استنكرنا في صبانا شعار "
إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"، وهي عقيدة يهودية تلمودية، وها نحن نعيش في شيخوختنا واقع "إسرائيل من المحيط إلى الخليج".
ففي غضون عدة أسابيع استطاعت إسرائيل أن تطبع وتركّع ثلاث دول عربية (
الإمارات والبحرين والسودان)، ومن المتوقع أن السعودية وغيرها إلى بيت الطاعة الصهيوني متجهة.
صحيح أنه في الغالب تطبيع في مستوى النخبة الحاكمة وبعض النخب الاقتصادية، وما زال
التطبيع الثقافي والاجتماعي والشعبي متجمدا، إلا أن الوقت قد لا يكون في صالح الشعوب المحكومة بالحديد والنار من أنظمة عسكرية وملكية تابعة للمربع الصهيوأمريكي، طلبا للحماية والبقاء.
هرولة الدول العربية نحو تل أبيب تصب في صالح الكيان الصهيوني المحتل على حساب مصالح وثروات ومكانة الدولة العربية مجتمعة. نعم قد تستفيد بعض الأنظمة الحاكمة، لكنه الفتات، أما إسرائيل فلها النصيب الأكبر في أسواق وبترول وموانئ ومليارات الخليج على حساب المصالح والموارد الاستراتيجية
المصرية.
فدور مصر الإقليمي يتآكل تدريجيا بتمدد إسرائيل وأذرعها الخليجية خاصة الإمارات، وموارد مصر المائية والملاحية تتهدد من المشروعات البديلة والأولوية التي ترتب في الخفاء، هذا بخلاف المطامع في المشروعات المائية والبترولية في السودان، كما هو الحال في إثيوبيا، وهو ما يهدد المصالح الاستراتيجية المصرية.
وفوق كل ذلك، تحييد الأنظمة العربية في ملف القضية الفلسطينية وانحيازها في ملف الحركة الإسلامية والإسلام السياسي؛ العقبة الكؤود أمام الأطماع الصهيونية وطموحات الأنظمة سواء بسواء.
في المقابل، الإفادة الوحيدة للأنظمة العربية (ملوكا ورؤساء وأمراء" هي الحماية من الشعوب الغاضبة والبقاء في السلطة غير المستقرة.
على هذه الخرائط المتداخلة يكون السؤال عن دور الشعوب والنخب الوطنية فيها، إسلامية كانت أو مدنية.. أين هي؟ وماذا تستطيع أن تفعل؟
لا شك في أنه كلما زادت وتمددت جسور التطبيع كلما زادت الأنظمة العربية شراسة ووحشية ضد الشعوب ومربعات المعارضة. فقد كان شعار حزب البعث جئنا لنبقى، أيضاً للحفاظ على التطبيع شرط إسرائيل لبقاء الحكام، بمعنى كلما زادت وتمددت جسور التطبيع كلما قلت وانكمشت الحقوق والحريات، خاصة للتداول السلمي للسلطة.
لماذا؟ لأن تداول السلطة سيأتي بحكومات إسلامية أو قومية مستقلة تنحاز لمصالح الشعوب وقضايا الأمة العربية، وفي مقدمتها فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني، لهذا كانت ثورات الربيع العربي. ولعكس هذا كانت الثورات المضادة برعاية صهيوأمريكية وتمويل خليجي، وتنفيذ عسكري دموي قاتل..