارات بقيادتها الجديدة وكيل الكيان الصهيوني فيما يتفجر من فتن وحروب ومصائب بالعرب والمسلمين، بداية من انقلاب مصر، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، مرورا باليمن وتونس وليبيا".


وتوقع أن "تحاول الإمارات إجهاض أي تقارب مصر تركي؛ وستضغط بكل ما أوتيت من مال ونفوذ لتحقيق هدفها؛ فهي تريد مصر ضعيفة فقيرة، وتستغل وجود السيسي، الذي تعلم أنه لن يدوم طول الوقت لتمرير أجندتها".


ودلل البرلماني المصري على حديثه بالقول: "الإمارات ترتب من فترة لإنشاء قناة (خطوط) من أجل تصدير النفط الخليجي إلى أوروبا من خلال ممر إسرائيلي، وهو ما يعني ضربة قوية لقناة السويس الاستراتيجية".

سياسات السيسي غير مشجعة


بدوره؛ قال أستاذ العلوم السياسية، ورئيس أكاديمية العلاقات الدولية، الدكتور عصام عبدالشافي، إن "الحديث عن العلاقات التركية ـ المصرية، شديد التعقيد للعديد من الاعتبارات، في مقدمتها المواقف المتبادلة للنظامين المصري والتركي، وتعدد القضايا المشتركة التي تتناقض فيها الأهداف والمصالح، وتتضارب فيها السياسات مثل العراق وسوريا وفلسطين وشرق المتوسط وليبيا، وكذلك الثورات الشعبية والحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية".


وتوقع في حديثه لـ"عربي21": "ألا تشهد العلاقات بين البلدين أي تطور إيجابي إلا بعد حدوث تغيير حقيقي في النظام المصري؛ لأنه يتحرك وفق أجندة إسرائيلية ـ إماراتية، وتحديدا الإمارات، الممول الأكبر لنظام السيسي، التي تسعى لضرب أي تقارب مصري تركي".

 

اقرأ أيضا: خبراء يرصدون احتمالات توقيع تركيا ومصر اتفاقا بحريا

وأشار عبدالشافي إلى أن "الإمارات تسعى بالأساس لاستهداف النظام التركي وإسقاطه، ولن تسمح بتقاربه مع مصر، لأنها تدرك أن حدوث هذا التقارب سيكون على حساب الملفات التي تستخدم فيها السيسي كأداة وظيفية لتنفيذها".

الإمارات وإسرائيل وجهان لعملة واحدة


واستهجن المحلل السياسي والاقتصادي، يوسف كاتب أوغلو، الدور الإماراتي في المنطقة، قائلا: "الإمارات تستعدي تركيا، وقد ثبت ضلوعها في محاولة الانقلاب الفاشل، وهي تتصرف كممثل لإسرائيل، لذلك بادرت بالتطبيع دون مقابل، وفي ظل تدني العلاقات التركية الإسرائيلية لأدنى مستوى، تحاول الإمارات أداء دور الشريك الإسرائيلي؛ لذلك فإن أي تقارب تركي مصري يعد ضربة لأبوظبي".

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "مصر دولة استراتيجية في المنطقة، وتقاربها مع تركيا سيضر بالحلف الإماراتي الإسرائيلي المصري إذا اكتمل هذا التقارب"، لافتا إلى أنه "على الرغم من جمود العلاقات الدبلوماسية، تنشط في المقابل العلاقات الاقتصادية والاستخباراتية، وهو ما يشجع على الوصول إلى تفاهمات بين البلدين في مسألة ترسيم الحدود البحرية بشرق المتوسط".


ورجح أوغلو إمكانية تجاوز القطيعة الدبلوماسية بين البلدين ولكنها تحتاج إلى وقت، وتقديم تنازلات مؤلمة، وتركيا ترفض طريقة عسكرة الدولة المصرية، ومجيء رئيسها (السيسي) عبر انقلاب عسكري على التجربة الديمقراطية الوليدة، وفتح القنوات الحكومية بين أنقرة والقاهرة لا يحتاج إلى استئناف العلاقات السياسية على المستوى الرئاسي في الوقت الراهن".