تشهد منطقة الخليج العربي خطوات متسارعة نحو وئام خليجي طال انتظاره، وسط حديث عن قرب التوصل لاتفاق بين السعودية وقطر، يقابله تمنّع إماراتي، فيما يتساءل البعض عن موقف مصر وموقعها في الصورة.
وبالتزامن مع توالي الأنباء بقرب التوصل إلى اتفاق، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، اتصالا برئيس الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، فيما كان صهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، يجري زيارة إلى الخليج.
ورغم أن مصر تشارك في حصار قطر إلى جانب السعودية والإمارات والبحرين، منذ منتصف عام 2017، إلا أن القاهرة تغيب بشكل مثير للتساؤلات عما يجري من توافقات بالمنطقة، بما فيها تلك التي يرتقب أن تحدث بين السعودية وتركيا.
وفي حديث لـ"عربي21"، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عبد الله الأشعل: "مصر في هذا العصر أصبحت تحت أرجل كل الأمم لا تملك من أمرها شيئا".
وأضاف: "مصر لديها كل مقومات الدولة العظمى ولكن الحكومات التي تتولى هذه الدولة الكبيرة هي التي تخفض رأسها".
وتابع: "لما حدثت أزمة الخليجية لم تكن مصر طرفا فيها، لكنها ومع ذلك شاركت في حصار قطر".
وحول محددات التحرك المصري حال تصالحت قطر والسعودية، قال الأشعل إن "الأزمة شيء والحصار شيء آخر ويجب الفصل بينهما، والحديث الخليجي الآن عن الأزمة، ومصر ليست طرفا فيها وهي طرف فقط في الحصار، وبالتالي فهي ليست طرفا رئيسيا في المحادثات".
وقال: "السعودية والإمارات لديهما نفوذ كبير على الحكومة المصرية -رغم حجم مصر وثقلها الدولي والعربي- ويقدرون على ضمها لو تمت المصالحة الخليجية".
واستدرك بالقول: "ولكني أعتقد أن مصر ستستمر في فرض الحصار لأن قضيتها قضية أخرى".
وأوضح أن "مصر لن تغير موقفها لسببين، أولهما: إنقاذ ماء الوجه وحتى لا يقال إنها تابعة -هي بالفعل تابعة- وثانيا: لأن مشكلتها مع قطر أن الدوحة تأوي المعارضين لنظام القاهرة وتدعم الخط المعارض له عن طريق الإعلام وغيره".
اقرأ أيضا: FT: من السابق لأوانه توقع مصالحة كاملة في الخليج
وأكد الأشعل أن "هذا ملف مختلف وسيظل قائما لأنه خلاف منذ العام 2013، ويسبق الخلاف الخليجي".
وتوقع أنه "لو انضمت الإمارات للسعودية في المصالحة وهو ما سيحدث، فلن تضغط الدولتان على مصر لقبول المصالحة؛ لأن مصلحتهما ترك الخلاف المصري القطري قائما لاستخدام نظام القاهرة في الضغط على الدوحة".
"تتبع النهج الإماراتي"
من جانبه قال البرلماني المصري السابق، عز الكومي: "لا شك في أن مصر لم تكن لها أي مصلحة في مقاطعة قطر سوى التبعية للسعودية والإمارات، لأنها كانت ترى أن مصلحتها معهما كونهما الدعامتين الأساسيتين للانقلاب".
وفي تصريح خاص لـ"عربي21" أكد الكومي أن "الدور المصري لم يكن له أي تأثير على المقاطعة باستثناء ما قام به الإعلام المصري من السب والشتم والقذف لدولة قطر، والزعم بأن قطر مع تركيا وإيران تقود مؤامرة كونية ضد مصر".
وأضاف: "اليوم رأينا أن هناك مصالحة على الأعتاب قامت بها الكويت وبدعم أمريكي، وهنا نتساءل: أين مصر من هذه المصالحة؟".
ويعتقد الكومي أن "مصر لا شك ستتبع النهج الإماراتي"، لافتا إلى أن "السعودية بدأت تتململ من نهج أبوظبي الذي يسعى لتقزيم المملكة بدخولها في مهاترات مع أشقائها بينما تقوم هي بتحسين العلاقة مع بعض الدول مثل إيران".
ولفت إلى أن "هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن مصر القوة الإقليمية التي كان يحسب لها ألف حساب صارت في ظل نظام الانقلاب تابعا ذليلا لدويلة الإمارات التي تأسست عام 71 وهذا شيء مخز في الحقيقة".
الإخوان
وعلى الجانب الآخر، رأى رئيس حزب "الجيل" ناجي الشهابي، أن أسباب عدم استدعاء مصر لحوار المصالحة الخليجية بالنظر إلى أن "موقف مصر يختلف عن موقف السعودية والإمارات من قطر؛ لأن الخلافات القطرية المصرية عميقة ومتجذرة بسبب علاقة الدوحة المتينة" بجماعة الإخوان المسلمين، وفق زعمه.
وفي تصريح لـ"عربي21"، اعتبر الشهابي أن "الشروط المصرية للمصالحة مع قطر تتطلب أولا: تخلي قطر عن سياستها العدائية لمصر، وأن تفض تحالفها وتبنيها لجماعة الإخوان ومنح قياداتها الإقامة بأراضيها، ووقف سياسة قناة الجزيرة المهاجمة لمصر وقياداتها".
وأضاف: "لذلك لن تستجيب مصر لأي طلب سعودي أو إماراتي بغلق هذا الملف، إذا لم تقلع قطر عن سياستها المعادية لمصر وقياداتها وجيشها".
اقرأ أيضا: كيف تعاطت الصحف الخليجية مع إعلان نهاية الأزمة؟
"التبعية المذلة"
وفي المقابل، فإن نشطاء وسياسيين انتقدوا تجاهل مصر من كل الأطراف الداعمة للمصالحة، وكتب الأكاديمي والمحامي الدولي محمود رفعت عبر صفحته بـ"تويتر": "طار كوشنر من السعودية إلى قطر متجاهلا مصر التي تم إعلان مقاطعة قطر من أرضها في 2017".
وأضاف: "لم يعد اسم مصر يُذكر إلا بإطار التبعية المذلة كمقاطعة قطر أو تسخير الجيش المصري كمرتزقة تحارب بجوار مليشيات مثل حفتر في ليبيا؛ فقط لجيوب جنرالات هدموا ما تبقى من الدولة المصرية".
وأشار الأكاديمي المصري هاني سليمان أيضا إلى تجاهل بلاده، بقوله عبر "فيسبوك": "تقارب سعودي- تركي من جانب، وتقارب سعودي- قطري من جانب آخر، ومصر طبعا بعيدة عن هذا تماما".
وقال السفير السابق، محمد مرسي، إن "باب الاحتمالات يظل مفتوحا على مصراعيه، وكل ما أرجوه أن يكون مشهد إسدال الستار عن نهاية أزمة قطر ودول الرباعية العربية كمشهد رفع الستار عن بدايتها، وأن يستمر التنسيق والتوافق مع مصر حتى النهاية".
هل يستجيب الأزهر للضغوط ويصنف جماعة الإخوان "إرهابية"؟
تساؤلات عن نفقات البنية التحتية الهائلة بعد غرق شوارع بمصر
هذه أسباب تخبط خطوات نظام السيسي إزاء حقوق الإنسان بمصر