اتجهت البعثة الأممية إلى خيار اللجنة الاستشارية لتجاوز المأزق الذي واجهه ملتقى الحوار السياسي وذلك بعد فشل الاتفاق على آلية اختيار أعضاء السلطة التنفيذية.
رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني ويليامز، والتي قررت أن توسع دائرة المشاركة في ملتقى الحوار ليصل العدد إلى 75 عضوا، قلصت صلاحية تخطي المختنق الذي واجهه الملتقى إلى خمس العدد الإجمالي، وقد تتحمل اللجنة الاستشارية مسؤوليات أكبر لتصبح هي الملتقى بديلا عن العدد الإجمالي.
تمثيل الممثلين
اقتضت مقاربة ستيفاني ويليامز أن يكون عدد أعضاء اللجنة الاستشارية خمسة عشر عضوا، يتم اختيارهم عبر التزكية من قبل كافة أعضاء الملتقى، بواقع ثلاث تزكيات لكل مرشح لعضوية اللجنة، ما يعني أن العدد سيكون 25 مرشحا، تختار منهم البعثة 15، وذلك وفق معايير فرضتها البعثة، من أهمها التمثيل الجهوي.
وتختلف أعمال اللجنة الاستشارية عن اللجنة القانونية المشكلة من ثمانية عشر عضوا من بين أعضاء الملتقى السياسي، ذلك أن دور الأخيرة متابعة أعمال الجهات المعنية بمسودة الدستور، وهو ملف أقل جدلية في الوقت الراهن من ملف تشكيل السلطة التنفيذية، المجلس الرئاسي ورئاسة الحكومة، وينبئ بالفارق آلية تشكيل الأولى والذي كان بالترشيح، وشابه جدل اضطر رئيسة البعثة بالإنابة إلى الضغط لحسم الترشيحات.
دوافع وأسباب
كان من المفترض أن تنسحب ستيفاني ويليامز من وظيفتها بعد أن قرب أجل التفويض الممنوح لها على الانتهاء، غير أن اعتذار الدبلوماسي البلغاري، نيكولاي ملادينوف، المرشح لمنصب المبعوث الخاص للأمين العام، دفع بويليامز إلى واجهة الأحداث من جديد، علَّها تنجح في وضع بصمتها على حل مرتقب للنزاع الليبي.
الضغوط التي تمارسها ستيفاني من جديد ربما لها علاقة بمخاوف تتعلق بالوضع السياسي والأمني والعسكري الهش في البلاد، فهناك قلق من اندلاع مواجهات قد تتسع رقعتها وتزاد ضراوتها، فحفتر الذي يواجه عزلة ولا يفقه إلا لغة الحرب لفرض إرادته متحفز لمغامرة عسكرية جديدة، ويدرك حلفاؤه سواء الإمارات أو روسيا أن استمرار الوضع على هذه الشَّاكلة لن يحقق لهم المراد.
المسارات الموازية
قد لا تهتم ويليامز كثيرا بمن يشغل مناصب السلطة التنفيذية، سواء أعضاء المجلس الرئاسي أو رئيس الحكومة، بمعنى أنها لن تتحفظ على من ستفرزهم آليات الاختيار، لكنها بالقطع لن ترضى عن أي مسارات موازية لأنها ستفشل جهودها، فهي ترى أنها حققت الكثير وبقي القليل لبلوغ الإنجاز الكبير.
وتحدثت مصادر إعلامية دولية عن اقتراح السراج الإبقاء على المجلس الرئاسي الحالي وإعطاء حفتر صلاحية اختيار رئيس الحكومة، وقد أكد هذا المقترح بعض أعضاء ملتقى الحوار السياسي ومتنفذون في جبهة الوفاق.
الضغوط التي تمارسها ستيفاني من جديد ربما لها علاقة بمخاوف تتعلق بالوضع السياسي والأمني والعسكري الهش في البلاد، فهناك قلق من اندلاع مواجهات قد تتسع رقعتها وتزاد ضراوتها، فحفتر الذي يواجه عزلة ولا يفقه إلا لغة الحرب لفرض إرادته متحفز لمغامرة عسكرية جديدة، ويدرك حلفاؤه سواء الإمارات أو روسيا أن استمرار الوضع على هذه الشَّاكلة لن يحقق لهم المراد.
مثل هذا المسار سيكون مقلقا جدا للبعثة، ومن خلفها عواصم غربية شديدة الاهتمام بالمسألة الليبية، والتي ستجد نفسها ترقب تطورات كبيرة قد لا تسير وفق رؤيتها.
صحيح أنه من العسير تمرير أي مسار مواز دون موافقة البعثة والأطراف الغربية، إلا أن مثل هذه المسارات ستزيد من تعقيد الأزمة وتعزز من فرص روسيا في خلط الأوراق وفرض خيارات لا ترضى عنها العواصم الغربية.
مأزق ملتقى الحوار
وصول التفاوض إلى عنق الزجاجة، وتعثره، وإعلان بعض أعضاء الملتقى عن صعوبة التوصل إلى توافق وتسوية شاملة، إنما يعكس المأزق الحقيقي للتفاوض وهو عدم تهيؤ الظروف للتسوية.
حفتر ما يزال عقبة رئيسية أمام توافق متوازن وعادل، فجبهة الوفاق المنتصرة في الحرب تعاملت ببراغماتية وقبلت بالتفاوض وقدمت تنازلات مهمة، فيما يحاول حفتر المناورة لعل الظرف الإقليمي والدولي يرمي له طوق نجاة يحقق به حلمه في حكم البلاد، أو يمكنه من التحكم في قيادة المؤسسة العسكرية، كمرحلة تسبق التحكم في القرار السياسي. وهذا ببساطة يعني أن ملتقى الحوار سيكون رهين نوايا حفتر وحلفائه، إلا أن تتبنى الإدارة الأمريكية الجديدة مقاربة حاسمة تشل أو تضعف دور الحليف الاقليمي والدولي لحفتر في النزاع الليبي.
ماذا يعني اعتماد سعر صرف 4 دنانير للدولار للاقتصاد الليبي؟