* الوضع اليوم في إريتريا يبدو مأساويا وأكثر مرارةً مما كان عليه في عهد المحتل الإثيوبي
* التغيير يتطلب نضالا دؤوبا وتكاتف كل مكونات المشروع الوطني.. والحل لا يكمن في إشعال ثورة مسلحة
* أدعو لاتباع كل الوسائل الممكنة لتغيير الوضع في إريتريا نحو الأفضل وإنهاء النظام الديكتاتوري
* محاولات النظام للاستفادة من رمزية القائد حامد إدريس عواتي ليست جديدة
* نعمل الآن على إحداث تغيير بكل ما أوتينا من قوة من أجل الإسراع لإنهاء الوضع المأساوي الراهن في الوطن
* قادرون على إعادة بناء جبهة التحرير الإريترية.. ولسنا تنظيما سياسيا بل مشروع وطني ملك للجميع
* جبهة التحرير الإريترية وكافة قوى المعارضة خرجوا من حالة الصدمة والهزيمة والانكسار الداخليين
* أكثر اللحظات سعادةً كانت لدى عودتي للوطن عام 1977 وأكثرها إيلاما كانت رؤيتي لسلاح الجبهة محمولا في شاحنات الجيش السوداني
* مشروع جبهة التحرير الإريترية بحجم الوطن ومر بالكثير من المحطات والمرحلة الراهنة هي إحدى محطاته المهمة
* أكبر انكسارات الجبهة تمثلت في تفريطها بالمشروع والوحدة الوطنية ما أدى لتعرضها لضربة من قِبل الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا
قال
نجل قائد الثورة الإريترية، الدكتور كرار عواتي،
إن إحداث التغيير المأمول في بلاده يتطلب "نضالا دؤوبا، وتكاتف كل مكونات
المشروع الوطني المتمثلة بقوى المعارضة الإريترية واتباعها كافة الوسائل الممكنة
لتغيير الوضع في إريتريا نحو الأفضل وإنهاء النظام الديكتاتوري"، مشيرا إلى
أن "محاولات النظام الحاكم للاستفادة من رمزية والده القائد حامد عواتي ليست
جديدة".
وأضاف،
في الحلقة الثانية والأخيرة من مقابلته الخاصة مع "ضيف عربي21"، أن الوضع
في إريتريا يبدو مأساويا وأكثر مرارةً مما كان عليه في عهد المحتل الإثيوبي، فمصدر
الظلم هذه المرة ذوو القربى، مشدّدا على أن "الحل لا يكمن بإشعال ثورة مسلحة".
ودعا
لتقوية العلاقات والاتصالات البينية ما بين فصائل المعارضة الإريترية سواءً التي
هي تحت مظلة المجلس الوطني الإريتري للتغيير الديمقراطي، أو تلك التنظيمات التي هي
خارج المجلس.
"عواتي"،
الذي يشغل منصب نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة التحرير الإريترية،
لفت إلى أن من أولوياتهم خلال هذه المرحلة "النهوض بالجبهة، وتقويتها، للقيام
بدورها النضالي في مواجهة النظام الديكتاتوري القمعي في إريتريا".
وعبّر
نجل قائد الثورة الإريترية عن اشتياقه للعودة مُجددا إلى وطنه، مشدّدا على أنهم يعملون
على تغيير الأوضاع في إريتريا بـ "كل ما أوتينا من قوة من أجل الإسراع لإنهاء
الوضع المأساوي الراهن في الوطن، فإريتريا اليوم يحكمها نظام طارد لأبناء الوطن لا
مستقبل له".
وتاليا نص الحلقة الثانية والأخيرة مع "ضيف عربي21":
ما هي أبرز الانتصارات والانكسارات التي تعرضت لها جبهة التحرير الإريترية؟
تتمثل
أبرز انتصارات جبهة التحرير الإريترية في تمثيلها المشروع الوطني الذي بتجسيده استطاعت
تحرير ما يزيد عن 80% من الأراضي الإريترية وعلى مشارف تحرير كامل التراب الإريتري.
أما
أكبر انكساراتها فتمثلت في تفريطها بالمشروع والوحدة الوطنية، بالتالي تعرضها لضربة
من قبل فصيل الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا بتحالفها مع جبهة وياني تيغراي الإثيوبية.
