مضى على انطلاق حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينية 33 عاما، جمعت خلال هذه الفترة، بين مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وممارسة السلطة والحكم، في حين يرى مراقبون أن الحركة تمر بتحديات "جسيمة"، تتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي إضافة إلى الوضع الإقليمي والدولي.
وفي 14 كانون أول/ ديسمبر عام 1987 انطلقت "حماس"، بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الأولى.
وكانت "حماس" تقيم احتفالا سنويا في قطاع غزة، التي تتولى مقاليد الحكم فيه، بذكرى انطلاقتها، لكنها آثرت هذا العام الاحتفال إلكترونيا تحت شعار "فلسطين عهدة الأحرار"، بسبب تفشي وباء كورونا.
مراكمة القوة و"المصالحة"
يرى عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، سهيل الهندي، أن حركته وعبر سنوات عملها، "أعادت للقضية
الفلسطينية حيويتها، وأصبحت متجذرة
في هذه الأرض سياسيا وعسكريا وأمنيا واجتماعيا، وهي قوة مؤثرة ليس على الصعيد المحلي
فقط بل على الصعيد الإقليمي والدولي".
ونبه
في تصريح خاص لـ"عربي21"، إلى أن حركته "تراكم القوة ليوم الفصل مع هذا العدو (الاحتلال الإسرائيلي)
المجرم، ونحن على يقين أن هذا اليوم قريب"، موضحا أن حركته "ليس لديها الإمكانيات
التي يمتلكها العدو، ولكنها تملك التصميم والإرادة لتلقين هذا العدو الدرس تلو الدرس،
والنصر قاب قوسين أو أدنى".
وتحدث عن سعي حماس لتحرير الأسرى عبر صفقة تبادل مع الاحتلال، مشددا على أنه "لا يمكن الإفراج عن جنود العدو الأسرى إلا بالإفراج عن أسرانا، وكما حدث في صفقة "وفاء الأحرار1" (صفقة الجندي جلعاد شاليط) في عام 2011 نريد صفقة "وفاء الأحرار2".
اقرأ أيضا: حماس: مستعدون لاستئناف الحوار الفلسطيني
وأعرب عن رفض حركته لما يروجه الاحتلال بشأن عدم إمكانية الإفراج عن أسرى ممن يطلقون يصفونهم "الملطخة أيديهم بالدماء"، واعتبر أن حديث قادة الاحتلال في هذا الجانب ما هي إلا "أحلام".
وقال: "نبشر الأسرى بأن لدى حماس كنزا ثمينا، ولا يمكن أن نفرط بأسرانا، وحماس مصممة على تحرير كافة الأسرى مهما طال الزمن".
وشدد القيادي بحماس على أن حركته "تنظر إلى مصلحة الشعب الفلسطيني"، منوها إلى أنها تحمل "رسالة الوحدة الوطنية، لأنها أساس في مواجهة الاحتلال والانتصار عليه".
وقال: "حماس من اليوم الأول مدت يدها للمصالحة، وكانت هناك خطوات متفق عليها مع الإخوة في فتح، ولكن نقطة الخلاف كانت حول تنظيم الانتخابات، نحن من جانبا، نريد انتخابات متزامنة للمجلس الوطني والتشريعي والرئاسة الفلسطينية، أما فتح فتريد تلك الانتخابات على التراتب؛ تبدأ بانتخابات المجلس التشريعي ومن ثم الرئاسية وبعدها المجلس الوطني".
وأعرب الهندي عن أمله في أن تلتزم "فتح والسلطة الفلسطينية بكل ما يلتزم به الكل الفلسطيني والفصائل الفلسطينية، وأن تنعقد لقاءات قريبة لجسر هذه الفجوة، من خلال مشاركة كافة الفصائل".
"التطبيع
عار"
وفي
رسالة أخرى أكد الهندي، على حرص حركته على
"إقامة علاقات طيبة مع الدول العربية وأحرار العالم، وجمع الأمة العربية والإسلامية
حول موقف واحد من أجل تحرير فلسطين؛ من بحرها إلى نهرها".
وعن
استمرار قطار التطبيع العربي الرسمي بعد إعلان تطبيع المغرب مع الاحتلال مؤخرا، أكد
أن "التطبيع، هو رسالة عار على المطبعين، وهو بحاجة إلى موقف فلسطيني وطني وعربي
وإسلامي موحد من الجميع، كي نواجه التطبيع بكل قوة".
ويرى أن المطبعين "لن يجنوا إلا صفرا كبيرا، لأن التاريخ يثبت أن هذا العدو غادر ولا يحترم الاتفاقيات ولا المواثيق ولا المعاهدات".
وطالب كافة الدول التي طبعت مع الاحتلال بـ"التراجع عن ذلك؛
لأن التاريخ لن يرحمهم، وعليهم العودة إلى رشدهم وإلى أمتهم وشعوبهم".
تجرية
حماس في المقاومة والحكم
وحول
رأيه في تجربة "حماس" في المقاومة والحكم، أكد الكاتب والمحلل السياسي إياد
القرا، أن "من أصعب القضايا التي عايشتها حماس، الجمع بين الحكم والمقاومة، وهذا
غير سهل بالتأكيد".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "الحكم مرتبط بإدارة المجتمع، بينما المقاومة
مرتبطة بموقف وسلوك حماس وتطويرها لذاتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وقد نجحت
في ذلك بشكل كبير جدا، ويشهد لها أنها استطاعت أن تصبح مقاومة قوية قادرة على إيلام
الاحتلال، وتفرض معادلات في مراحل مختلفة بإمكانيات متعددة، تمكنت من تطويرها عبر الاعتماد
على الذات، إضافة إلى علاقتها مع العديد من الأطراف والجهات لدعم المقاومة".
