أكد رئيس حركة "التوحيد والإصلاح"
المغربية عبد الرحيم شيخي، أن تيار الإسلام السياسي يمتلك الكثير من الفرص لدعم خيار الممانعة والصمود، مشيرا إلى أن فشل بعض تجارب الحركات الإسلامية في امتحان إدارة الحكم من شأنه أن يكون فرصة لإعادة النظر والتعلم.
واعتبر شيخي خلال مشاركة له في ندوة "التيار الإسلامي والمستقبل"، والتي نظمها مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية أول أمس السبت، أن التيار الإسلامي هو مجموع الجهود الجماعية المنظمة التي تأسس أغلبها في القرن الماضي والتي استهدفت إحياء المفاهيم الإسلامية الصحيحة ونشرها والتركيز على مجال أو عدة مجالات الإصلاح ذات الأولوية، مشيرا إلى أن "الحديث عن المستقبل اليوم يجعلنا نطرح سؤال أي مستقبل. هل على المدى المتوسط أو البعيد؟ على اعتبار أن المخاض الذي نعيشه اليوم يجعل نظرتنا غير واضحة على المدى القريب".
ورأى شيخي أن الحركات الإسلامية أمام مجموعة من الفرص يجب أن تستثمرها من أجل الإسهام في الإصلاح: أولها فرصة الفشل كفرصة للخبرة والتجربة للإسهام في الوصول إلى الأهداف.
وقال: "فشل بعض تجارب الإسلام السياسي في تدبير شؤون الحكم أو المشاركة فيه نتيجة استهداف الخصوم، ونتيجة الخطأ في التصور للحكم وطرق تدبيره، وأخطاء في تصور الدولة الحديثة، والمطلوب في هذه المرحلة وفي الممارسة التدبيرية، هذا الفشل إذا أحسن استغلاله سيكون فرصة للمراجعة من أجل تنزيل الأحلام والطموحات، وزيادة منسوب العلمية في التعاطي مع الواقع مع التركيز على الوطنية والمجتمعية والمصالح المباشرة للمجتمعات وللوطن والمواطنين، بالإضافة إلى التعامل الصادق مع الآخر على أساس الخير الذي يكون مشتركا مع مختلف فرقاء الوطن بناء على الوضوح".
أما الفرصة الثانية برأي شيخي فهي فرصة النجاح الجزئي لبعض التجارب كخيارات ممكنة لتقوية الممانعة والصمود، ومنه النجاح النسبي الذي عرفته بعض التجارب التي اعتمدت مقاربات إيجابية في حل إشكاليات الدعوي الحركي والسياسي الحزبي لا سيما في شمال إفريقيا، واعتماد الاجتهادات للنظرة المقاصدية التي تفتح أفقا للتجديد وأفقا للفعل والممارسة الراشدة، وفرصة النجاح الصعب في ظل قمة الإكراهات كما حصل للصمود والممانعة للشعب الفلسطيني ما يعطي للباقي أملا ويحفز غيرهم للمزيد من الصمود، وأيضا نجاح هذه الحركات والتيارات بعدم الانجرار للعنف واستعمال القوة التي يكون أثرها على المجتمع وتكون نتائجها وخيمة في المستقبل.
والفرصة الثالثة برأي رئيس حركة "التوحيد والإصلاح"، هي فرصة ارتفاع منسوب الطلب على الحرية والنزوع الى التحرر، حيث برزت قوة تنامي الطلب على الحرية والاستقلالية داخليا من خلال الاحتجاجات والاستعداد للهجرة خارج الأوطان في سبيل الحرية خاصة إلى اوروبا وتركيا وماليزيا.
واعتبر شيخي أن صمود مؤسسة الأسرة واستمرارها في أداء جزء من أدوارها في التنشئة السليمة والتربية، يمثل أيضا فرصة أخرى يمكن الاستفادة منها في دعم مشروع الإصلاح.
وقال: "رغم التحولات التي تعرفها أسرنا في العالم العربي والإسلامي إلا أن هذه المؤسسة ما زالت مستمرة بحكم ما توفر لها من التعلم والتعليم وعلم الدين وتنامي مؤشرات التدين داخلها، بالإضافة إلى نمو نسبة عمل المرأة داخل الحركات الإسلامية، وارتفاع نسبة التعليم عند الإناث، وهذا الحضور للمرأة والشباب سيكون من الفرص إذا أحسنا استثماره بإيجاد برامج لتأطيرهم واستيعابهم".
وأشار القيادي الإسلامي المغربي إلى فرصة التحول الرقمي وفضاءات التواصل الجديدة التي قال بأنها "كسرت الحدود وأصبح الحضور ممكنا ومتيسرا لحركات الإسلام السياسي والحركات الإسلامية عموما لإعداد مضمون مناسب والمنافس لما يعرض في الساحة".
ولفت الانتباه في ختام مداخلته إلى فرصة مخاض توازنات القوى العظمى والمتقدمة اقتصاديا والتي تعطي مجالا للتيارات الإسلامية أو لاستعادة المبادرة في مجتمعاتنا.
وتناولت الندوة التي جرت عن بعد، برعاية مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية عناصر القوة والضعف داخل التيار، والفرص والتهديدات التي تحيط به، نظرة على سيناريوهات المستقبل المتوقعة، وشارك فيها كل من الدكتور جاسم سلطان، الدكتور محمد الصغير، والدكتور فرانسوا بورجا، والدكتور إدريس ربوح.
يذكر أن حركة التوحيد والإصلاح هي الذراع الدعوية لحزب "العدالة والتنمية" المغربي (قائد الائتلاف الحكومي).