هل تعتقد أن إريتريا بحاجة لثورة جديدة على غرار ما جرى خلال ستينيات القرن الماضي؟
برغم
أن الوضع في إريتريا يبدو مأساويا وأكثر مرارةً مما كان عليه في عهد المحتل
الإثيوبي، فمصدر الظلم هذه المرة ذوو القربى، إلا أنني لا أعتقد أن الحل يكمن
بإشعال ثورة مسلحة، وإنما يتطلب نضالا دؤوبا وتكاتف كل مكونات المشروع الوطني
المتمثلة بقوى المعارضة الإريترية واتباعها كافة الوسائل الممكنة لتغيير الوضع في إريتريا
نحو الأفضل وإنهاء النظام الديكتاتوري.
أنت حاليا عضو المجلس التشريعي لجبهة التحرير الإريترية، وقد كثر اللغط منذ هزيمتها عام 1981 أمام تحالف الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا وجبهة تحرير تيغراي الإثيوبية.. إلى أين تسير جبهة التحرير الآن؟
دارت
أحاديث كثيرة بعد هزيمة جبهة التحرير الإريترية عام 1981 من جراء ذلك التحالف
التآمري بين الشعبيتين في تيغراي وإريتريا، وجميع تلك الأحاديث بحثت عن إجابات في
كيفية حدوث تلك الهزيمة، وعن المسؤول عن وقوعها، إلا أنه إلى اللحظة لم ترد إجابات
شافية على هذه التساؤلات وتلك الأحاديث، لأن هول الصدمة كان كبيرا برؤية انهيار
المشروع الوطني.
ولكن
وبعد مرور كل هذه السنوات نحن في جبهة التحرير الإريترية وكافة قوى المعارضة الإريترية
خرجنا من حالة الصدمة تلك والهزيمة والانكسار الداخليين، وتجاوزنا محطة البحث عن
إجابات لن تغير الواقع بشيء، عازمين على النهوض بمشروعنا الوطني الكفيل بإعادة
الأمور إلى جادة الصواب ووضع العصابة الحاكمة في إريتريا في موقعها الطبيعي ألا وهو
مزبلة التاريخ.
مرت جبهة التحرير الإريترية بالكثير من المحطات بعضها كان مفرحا لكم والآخر مؤلما جدا، بالنسبة لك أي المحطات كنت فيها أكثر فرحا وأيها كانت أكثر إيلاما لك؟
الحدث
الأكثر إسعادا في تاريخ الشعب الإريتري كان انطلاق الكفاح المسلح بقيادة جبهة التحرير
الإريترية وقائدها حامد عواتي، أما بالنسبة لي فإن أكثر اللحظات سعادةً كانت لدى
عودتي للوطن عام 1977 لأداء الخدمة الوطنية بعد أن خرجت من إريتريا لاجئا قبل 10
سنوات من ذلك.
أما
اللحظة الأكثر إيلاما فكانت رؤيتي لسلاح جيش التحرير الإريتري محمولا في عشرات من
شاحنات الجيش السوداني مارّا عبر شوارع مدينة كسلا في شرق السودان في موكب
استعراضي متعمد من قبل حكومة جعفر نميري لكسر الروح في مناضلي وأنصار جبهة التحرير
الإريترية، وكانت مصادرة سلاح الجبهة الفصل قبل الأخير من فصول التآمر على جبهة
التحرير الإريترية من قبل السلطات السودانية مع الجبهة الشعبية. وتلا ذلك إفراغ
السودان من كوادر الجبهة الفاعلين والمتمرسين في العمل النضالي بتسهيل الطريق لهم
للخروج من السودان إلى دول الهجرة الأكثر بُعدا عن إريتريا في أوروبا وأمريكا.
يقول مؤيدو جبهة التحرير الإريترية إن مشروع الجبهة هو مشروع بحجم الوطن الإريتري وقد مر بالكثير من المحطات، والمرحلة الراهنة هي إحدى محطاته المهمة.. هل من توضيح لهذه النقطة؟
نعم
هذه حقيقة وليست مجرد مقولة فحسب، وأثبتت التجربة صحة ذلك، فبالمقارنة ما بين
إنجازات المشروعين المطروحين في الساحة الإريترية نجد أن مشروع جبهة التحرير الإريترية
هو المشروع الذي أقرته غالبية الجماهير الإريترية والتف حوله الشعب. أما المشروع
المقابل فها نحن نرى نتائجه في إريتريا اليوم، نظام ديكتاتوري أحادي في كل شيء.
وتكمن أهمية هذه المرحلة في مسيرة جبهة التحرير الإريترية ومشروعها الوطني في كيفية
النهوض بهذا المشروع وإعادته إلى مكانته الطبيعية وهي قيادة العمل الوطني مع كافة
مكوناته.
