نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريرين، سلطت من خلالهما الضوء على إمكانية استمرار الانقسامات الداخلية العميقة في الولايات المتحدة، بغض النظر عن المرشح الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية، واستمرار صعود "الترامبية" حتى في حال خسارة ترامب.
وفي تقريرها الذي يحمل عنوان "الانقسامات الداخلية ستواصل إضعاف الولايات المتحدة بغض النظر عن الفائز في الانتخابات"، وترجمته "عربي21"، قالت الصحيفة إنه عند النظر إلى ما حققه ترامب منذ 2016، نجد أن الولايات المتحدة بصفتها قوة عظمى، أصبحت أضعف مما كانت عليه منذ انتخابه، وصارت أكثر انقساما من أي وقت مضى. ويبدو أن هذا الانقسام لن يختفي بل سيتفاقم بعد ظهور نتائج الانتخابات.
أزمة عميقة
وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة تعاني بالفعل من تراجع سياسي واقتصادي وعسكري، وجاءت جائحة فيروس كورونا لتثبت الفشل الذريع للولايات المتحدة، على عكس الصين التي نجحت حتى الآن في السيطرة على الفيروس.
وفي ما يتعلق بمسؤولية ترامب عن تراجع دور الولايات المتحدة كقوة عظمى، ترى الصحيفة أن الرئيس مسؤول فعلا عن زيادة حدة الأزمة التي كانت الولايات المتحدة تمر بها بالفعل قبل أن يتم انتخابه.
بالإضافة إلى ذلك، فقد شكل النزاع العرقي عاملا مهما في الانقسامات السياسية والثقافية الواسعة في الولايات المتحدة، وهو النزاع الذي تعود جذوره إلى فترة العبودية والحرب الأهلية الأمريكية.
والواقع أن المشاكل العرقية لم تختف أبدا حتى بعد منح السود حقوقهم المدنية، كما تقول الصحيفة، وهو ما جعل فئة من المؤمنين بتفوق العرق الأبيض تتشبث بترامب وتدعمه بكل حماس بغض النظر عن طريقته الكارثية في التعامل مع الجائحة.
وتؤكد الصحيفة أن المسؤولية لا يتحملها ترامب وحده، حيث يقوم خصومه أيضا بتعزيز مشاعر الكراهية عبر هجوم وسائل الإعلام المستمر على ترامب، دون أي ذكر للنقاط الإيجابية في فترة رئاسته، ومنها أنه لم يتخذ أي قرار بشن حرب، على عكس جورج بوش وباراك أوباما.
ويبدو بحسب الصحيفة أن السياسات التي يقترحها بايدن لمعالجة أخطاء ترامب، يمكن أن تكون نسخة عن السياسات السابقة التي أنتجت حروبا لا نهاية لها في الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا.
كما أن الرئيس ترامب، لم يكن مختلفا بتاتا عن الرئيس السابق باراك أوباما الذي ساند بدوره الحكام المستبدين.
اقرأ أيضا: تويتر وفيسبوك يحذران من تغريدة لترامب تشكك بالمحكمة العليا
ولا يبدو أن سياسات بايدن ستكون مختلفة عن سياسات أوباما الذي فشل في إيقاف التدخل العسكري السعودي الإماراتي في اليمن، والذي خلف أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وترى الصحيفة أنه من الصعب على بايدن في حال فوزه بالانتخابات أن يعيد الولايات المتحدة إلى دورها كأقوى دولة في العالم، لأن حقيقة انتخاب ترامب في 2016 تمثل دليلا على أن النظام السياسي الأمريكي أصبح غير فعال.
"الترامبية" مستمرة
أما في تقريرها المعنون بـ"لن تختفي الترامبية حتى لو هُزم ترامب"، أشارت الصحيفة إلى أن المنافسة بين ترامب وبايدن تشبه الحرب الأهلية الأمريكية التي انقسمت فيها الولايات المتحدة إلى شطرين، حيث يتركز أنصار ترامب في الجنوب، وأنصار بايدن في الشمال.
وعلى الرغم من أن الترابط بين فترة الحرب الأهلية والفترة الحالية غير واضح، إلا أن صورة الرجل الأبيض البروتستانتي الإنجيلي الذي يطبق مبادئ القومية الأمريكية التي ظهرت في الجنوب، تشكل جوهر الترامبية، وهي التي استحوذت على فكر الحزب الجمهوري منذ وضع قانون حق التصويت لسنة 1965.
وبعد ما يقرب من أربع سنوات من حكم ترامب المصاب بجنون العظمة، تنتظر غالبية الأمريكيين من مؤيدي حركة "حياة السود مهمة"، بالاضافة إلى قدامى مناصري حقوق السود، هزيمة ترامب بفارغ الصبر.
لكن ترامب نجح سابقا في تخطي مثل هذه العقبات وفقا للصحيفة، كما فعل مع هيلاري كلينتون عندما كان خصومه يتوقعون خسارته.
ورغم أن معظم وسائل الإعلام تصنّفه كحالة شاذة في التاريخ الأمريكي، فإن السبب الوحيد الذي قد يؤدي إلى خسارة ترامب حسب الصحيفة هو جائحة كورونا، وليس شخصيته ومواقفه الشاذة مثلما يروج منتقدوه.
وترى الصحيفة أن ترامب استغل الانقسامات العرقية والثقافية في الولايات المتحدة، ولكنه لم يكن الشخص المسؤول عن ظهورها.
وعلى الرغم من أن التمييز على أساس العرق انتهى رسميا من خلال قوانين الحقوق المدنية في الستينيات من القرن الماضي، إلا أن الحقوق الفعلية التي مُنحت للأمريكيين السود كانت أقل من المأمول وفقا للصحيفة البريطانية.
ماهي خيارات ترامب وبايدن للخروج من الأزمة الاقتصادية؟
FP: فلسطينيو أمريكا بين رفض ترامب والخوف من بايدن
إندبندنت: لو رحل ترامب فمن سيبقى لحماية ابن سلمان؟