AA قرر الشعب أن يغير من واقعه السيئ تجاوبا مع قدوم العهد الجديد، فجاء
بمجلس جديد بعد أن رفعت الحكومة يدها عن التدخل في الانتخابات، فلم نسمع شكوى
تزوير ولا اختفاء صناديق ولا التسهيل لمرشحين على حساب مرشحين آخرين، وهذه وان
حسبت للعهد الجديد فإن وزير الداخلية في آخر أيامه بالوزارة يشكر عليها! ولعل هذه
من مميزات الوزير عندما يكون شعبيا متحررا من قيود المشيخة ومتطلباتها! قرر الشعب
التغيير، وأسقط من لم يحترم عادات الناس ومشاعرهم، وأصحاب السوابق، وتجار ذمم
الناخبين، وكانت لفتوى الشيخ الخميس والشيخ النشمي فعل السحر في نفوس الناس، الذين
رفضوا تحقيق رغبات هؤلاء، كما سقطت وبشكل مدوّ تلك النائبة التي ملأت الدنيا صراخا
وعويلا وتوزيعا للسخريات على زملائها ومن دون أي إنجاز يُذكر! ولعل الأداء السيئ
للممثلة الوحيدة للعنصر النسائي في المجلس كان كافيا لتأصيل قناعة عند العموم أن
المرأة لا تصلح لتمثيل الأمة!
لذلك شاهدنا كيف أن النساء
بالأمس حجبن أصواتهن عن بني جنسهن وصوتن للرجال فقط! اليوم وبعد هذه النتائج،
مطلوب من السلطة التغيير..! نعم، التغيير ليس في شخص رئيس الوزراء، فأنا ما زلت
أعتقد أن سمو الشيخ صباح الخالد شخص مناسب لرئاسة الحكومة، لكن التغيير في نهج
التعامل مع مرحلة تشكيل الحكومة ورفض التدخل فيها، أو فرض نظام المحاصصة،
والاهتمام في كفاءة المرشحين للوزارة وقدراتهم على العمل وفق خطة وبرنامج حكومي
معروف ومتفق عليه! لابد أن يكون الوزير المرشح رجل دولة وأن يحمل فكرا إصلاحيا
يدير من خلاله وزارته، ولابد للحكومة أن تستبعد عناصر التأزيم من تشكيلها، خاصة
مثيري الفتن من الطائفيين والعنصريين وأصحاب الفكر المتطرف، وألا تضع فيتو على
المؤدلجين سياسيا بحجة انتماءاتهم السياسية، فهؤلاء أقدر على أداء الأدوار
السياسية المطلوبة من الوزراء لتنفيذ الأجندة الحكومية، والأهم من كل ذلك لابد أن
تأتي حكومة مهمتها التعاون مع المجلس لتحقيق التنمية والإنجازات، وليس كما كانت
تفعل الحكومات السابقة، حيث كانت أولوياتها إفشال أي إنجاز يحسب لمجلس الأمة! لقد
وقع الشيخ صباح الخالد في السابق بأخطاء قاتلة عند تشكيل حكومته، فاختار وزراء تمت
إقالتهم بعد أيام قليلة من أداء القسم، مما يؤكد حاجته لاختيار جهاز استشاري ذي
كفاءة عالية متعدد المدارك والتوجهات، جهاز يعينه على ما لا يفيده لا ما يريده،
جهاز يقول له هذا خطأ قبل الوقوع فيه ولا يوافقه على كل ما يريد! وهنا لابد من توجيه
كلمة للنواب الجدد، فالشعب اختاركم للإنجاز وليس للتأزيم، للتعاون وليس للتهاون،
للعمل بهدوء وليس الصراخ لاختلاق الأزمات! كما أتمنى اختيار رئيس يساهم في جمع
كلمة المجلس لتحقيق الرقابة والتشريع في مواجهة تعنت الحكومة أو تراخيها، ومن
الممكن التوافق على من ترونه مناسبا لتوحيد صفوف نواب المجلس.
اليوم مطلوب من نواب
المعارضة الاجتماع للاتفاق على الخطوط العريضة لخريطة الطريق، اليوم لابد من
التوافق على برنامج عمل مختصر يتم إنجازه قبل الانتقال إلى التوافق على برنامج عمل
آخر، وهكذا! وما لم تتفق المعارضة على التعاون مع بقية أطياف المجلس فيما يمكن
التوافق عليه، فلن يتمكن المجلس من الإنجاز! وان أرادت المعارضة النجاح فلا تبدأ
بالانتقام وتصفية الحسابات القديمة على حساب مصلحة المواطن، الذي فرح بالأمس بسقوط
رموز الفساد من هذا المجلس! وليكن شعاركم «تعاون بلا تهاون»!
(القبس الكويتية)