برأيك، هل جماهير جبهة التحرير الإريترية والقائمون على أمرها قادرون على إعادة بناء الجبهة وإعادة الفاعلية لها في ظل الظروف الموضوعية الحالية أم أن الأمر مجرد طموحات لا يدعمها الواقع؟
نعم
قادرون على ذلك بكل تأكيد، فالجميع على قناعة بأن الجبهة ليست تنظيما سياسيا، بل
مشروع وطني وملك للجميع، ويشهد الجميع على ما أنجزه هذا المشروع في مسيرة ثورة
الشعب الإريتري، وكذلك يشهد الجميع على ما حصده الوطن والشعب من المشروع المضاد للمشروع
الوطني الذي طرحه أسياس أفورقي في إعلانه المعنون بـ "نحن وأهدافنا" في
ستينيات القرن الماضي وأخذ بتطبيقه منذ ذاك الحين إلى يومنا هذا.
بصفتك عضو المجلس التشريعي ونائب مسؤول العلاقات الخارجية لجبهة التحرير الإريترية وأحد الفاعلين بداخلها، ما هي أولوياتكم في هذه المرحلة؟
حُددت
أولويات جبهة التحرير الإريترية في هذه المرحلة في المؤتمر الوطني العام العاشر
للجبهة المنعقد في كانون الثاني/ يناير الماضي، وفي مقدمة تلك الأولويات وُضع
النهوض بالمشروع الوطني، وهذا كان شعار المؤتمر، وكذلك من أولوياتنا في هذه
المرحلة النهوض بالجبهة وتقويتها للقيام بدورها النضالي في مواجهة النظام
الديكتاتوري القمعي في إريتريا.
ومن
أولوياتنا أيضا تقوية العلاقات والاتصالات البينية ما بين فصائل المعارضة الإريترية
سواءً التي هي تحت مظلة المجلس الوطني الإريتري للتغيير الديمقراطي، أو تلك التنظيمات
التي هي خارج المجلس.
في عام 2004 قُدمت لك دعوة لزيارة إريتريا لبّيت الدعوة لكنك عدت سريعا، الأمر الذي أثار جملة من الاستفهامات، هل أراد النظام الاستفادة من رمزية القائد "عواتي" عبر احتضانك؟ وكيف تعامل معك بعد أن علم أنك تحمل رسالة شفوية من قيادة جبهة التحرير؟
محاولات النظام
للاستفادة من رمزية القائد حامد إدريس عواتي ليست جديدة، ففي سنين التحرير الأولى
وتحديدا عام 1994 أقدم النظام على مسرحية إعادة دفن رفاة القائد عواتي في مدينة
هيكوتا غرب إريتريا، ثم إقامته لنصب تذكاري للقائد، وأيضا دعوتي لزيارة الوطن
والتي أسميتها "الدعوة الرشوة"، وكل هذا يصب في خانة محاولة الاستفادة
من رمزية القائد واقتران اسمي باسمه، ولكن فات على رأس النظام وزبانيته أن الشعب
الإريتري لم ينسَ أن إقرارهم برمزية القائد عواتي كان على مضض ورغما عنهم، وما
كان إقرارهم إلا للاستفادة من رمزيته.
كذلك فات على رأس
النظام أن تلبيتي للدعوة لا تعني المساومة في الثوابت الوطنية أو المتاجرة برمز
الوطن أو حتى قبول الرشوة لتمرير مآربه، بل إن تلبيتي لها ما كانت إلا لإيصال
رسالة، والاستماع إن كان لدى رأس النظام من جديد يتعلق بمستقبل الوطن، ولكني لم
أجد لا هذا ولا ذاك. ويمكنني القول إن رسالتي وموقفي كانا واضحين ومفهومين لديه،
بدليل أنني خرجت سريعا من الوطن وبذات جواز السفر الصومالي الذي دخلت به.
متى قد تعود مجددا إلى إريتريا؟ وهل لديك حنين للعودة أم لا؟
قطعا
ينتابني الحنين، فأنا أتوق للعودة للوطن، فهو الأرض التي قدم من أجلها الشعب الإريتري
مئات الآلاف من الشهداء، ومن أجلها ضحّى الآباء والأجداد، كما أنه موطن الأهل
والأحبة ومهد الطفولة الأولى.
أما
عن العودة وتوقيتها فهذا مناط على العمل الجاد لتغيير الأوضاع في إريتريا، وسنعمل
على ذلك بكل ما أوتينا من قوة من أجل الإسراع لإنهاء الوضع المأساوي الراهن في
الوطن، فإريتريا اليوم يحكمها نظام طارد لأبناء الوطن لا مستقبل لهم.
ضيف "عربي21": مقابلة مع نجل قائد الثورة الإريترية (شاهد)