مقالات مختارة

ماذا بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض؟

1300x600

من الواضح الآن أن دونالد ترامب لن يكون رئيسا بعد 20 يناير 2021، وهناك أسئلة بشأن مستقبل الحزب الجمهوري ومدى استمرار تأثير ترامب على قيادته. وجزء من التحدي يتعلق بسياسة «الأرض المحروقة» التي يتبناها ترامب بعد أن فشلت محاولاته القضائية ضد الانتخابات في تحقيق أي فائدة له من ورائها. وترامب ينصت إلى نظريات المؤامرة ويكتب تغريدات عنها بشكل متزايد ويتخذ إجراءات قوية في سبيل تسوية النزاعات مع من يعتبرهم أعداء ومن بينهم كثير من المخلصين للحزب الجمهوري.

ففي وقت متأخر من نوفمبر المنصرم، صرح كريس كريبس، مدير الأمن الرقمي في وكالة الأمن الداخلي، وهو أحد المخلصين للحزب الجمهوري، أنه «لا يوجد دليل على أن أي نظام للتصويت قد تم التخلص منه أو على أن أصوات فُقدت أو تم تغييرها أو التلاعب بها». وفي رد على هذا التصريح القوي، كتب ترامب في تغريدة قائلا: إن تعليق كريبس «غير دقيق للغاية»، ثم أعلن أن كريبس مُقال من منصبه. لقد رفض كريبس، مثل كثيرين من مسؤولي الانتخابات «الجمهوريين»، قبول ادعاءات ترامب بأن الانتخابات تم تزويرها لصالح جو بايدن، ولذا نبذه الموالون لترامب واعتبروه عدوا. وأشار جو دي جينوفا، أحد أفراد فريق الدفاع عن ترامب، إلى أن كريبس يجب إعدامه رميا بالرصاص بسبب تأكيده أن الانتخابات كانت سليمة. ومستوى العداء وسط الجمهوريين لا يبشر بخير لمستقبل الحزب ما لم يحدث تطوران: أولهما أن يحتفظ ترامب، رغم هزيمته، بولاء وحماس قاعدته ويتعهد بأن يستمر في المعارضة النشطة لإدارة بايدن ويعلن أنه سيخوض السباق في انتخابات عام 2024. وسيطرته على الحزب ستتعزز ما لم يصب بمرض شديد أو تظهر مشكلات قانونية هائلة، وأي معارضة له سيكون من السهل التغلب عليها. ولم يتضح مدى تمتعه بالتمويل والحماس بما يمكّنه من مواصلة دور زعيم المعارضة، لكن إذا ظل مصرا على لعب دور، فلن يعارضه إلا قلة في الحزب. 

والتطور الثاني، يتمثل في أن تكون إهانة ترامب بسبب الخسارة أمام بايدن مؤثرة لدرجة يبدأ فيها بخسارة الثقة في قدرته على تدشين حملة ثانية وأن يضطر إلى التركيز على تحديات مالية وقانونية كبيرة سيواجهها باعتباره مواطنا عاديا. وفي ظل هذه الظروف، سيدرك أفراد النخبة الجمهورية أنه آن الأوان لتدشين حملات خاصة بهم لإحلال آخر مكان ترامب في الزعامة. وهناك أسماء كثيرة مهتمة بوضوح بخوض انتخابات عام 2024، من بينهم وزير الخارجية مايك بومبيو والسفيرة السابقة للأمم المتحدة نيكي هالي وأعضاء مجلس الشيوخ ماركو روبيو وتوم كوتون وتيد كروز. 

وإذا تحقق التطور الأخير الذي يتم فيه تهميش دونالد ترامب، سيظل هناك رصيد كبير له يتمثل في قاعدة مؤيديه. وهذه ستكون قوة يعتد بها لفترة طويلة مقبلة. وقاعدة مؤيدي ترامب لا تتمثل قوتها في العدد فحسب، بل في الحماس والغضب ضد ما يعتبرونه أميركا النخبوية. وهذه القاعدة تتضمن كثيرين من المسيحيين الإنجيليين الذين يعتنقون القيم المحافظة والمؤيدين المخلصين لإسرائيل. وإذا قرر ترامب أن يقف بثقله مع أحد خلفائه، فسيكون لهذا تأثير حاسم ومرجح لكفة مَن سيخلفه في الزعامة. 

وستتضح أمور كثيرة مع استعداد إدارة ترامب للخروج من السلطة. وحتى الآن يعادي ترامب فريق بايدن ولا يتعاون معه. وإذا استمر في القيام بكل ما في وسعه لتقويض الإدارة الجديدة، فسيظل مرفوضا لدى كثير من الأميركيين. لكن إذا قرر أن يتصرف بشكل مشرّف وأن يقبل الهزيمة، فقد يغادر المنصب برصيد جيد ويجني الثمار لمستقبله. ومازال الناس يشكون في قدرته على القيام بهذا، مما يمثل مأساة للديمقراطية الأميركية.

(الاتحاد الإماراتية)