ولفت
القرا، إلى أن "حماس استطاعت أن تقف في وجه كل المحاولات التي هدفت إلى إقصائها
من المشهد؛ سواء من خلال الحروب والتصعيدات أو حتى على الصعيد السياسي، ولكن حماس بقيت
صامدة وقادرة على تجاوز هذه المحن والوصول إلى مرحلة مهمة تمر بها حاليا".
وأما
في ما يتعلق بالحكم، فرأى أن "الأمر كان صعبا جدا، لأن الاحتلال واللجنة الرباعية
أرادتا أن تجبرا حماس على ترك الحكم بالرضوخ لشروطهم ومن بينها الاعتراف
بإسرائيل ونبذ الإرهاب، وهذا يتناقض مع مبدئها القائم على المقاومة، لذا فقد كانت معاقبة
الشارع الفلسطيني على انتخاب حركة حماس كما حدث عام 2006، بالحصار المستمر حتى يومنا
هذا".
وتابع:
"هم يريدون مقابل إشراك حماس في الحكم، أن تتخلى عن مشروعها المقاوم"، معتبرا
أن "حماس في الجمع بين الحكم والمقاومة، نجحت إلى حد ما في مرحلة معينة، لكن
هذا عبء كبير جدا ومن الصعب الاستمرار والقيام به، لذلك كان القرار عند حماس في مرحلة
معنية بالتخلي رسميا عن الحكم، والإبقاء على السيطرة على قطاع غزة، لكنها بقيت تتحمل
المسؤولية عن إدارة القطاع المحاصر".
من جانبه،
أكد الكاتب والمحلل السياسي، محسن أبو رمضان، أن "حماس استبسلت في مجال المقاومة
وقدمت الكثير التضحيات، ولكن ذلك ليس باتجاه خلق تراكمات معينة في عناصر القوة من أجل
استكمال عملية المقاومة ودحر الاحتلال، بما يتعلق بإمكانية تعديل موازين القوى".
اقرأ أيضا: خلفان يدعو لدولة إسرائيلية بأغلبية عربية.. ويهاجم حماس
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "حماس استثمرت ذلك جيدا في انتخابات 2006، وبالتالي
دخلت المجلس التشريعي والنظام السياسي الفلسطيني، وأصبح الحكم قضية مركزية بجوار المقاومة
التي أصبحت تدافع عن قطاع غزة في وجه عمليات الاحتلال العدوانية المتكررة، وتدفع حماس
في اتجاه الحفاظ على الحكم في القطاع مقابل هدنة أو تهدئة طويلة الأمة تؤدي إلى تسهيلات
اقتصادية ومعيشية وإنسانية".
ونوه
أبو رمضان، إلى أن "حماس مارست المقاومة ولكن الاستثمار تم في تعزيز حكمها في القطاع
بعد أحداث الانقسام 2007، والآن تناور من أجل تثبيت هذا الحكم ضمن شعارات التهدئة وغيرها من الأمور التي يمكن أن تساهم في فك الحصار عن القطاع وتقديم تسهيلات لأبناء القطاع"،
معتبرا أن "استمرارية حكم حماس أصبح قضية مركزية في ذهن قيادة الحركة".
أهم
التحديات التي تواجه حماس
وعن
أهم التحديات الداخلية والخارجية، ذكر الكاتب القرا، أنه "لا شك أن حماس واجهت
صعوبات كبيرة منها: عدم تعاون حركة فتح في إدارة القطاع، وهذا وضعها أمام تحد داخلي
يتعلق بتوفير احتياجات المواطنين في ظل الحصار الصعب".
وعلى
الصعيد الخارجي، "ما زالت حماس تواجه صعوبة في علاقاتها مع بعض الدول مثل السعودية، وهو تحد كبير جدا يهدف إلى ثني الحركة عن مشروع مقاومة الاحتلال، وهو التوجه
الذي تتباه عدد من الدول العربية في ما يتعلق بالتعاون مع حماس، كما أنه تتم معاقبة قيادتها
وعناصرها في تلك الدول ومحاكمتهم كما يحدث في السعودية والإمارات".
وإضافة
لما سبق، فقد ذكر المحلل السياسي أبو رمضان، أن "من أهم التحديات: الحصار وحالة المقاطعة
المفروضة عليها وشروط الرباعية، إضافة لتصنيفها حركة مدرجة على قائمة الإرهاب، وعدم
الاعتراف بشرعيتها رغم أنها صعدت عن طريق الانتخابات".
ونبه
إلى أن رفض حماس لشروط الرباعية الدولية أدى إلى "حصار حماس والشعب الفلسطيني
في القطاع"، منوها إلى أن "هناك أيضا تحديي المصالحة الداخلية، وعدم التقدم في
هذا المجال"، محملا في ذات الوقف "طرفا الانقسام المسؤولية في هذا الجانب
بتفاوت نسبي، علما بأن تحقيقها سيترتب عليه تغيير في هيكلة الحكم في غزة".
وتابع:
"هناك أيضا تحد يتعلق بإمكانية مشاركة حماس في منظمة التحرير، وهو مشروط بإمكانية
تقديم تنازلات في قطاع غزة"، لافتا إلى أن من بين أهم التحديات "نقص
التمويل".
بعد الكشف عنها.. كيف يستفيد الفلسطيني من "بيانات الملكية"؟
ما انعكاسات المصالحة بين الدوحة والرياض على اليمن؟
لماذا تتشدد السلطة بمصالحة حماس وتتساهل مع الاحتلال؟